هدية المعلّم في عيده... طالب يقف وسط الصفّ ويقول له "أنا معي دولار أكثر منّك"!!!... | أخبار اليوم

هدية المعلّم في عيده... طالب يقف وسط الصفّ ويقول له "أنا معي دولار أكثر منّك"!!!...

انطون الفتى | الخميس 09 مارس 2023

عجاقة: لا بدّ من خضّة كبرى تستعيد دور الأستاذ في توزيع المعرفة

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

تحدّيات كثيرة تُحيط بالمعلّم في لبنان، لن يكون آخرها حقّه براتب جيّد وبضمان صحي سليم، يمكّنانه من العيش بكرامة.

 

كيف؟

ولكن الأزمة المالية والاقتصادية التي نعيشها منذ خريف عام 2019، ضاعفت من التحدّيات "الوجودية" للمعلّمين، ليس فقط على المستويات المالية، والمعيشية، والحياتية، بل أيضاً على صعيد قدرتهم على الفعل والتغيير في مجتمع يزداد توغّلاً بكلّ ما هو "أسود".

فعلى سبيل المثال، كيف يمكن لمعلّم أن يُقنع طلابه بأن الاستقامة هي سلاحهم الأساسي في الحياة، طالما أنهم يخرجون الى الحياة اليوميّة ليجدوا أنها محكومة بكلّ ظلم، وفساد، وتحلُّل قِيَمي، وبكل المغريات والحاجات المالية والحياتية الكثيرة؟

وكيف يمكن لمعلّم أن يدرّب طلابه على أن العلم والثقافة يساهمان في بناء و"عَجْن" شخصيّتهم، وليس "الفَجَع" على الأرباح الذي يرونه أمام أعينهم يومياً، و(كيف يدرّبهم) على أن المال لا يجب أن يكون هدفاً في حياتهم، ولا المُتحكِّم حصراً بنوعيّة التخصُّص الذي سيختارونه في الجامعة، وذلك بعد أن يقف أحد طلابه في وسط الصفّ، وهو يخبره عن "معلّم البلاط"، أو "الدهان"، أو "الكهربا" (لا نعمّم، ومع احترامنا الشديد لكل الناس، ومع تأكيدنا أن الأخلاق والضمير لا يرتبطان بعلوم عالية، ولا بنوعيّة معيّنة من المِهَن) عمل في منزله لنحو ربع ساعة، وطلب مبلغاً مالياً يفوق راتب والده على مدى نصف شهر؟

 

العدالة

وكيف يمكن للمعلّم أن يدرّب طلابه على العدالة، والأخلاق... بعدما وصلت الأيام الى مستوى تنمُّر بعض الطلاب في ملاعب المدارس، وسخريتهم من بعضهم البعض، انطلاقاً من "مبادىء" جديدة، غريبة عجيبة، وهي مراقبة بعضهم لنوعيّة و"ماركات" ثياب وأحذية وأطعمة وسكاكر... بعضهم الآخر، لإجراء مقارنة بين من يتقاضى أهله رواتبهم بالدولار أو لا، وصولاً الى حدّ استعراض بعض الطلاب "الفريش" الذي في جيوبهم بموازاة "التزريك" لسواهم، وهو ما يؤسّس لمشاكل قد تنتقل من وقت الاستراحة الى داخل الصفوف؟

هذه تحدّيات جديدة تطال المعلّم في البيئة اليومية المُستفحِلَة بالسّواد، وهي تصعّب الكثير من المهام التربوية، لا سيّما أن المَثَل الصّالح فُقِدَ في المجتمع، وحتى داخل المنازل، وهو ما يجعلنا أمام أجيال مستقبلية تتحضّر للخروج الى الحياة، ولاستلام البلد، بفقدان شبه تام للإنسانية، ولمفهوم العدالة، والحقّ، والحقيقة، واحترام الآخر.

 

أخلاقيات

شدّدت الأستاذة الجامعية والخبيرة التربوية الدكتورة لورانس عجاقة على أن "تداعيات اليوميات اللبنانية بسلبياتها الكثيرة ستكون شديدة السّوء على الأولاد، وعلى واقعهم النّفسي".

وأكدت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "لاوعيهم يتأثّر وسيتأثّر أكثر بما يحصل أمامهم، لا سيما أنه يتكرّر في المجتمع، وهو ما سيطبعه فيهم، وسيجعل سلوكياتهم مبنيّة على أساس أن الحياة هي مجرّد سوق سوداء. وبالتالي، قد يُغامر، ويُقامر، وينشط هذا الولد مستقبلاً على أساس أن المال هو الهدف الأساسي الذي تتمحور الحياة حوله. وعندما تصبح الأموال هدفاً أساسياً، تضعف الأخلاقيات".

 

معرفة

وأوضحت عجاقة أن "الوالدَيْن يتشاركان تربية ولدهما خلال السنوات السّبع الأولى من حياته، ويتعاون المجتمع معهما في السنوات السّبع الثانية. وأما في الأعوام السّبعة الثالثة من حياته، فيكتمل بناء هويّته. والخطورة اليوم، هي أن الهوية التي يكوّنها جيل الشباب في عصرنا، هي تلك الآتية من عالم مواقع التواصُل الاجتماعي، ومن تداعياتها السلبيّة على الأخلاقيات".

وأضافت:"الجيل الذي يكوّن هويّته بما ينسجم مع مواقع التواصُل الاجتماعي حصراً، هو ذاك الذي لن يتمكّن الأهل ولا المدرسة من ضبطه. فهو جيل يُطيح بالقِيَم، ويعتبر أنه ملك ولا يحتاج الى معلّم، وذلك انطلاقاً من الكمّ الهائل من المعلومات التي يحصل عليها من خلال تلك المواقع".

وختمت:"لا بدّ من خضّة كبرى على صعيد المدارس، تستعيد دور الأستاذ في توزيع المعرفة. فتلك الأخيرة لا تكون قيّمة إلا إذا اقترنت بالتطبيق. وأما المعرفة التي توفّرها وسائل التواصُل الاجتماعي، فقد لا تكون قابلة للتطبيق، أو قد تكون تلك التي لا يجب أن تُطبَّق أصلاً".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار