إيران انتصرت وثبّتت صواريخها ومسيّراتها في اليمن فمن يعوّض لسعد الحريري باعتذار؟؟؟... | أخبار اليوم

إيران انتصرت وثبّتت صواريخها ومسيّراتها في اليمن فمن يعوّض لسعد الحريري باعتذار؟؟؟...

انطون الفتى | الإثنين 13 مارس 2023

إيران محور الجيوسياسة الإسلامية وأي مشروع عسكري إسلامي برعاية صينية - روسية

 

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

أن تختار إحدى الدول توجيه صفعات أو ضربات متكرّرة للولايات المتحدة الأميركية، أو للرئيس الأميركي جو بايدن، وبأيدٍ صينيّة، وذلك لأنها منزعجة من إذلالها على لسانه أكثر من مرّة في الماضي، فهذا أمر لا يعنينا، ولا يهمّنا أصلاً.

وأن تختار إحدى الدول أن تخفّض منسوب علاقاتها بواشنطن، وأن تمهّد للإعلان عن التجارة مع بكين باليوان بدلاً من الدولار الأميركي... وأن تمدّد إحدى الدول الصين الى منطقة إقليمها عموماً، على حساب النفوذ الأميركي، الديبلوماسي والتكنولوجي والاقتصادي، والعسكري في وقت لاحق (عبر خطّة تعاون أمني إيراني - خليجي مشترك برعاية صينية - روسيّة مستقبلاً)، فهذا لا يعنينا، ولا يهمّنا أيضاً.

فنحن لا نأسف "على شباب" الدولار إذا ضعُف، ولن نتحمّس أو "ننفجع" لزمن اليوان، والروبل، أو لأي عملة أخرى...

 

يحقّ لنا

ولكن أن يُهان اللبنانيّون على مدى السنوات الثلاث الماضية على منصّات، كما على شاشات عربية، وبحبر أقلام عربيّة، وأن يُوصَّفوا بـ "الشحّادين" الذين "أكلوا" أموال بعض دول المنطقة، وانقلبوا عليها لصالح إيران...

وأن يُقال عن اللبنانيين على تلك المنصّات والشاشات إنه يجب إفهامهم ضرورة أن "يحلّوا عنّا"، بعدما "نهبونا"، ومدّدوا إيران الى بيروت...

وأن يُحتَجَز رئيس حكومة لبنان (الأسبق سعد الحريري) في عام 2017 لأن "تركيبته" تحبّ التسويات، فيما تلك الأخيرة قدّمت لبنان لطهران، على طبق من فضّة...

وأن يُطرَد وزراء من حكومات لبنانية بسبب توصيفهم حرب اليمن "بالعبثيّة"، أو بسبب رأيهم الخاصّ ببعض الدول العربية... (أن يُفعل كل ما سبق ذكره) لنستمع في ما بعد عن بَدْء مشوار استعادة من أهانوا، واحتجزوا، وأثّروا... علاقاتهم بإيران، بمظلّة صينيّة، فهذا أمر يحقّ لنا أن نتوقّف أمامه ولو قليلاً.

 

 

حماية إيرانيّة

يحقّ لنا أن نقول إن من أقاموا الدّنيا ولم يقعدوها في المنطقة، بسبب إيران، منذ عام 2015 وحتى الأمس القريب، انهزموا أمام إيران. فهُم سيتصالحون مع النّظام الإيراني نفسه الذي لطالما عيّروه بأنه يقمع شعبه، وبأن شبابه ينظر بانجذاب الى حَجْم الانفتاح في جواره الخليجي. وما هذه "الصّلحة" إلا خير دليل على توقيع أوراق الاستسلام بشكل من الشّرف، وعلى القبول بالإذلال بستار من الكرامة، وعلى الاعتراف بسيادة إيران على الخليج، وبخضوع "رؤى 2030" الاقتصادية وتحوّلاتها، للمزاج الأمني الإيراني، بين حماية أو توتير، وبحسب مصالح طهران.

وهؤلاء الذين اقتنعوا بالاستسلام، لا يحقّ لهم بأن يعطوا لبنان دروساً، لا بكيفية الحوار الداخلي، ولا بالسيادة، ولا حتى بالحديث عن الإصلاحات فيه.

 

هزيمة

الهزيمة العربيّة أمام إيران واضحة. فالعقدة الأساسية هي حرب اليمن، فيما سيحتفظ الحوثيون في النهاية بأسلحتهم، بعد استئناف العلاقات بين طهران والرياض، تحت ألف شكل وطريقة، وهو ما يعني أن السلاح الإيراني بات موجوداً بشكل دائم على حدود الأراضي السعودية. وهذا ما كانت أشعلت الرياض حرب اليمن في عام 2015 رفضاً له. وها هي توقّع عليه الآن، بهدوء.

فلا عاقل يصدّق أن "حفنة" من الضمانات الإيرانية المُقدَّمَة في بكين، ستُخرج السلاح الإيراني من اليمن، لا سيّما أن الحوثيّين يمتلكون القدرة على تصنيع الصواريخ والمسيّرات الإيرانية منذ وقت لا بأس به. وهو الأمر نفسه الذي سينسحب مستقبلاً على كل البلدان العربية التي توجد فيها أسلحة وميليشيات إيرانية، لا سيّما سوريا، والعراق، ولبنان... وهذا هو المهمّ والأهمّ، والذي يؤكد أن السعودية أخرجت نفسها من ساحات عربية قبل سنوات، بسبب إيران، وها هي تتّفق مع إيران نفسها اليوم بشروط إيران، وبقوّة إيران السياسية والعسكرية في الساحات اللبنانية، والسورية، والعراقية، واليمنية...

"التحالف العربي" هُزِم في اليمن، ومعه المشروع العربي كلّه أيضاً. وأما الرابح فهو إيران. وحتى إن الاستعداد للانفتاح العربي على النّظام السوري، ولردّ مقعده في الجامعة العربية من جديد، بعد سنوات من اتّهامات عربيّة له بقتل شعبه، فهو انتصار كبير لإيران، وهزيمة مدوّية لجامعة الدول العربية.

 

رابح - رابح

احترام سيادة الدول، وعدم التدخُّل في شؤونها الداخلية، هي من النقاط الأساسية التي رافقت الإعلان عن بَدْء العمل على استئناف العلاقات الديبلوماسية بين إيران والسعودية.

ولكن هل ان الحديث عن مهسا أميني بعد اليوم، ونقل أخبار ومشاهد الاحتجاجات الشعبية في إيران، ستُوصَّف على أنها تدخّل في الشؤون الداخلية، وعدم احترام لسيادة الدول؟

وهل يشمل "عرس السلام" بين إيران والسعودية في الصين، أي براهين ملموسة حول احترام سيادة الدول؟ وهل تتطرّق تلك البراهين الى أطنان الأسلحة الإيرانية التي تستعملها روسيا لقصف الأراضي الأوكرانية، والتي تُظهر عَدَم الاحترام الإيراني الواضح للسيادة الأوكرانية؟

وبالتالي، هل يمكن لمن أوصل سلاحه الى أوروبا، أن يقبل بسَحْب أسلحته من اليمن، أو من أي دولة شرق أوسطية أخرى، إلا بعد التوقيع على إطار أمني مشترك مع السعودية ودول الخليج، برعاية صينية - روسية، لن تكون فيه إيران سوى "قائد الأوركسترا"، والضّامن الأول والأخير لأمن الخليج، ولأمن التحوّلات الاقتصادية الكبرى في دوله، و(إيران) الممرّ الأساسي والأول للجيش الصيني نحو الشرق الأوسط، وذلك تماماً كما شكّلت طهران عاملاً أساسياً في دخول الجيش الروسي الى سوريا؟ وكل ذلك تحت ستار معادلة رابح - رابح الإيرانية، التي هي ربح صافٍ لطهران، تخدع فيه دائماً كل من يتفاهم معها.

 

"هدّ مراجل"

والأهمّ هو أن من عيّر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، والرئيس الأميركي جو بايدن، ومن سخر من واشنطن على منصّاته وشاشاته قائلاً إنها شريك غير موثوق، بسبب إصرارها على الاتّفاق مع إيران بأي ثمن، هو نفسه الذي طلب وساطة الصين للتفاهم مع طهران، من دون أي إشارة الى الصواريخ الباليستية، ومن دون أي حديث عن المخاوف النووية. وهذا هو المهمّ والأهمّ.

فالمهمّ والأهمّ، هو أن هناك من اختار أن يُطلق النار على نفسه، وأن يوقّع وثيقة استسلامه، بعد سنوات من "هدّ المراجل"، ومن إلقاء اللّوم مرّة على أميركا، ومرّة على بايدن، ومرّة على لبنان، ومرّة على اليمن، ومرّة على سوريا، أو العراق...

 

لبنان

وهناك من اختار أن ينتحر بعد سنوات من "البَهْوَرَة" مرّة بقصف اليمن، ومرّة باحتجاز سعد الحريري، ومرّة بإحراجه وإخراجه من الحياة السياسية اللبنانية، وصولاً الى حدّ التلاعُب بإنتاج وأسعار النّفط، وباقتصادات العالم، وبإزعاج المصالح الأميركية. وها هو يذهب الى الصين طالباً منها ليس العلم والتكنولوجيا والاقتصاد... فقط، بل المخارج المُشرّفة لهزيمته، وللاعتراف بأن إيران هي محور الجيوسياسة في العالم الإسلامي، والرّقم الأصعب في أي مشروع أمني وعسكري إسلامي مشترك، برعاية صينية - روسية.

فحبّذا لو يوجد في لبنان من يصحو لمخاطر سياسات "تبييض الطناجر" لدى محاور المنطقة. وحبّذا لو يوجد في بلادنا من يعترف بأن هذا هو المتغيّر الاستراتيجي الأساسي من جراء المصالحة الخليجية - الإيرانية، التي لن تُترجَم سوى باستثمار إضافي للانتصار الإيراني على "التحالف العربي" والجامعة العربية، سواء في اليمن أو سوريا أو كل الدول العربية، وهو ما لن تتأخّر مفاعيله عن الظّهور في لبنان.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار