"الولائم المسمومة" تتمدّد مالياً وسياسياً | أخبار اليوم

"الولائم المسمومة" تتمدّد مالياً وسياسياً

| الثلاثاء 21 فبراير 2023

الراي- يَمْضي المسؤولون في بيروت بـ «الرقص فوق رؤوس الثعابين» فيما تتمدّد «الولائم المسمومة» مالياً وسياسياً، مُنْذِرة بمزيد من تهشيم بقايا الدولة التي باتت أشبه بـ «هيكلٍ عظمي».
وارتفع منسوبُ القلق أمس في ظلّ غيابٍ أي إشاراتٍ لإمكان سحْب فتائل الانفجار الكبير وتبريد «برميل البارود» بمكوّناته المالية التي يختصرها الانهيارُ المستطير، والسياسية التي يختزلها الفراغُ المستحكم في رئاسة الجمهورية بوصْفه آخِر تجليات الصراع القديم - الجديد في لبنان وعليه.
فـ «الأسبوعُ العصيبُ» انطلق بمؤشراتٍ إلى أن الأفقَ المقفل يزداد انسداداً في ظل استمرار الأبوابِ موصدةً أمام أي اختراق قريب في «الأزمة الأمّ» التي يشكّلها الاستحقاق الرئاسي الذي تحوّل «القفلَ والمفتاحَ» في واقع «بلاد الأرز» باعتباره المقياس لمدى خروج «بلاد الأرز» من تحت «الجناح الإيراني» الذي تعتبر عواصم اقليمية وغربية أن لبنان جنح نحوه تدريجياً منذ تَدَحْرُج المَطاحنة على ضفتْي 8 و 14 اذار ابتداءً من 2005.
ولم تَعُد مختلف القطاعات تكتم أن وحدها «صدمة كهربائية» في الملف الرئاسي من شأنها إخراج الوطن الصغير من «الموت السريري» الذي يشي بتحويل لبنان، الفكرة والصيغة والكيان والنظام، «من الماضي»، وسط مخاوف متعاظمة من أن يتلاشى الاهتمام الخارجي وأن يحيل «التطبّع» المحلي مع الانهياراتٍ المتشابكة والمتناسلة الأزمةَ اللبنانية إلى... النسيان.
والأكثر تعبيراً عن «الخطر الوجودي» الذي يواجهه لبنان، الذي عاش الأسبوع الماضي ما بدا «دفعةً على الحساب» في اضطراباتٍ على حافة الفوضى الشاملة، جاء على لسان شركاء الإنتاج (أصحاب عمل وعمّال ومهن حرة) والقطاعات الحيوية والتربوية الذين أطلقوا خلال اجتماعٍ دعا إليه الاتحاد العمالي العام «النفير العام» تحت شعار «انقذوا الوطن عبر انتخاب رئيس للجمهورية»، محذّرين «لن ينقذ أحد لبنان، الإنقاذ نصنعه نحن، وإلا بلدنا مهدَّد بالنسيان، فكثيرة هي البلدان التي نُسيت ودخلت دوامات فقرٍ وعنفٍ وفقدت اهتمام العالم فيها»، ومؤكدين انه «نداء استغاثة من الوجع والخوف من الانهيار وضياع الكيان، ودعوة للذهاب فوراً لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة لديها كل الإمكانات والدعم والاحتضان».
وأتى هذا الموقف فيما كان الشارع يستعدّ لتحرّك نفّذه عصراً في محيط البرلمان الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين «لمواجهة وإسقاط السياسة النقدية التدميرية للبنية الاقتصادية للمجتمع وسياسة إفقار الناس وتجويعها»، وذلك بعدما شهدتْ طرابلس تظاهرةً أمام مبنى مصرف لبنان لعمال بلديّتيْ طرابلس والميناء حيث أغلقوا بواباته ومَنَعوا الدخولَ والخروج منه، وأضرموا النار بالإطارات وحاولوا كسر البوابة الرئيسية احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم على أساس سعر منصة «صيرفة» (بعد تحويلها من العملة الوطنية إلى الدولار على سعر 44 ألف ليرة وبما يتيح لهم صرْفها في السوق الموازية وفق دولار فوق 80 ألفاً) أسوة بموظفي القطاع العام.
ومع اتجاه الأنظار إلى كيفية بدء تطبيق تسعير المواد الغذائية في السوبرماركات بالدولار وما يمكن أن تحدثه من فوضى على كونتوارات الدفع في حال عدم تبلور آلية مرنة وواضحة لسعر الصرف في السوق السوداء والذي يتبدّل على مدار الساعة، لم تحمل الساعات الماضية معالمَ اقتراب الكباش بين القضاء والقطاع المصرفي من مَخارج تتيح للبنوك اللبنانية وقف إضرابها الجزئي المفتوح والمستمرّ منذ نحو أسبوعين، وتالياً الإفساح أمام المصرف المركزي لتنفيذ تدخُّل بما بقي له من أدواتٍ لمحاولة لجم انفلات العملة الخضراء وسحقها الليرة ومعها لفئات جديدة من اللبنانيين تعاند السقوط تحت خط الفقر والبؤس الذي لا ينفك حزامُه يتّسع.
وبعدما كان مقرَّراً عقد اجتماع في السرايا الحكومية يضم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزيرَي المال يوسف خليل والاقتصاد أمين سلام لإيجاد حلّ للملف القضائي الخاص بالمصارف والدعاوى بحقها في لبنان، تم إرجاء هذا اللقاء في تطوُّرٍ اعتُبر مؤشراً إلى أن طريق الحلّ مازالت غير سالكة.
في موازاة ذلك، ساهمتْ الاعتراضاتُ المتعددة الاتجاه على التطبيع مع الشغور في رئاسة الجمهورية والاستنكافِ عن دعوة مجلس النواب لممارسة واجبه بانتخاب الرئيس بعدما رسا عدّاد جلسات الـ «لا انتخاب» على 11 (كان آخرها قبل أكثر من شهر) في الإطاحةِ بالجلسة التشريعية التي كان رئيس البرلمان نبيه بري يعتزم الدعوة إليها هذا الأسبوع.
وإذ شكّل رفْضُ «التيار الحر» عقد الجلسة العنصرَ «الكاسِر» لنصابها والذي غلّف أي التئامٍ لها بـ «عيْب» فقدان الميثاقية في ظل مقاطعتها من الكتلتين المسيحيتين الأكبر (القوات اللبنانية والتيار)، فإن البيانَ الذي صدر بعد اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب أمس بدا بمثابة محاولة لإبقاء «ربْط النزاع» الناعم، متفادياً تبرير عدم الدعوة إلى الجلسة بمعيارِ الميثاقية أو بمواقف الكتل المعترضة ومكرّساً حق مجلس النواب في التشريع.
وبعدما سرت أجواء عن أن بري سيدعو للجلسة وليتحمّل من لا يحضر المسؤولية، أَعلن نائب رئيس البرلمان الياس بوصعب عقب الاجتماع «مع تأكيد حق المجلس في التشريع كما حصل سابقاً، فإن صيغة قانون الكابيتال كونترول وفق ما صدر عن اللجان المشتركة يجب أن تُقرن بخطةٍ شاملة، وبالتالي تَقَرَّرَ إرجاء موعد مكتب المجلس إلى وقت لاحق».
ومع تطيير الجلسة التشريعية تتجه الأنظار لكيفية اجتراح آلية للتمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يحال على التقاعد نهاية الجاري، وترغب قوى سياسية عدة في بقائه بمنصبه، وسط تَحَوُّل هذا الملف أحد «الأضرار الجانبية» للمكاسرة السياسية - الرئاسية.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار