100 راتب لموظّف القطاع العام شهرياً وإذلال الناس وسيلة للحكم من على أعلى الكراسي! | أخبار اليوم

100 راتب لموظّف القطاع العام شهرياً وإذلال الناس وسيلة للحكم من على أعلى الكراسي!

انطون الفتى | الثلاثاء 07 مارس 2023

مصدر: ذهنيّة سلطوية تعتبر أن المعاملة الإدارية وسيلة لممارسة نفوذها

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

إذا كانت الإصلاحات الكبرى مستحيلة في الوقت الحالي، فماذا عن تلك الداخلية الصغرى، والتي تُفيد الجميع، والتي لا ترتبط بأي شروط أو مطالب خارجية، بل تحتاج الى نوايا "محليّة" طيّبة، لا أكثر، لا سيّما في زمن الانهيار المالي والاقتصادي.

 

نقلة نوعيّة

فأي بلد يُنتَظَر منه تحقيق نقلة نوعيّة، فيما هو لا يزال متمسّكاً حتى الساعة بواقع أن إنجاز معاملة واحدة داخل إحدى مؤسّساته العامة، قد يحتاج المرور بما لا يقلّ عن 4 أو 5 أشخاص (وأحياناً أكثر بكثير)، بين سؤال، وتوقيع، وعودة الى الشخص الأول، وسؤال، وسؤال، وتوقيع آخر، ومزيد من التدقيق، ومن ثم الحصول على توقيع آخر، و...؟

وأي بلد يُنتَظَر منه مكافحة الفساد، فيما هو لا يزال متمسّكاً بحالة تمدّد العمل بزمن الرشاوى في قطاعه العام، والرشاوى المقنَّعَة، والمجهود الكبير الذي يتوجّب على المواطن أن يتكبّده بين "طلاع ونزال"، و"روح ورجاع" (أحياناً بعد أكثر من شهر)، بين فرع المؤسّسة العامة في هذه المنطقة، أو تلك، وهو ما يزيد من أعباء تكاليف البنزين والمواصلات، بينما يمكن الانتهاء من إنجاز المعاملة خلال ثوانٍ معدودة.

 

100 راتب

قد نفهم أن إعادة هيكلة القطاع العام تحتاج الى قرار سياسي وحزبي كبير. ولكن ماذا عن ضرورة التخفيف من الإجراءات التي تجعل المواطن في حالة من العذاب، وكما لو كان محجوزاً في غرفة تعذيب، قبل أن يُنجز معاملته؟ وماذا عن وجوب التخفيف من أسباب تمديد زمن الرشاوى، التي توفّر لموظّف القطاع العام 100 راتب في الشهر، الى جانب ما يحصل عليه من دولة فاسدة وفاشلة، تُضاعف رواتبه بدلاً من أن تُعيد النّظر بمدفوعاتها، فيما هو لا يحترمها أصلاً، ويشتمها في كل مرّة تتوفّر له الفرصة للقيام بذلك.

 

مستحيل

أشار مصدر واسع الاطلاع الى أن "إجراءات مكافحة الفساد المرتبطة بالدوائر العقارية مثلاً، والنّافعة، وغيرها، والملاحقات التي تحصل، بعيدة من الجوهر، وهي عاجزة عن إيصال أي رسالة للداخل والخارج كما هو مُفتَرَض. فالفساد في القطاع العام ليس مجموعة أشخاص على مستوى متدنٍّ أو متوسّط من المسؤولية الإدارية أو الوظيفية العامة، بل هو انعكاس للنظام السياسي، ولطريقة اتخاذ القرار السياسي الكبير، ولاتّخاذ القرار القانوني على صعيد السلطات الدستورية".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "حصر الملاحقات بملفات وإدارات معيّنة فقط، ومن دون أن تكون شاملة لكل الإدارات والمؤسّسات العامة، ومن دون أي نيّة بتوسيعها صعوداً لتطال أعلى الهرم، يحتّم الفشل. فمن يحرّكون الملاحقات يجب أن يحاكموا أنفسهم هم أيضاً، وهذا مستحيل، لأنهم جزء من المجموعة الحاكمة التي تتقاسم موارد الدولة ونفوذها".

 

 

ذهنيّة شاملة

وأكد المصدر أن "تبسيط المعاملات في المؤسّسات والإدارات العامة هو أصعب ممّا قد يظنّه أي لبناني. حصلت محاولات كثيرة على هذا الصّعيد سابقاً، من بينها مساعٍ لإنشاء شبّاك مُوحَّد من أجل توحيد وتبسيط المعاملات، ومساعٍ لتحديث الإدارة، بمعنى الاستغناء عن ملفات ورقية والانتقال الى الحكومة الإلكترونية ولو بشكل غير شامل لكلّ المواقع في مرحلة أولى. ولكنّها أُجهِضَت كلّها، وأُفرِغَت من مضمونها ليس لأننا دولة عاجزة تقنيّاً، بل لأن الذهنيّة التي لا تزال تحكمها من رأس الهرم الى أسفله لا تتغيّر، وهي ذهنيّة سلطوية تعتبر أن المعاملة الإدارية كما هي عليه حالياً وسيلة لممارسة نفوذها، وللحصول على الموارد غير المشروعة. وهذه ذهنيّة شاملة لكلّ المستويات في البلد".

 

صيف وشتاء

وشدّد المصدر على أن "الحمايات السياسية لبعض الموظفين الصّغار أو الكبار هي جزء من كلّ، تتمسّك ببقاء الأمور على ما هو مُعقَّد ومُذِلّ للناس. وبالتالي، محاسبة بعض الموظفين وإخراجهم من الوظيفة العامة ليس حلّاً وحيداً، لأن البدائل بعدهم سيعملون وفق الذهنيّة تلك نفسها".

وختم:"لا يمكن تحديث طُرُق الإدارة من دون تغيير هذه الذهنيّة. فهي التي ترفض التحديث، أو تفرّغه من مضمونه، أو تحوّله الى صيف وشتاء تحت سقف واحد".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار