ضعفٌ أميركي أو عمل صبياني "ينصر" روسيا في الجوّ بعد فشلها المتكرّر على الأرض؟؟؟... | أخبار اليوم

ضعفٌ أميركي أو عمل صبياني "ينصر" روسيا في الجوّ بعد فشلها المتكرّر على الأرض؟؟؟...

انطون الفتى | الأربعاء 15 مارس 2023

يتعامل الروس مع أميركا على أنها عدوّ لروسيا وليس خصماً فقط

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

ليس عادياً أن يتمّ الإعلان عن احتكاك عسكري بين الجيشَيْن الأميركي والروسي، حتى ولو كان خارج أراضيهما. فهذا النّوع من الأحداث يدفع العالم كلّه الى الترقُّب، وحَبْس الأنفاس.

اصطدمت مقاتلة روسية بطائرة أميركية مُسيّرة فوق البحر الأسود، وتسبّبت بإسقاطها. ولكن هل يُمكن حَصْر هذا الحادث بمفاعيل يوميات الحرب الروسيّة على أوكرانيا فقط؟ وهل كان هذا الاحتكاك ليحصل، لولا شعور عالمي عام بالضُّعف الأميركي، الذي يزيد طينه بلّة الإرباك المصرفي (الأميركي) الأخير الذي قد يشكّل فرصة لروسيا، ترى موسكو من خلالها أن واشنطن لن تكون قادرة على الاستمرار بدعم كييف عسكرياً، ومالياً، وإنسانياً في مدى طويل؟

 

 

مسيّرات

صحيح أن حوادث إسقاط المسيّرات الأميركية ليس جديداً. وصحيح أن الولايات المتحدة الأميركية لم تُشعِل حروباً ضارية من أجل "كرامة" مسيّراتها.

وحتى إن إسقاط إيران مسيّرة أميركية في عام 2019، خلال فترة حرِجَة من العلاقات الأميركية - الإيرانية في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أي في أيام حكم أحد أشدّ "النّاقمين" على طهران، لم يغيّر في المقاربة الأميركية للملف الإيراني، وهي الاحتواء، والرّغبة في التوصُّل الى أفضل اتّفاق مع طهران حول أنشطتها النووية.

وانطلاقاً ممّا سبق، لا عاقل يعتقد بأن احتكاكاً أميركياً - روسياً جويّاً سيُشعل الكرة الأرضية، أو سيُطلق العنان للأسلحة النووية، أو للصواريخ الاستراتيجيّة.

 

عدوّ

وبمعزل عن اختلاف الروايات الأميركية والروسيّة للحادث، فإن لا اتّفاق بين المراقبين أيضاً، حول النّظر الى معانيه.

يرى مراقبون أن الحادث ينبع من واقع أن الروس باتوا يتعاملون مع الولايات المتحدة الأميركية على أنها عدوّ لروسيا، وليس خصماً فقط. فواشنطن شريكة لأوكرانيا في حربها مع روسيا، وهو ما يزيد شعور العداء الروسي لواشنطن، ويؤجّج نظرة الروس الى أن لا دخل للولايات المتحدة الأميركية بمنطقة البحر الأسود. ولكن مهما تعدّدت الأسباب، يبقى الحادث ضمن الإطار العرضيّ، ونتيجة للشعور الروسي بالاستفزاز الأميركي.

وفي الإطار نفسه، يشير مُطَّلعون الى أنه مهما تعدّدت التوصيفات، فإن هذا الحادث يبقى خطيراً. فهو احتكاك أميركي - روسي حصل بواسطة طائرة روسيّة ومسيّرة أميركية. وبالتالي، من يضمن عَدَم حصول أي حادث خطير مستقبلاً، بواسطة أسلحة فتّاكة، لا سيّما إذا بقيَ التوتّر في أوكرانيا على حاله، أو إذا زاد تعقيداً؟

 

عمل "صبياني"

وفي سياق متّصل، يرى خبراء في المجال العسكري أن الاحتكاك الروسي بالمسيَّرة الأميركية ليس أكثر من عمل "صبياني"، تبحث روسيا من خلاله عن انتصار معنوي في الجوّ، من خلال استعراض "رجولي" ضدّ مسيَّرَة أميركية، لكونها (روسيا) عاجزة عن تحقيق أي انتصار ملموس على الأرض الأوكرانية أمام أسلحة وخبرات الجيش الأميركي وحلف "الناتو"، منذ أكثر من عام.

ويؤكد هؤلاء أن هذا النّوع من الأحداث لا يجب التغاضي عنه، ولا الاستخفاف به، ولكن لا مفاعيل كبيرة له تماماً، لا سيّما أن توسيع النّزاع بين روسيا والغرب يضرب المصالح العالميّة، وهو قادر على أن يجرّ الكرة الأرضيّة عموماً الى مشاكل اقتصادية وماليّة ووجوديّة أشدّ خطورة من تلك التي يواجهها الجميع تقريباً، وإن بنِسَب متفاوتة، في الوقت الحالي.

 

دعم أوكرانيا

وعن انعكاسات الفوضى المصرفية الأميركية الأخيرة على قدرة واشنطن على دعم أوكرانيا في مدى بعيد، تُفيد بعض المعطيات بضرورة التنبُّه الى أن الحرب في أوكرانيا هي معركة أميركية أيضاً، لا روسيّة فقط.

فعلى بعض الأراضي الأوكرانيّة، تدور الحرب العالمية الثالثة حالياً، بشكل مُصغَّر. وإذا خسرها الروس، فبالكاد سيُعتَرَف بروسيا كدولة كبرى مستقبلاً، ولن تكون دولة عظمى في نظر العالم أبداً. وهذا ما سيهدّد سلطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومركزه، ونفوذه، ومنظومته، ووحدة الإتحاد الروسي عموماً، وستبرز النّزعات الانفصالية داخل الأراضي الروسية بالاستناد الى نجاح النّموذج الأوكراني في مقاومة الروس.

وأما إذا هُزم حلف "الناتو"، فسيخسر التماسُك الذي دبّ فيه من جديد، بعدما كان في حالة من الموت السريري قبل الحرب في أوكرانيا. ويُصبح السؤال عندئذ، ما هو الثّمن الذي ستدفعه أوروبا في تلك الحالة، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية ستفقد دور اللاعب الأوحد على الساحة العالمية في ما لو هُزِمَ "الناتو" في أوكرانيا.

ولكن بمعزل عن أي شيء، فالأمر الثّابت حتى الساعة هو أن واشنطن ستحتفظ بدورها كلاعب أساسي على الساحة الدولية، رغم المنافسة الصينيّة، والروسيّة. فروسيا والصين لا تنافسان الولايات المتحدة الأميركية من مُنطَلَق البديل لها، بل لانتزاع دور الشراكة معها في اللّعبة الدوليّة.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار