مجوهرات وهدايا عربيّة وأجنبيّة فاخرة للمسؤولين في لبنان ولزوجاتهم... فمن يُلاحق ويُحاكم؟! | أخبار اليوم

مجوهرات وهدايا عربيّة وأجنبيّة فاخرة للمسؤولين في لبنان ولزوجاتهم... فمن يُلاحق ويُحاكم؟!

انطون الفتى | الإثنين 20 مارس 2023

بلد فاسد يحكمه فاسدون ويعيش فيه من هم أفسد منهم

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

بمعزل عن الجديّة أو عَدَم الجديّة، أو عن الخفايا السياسية والانتخابية... التي تؤثّر في ملاحقة هذا المسؤول الدولي الحالي أو السابق أو ذاك، في بلاده، إلا أنه من غير المنطقي أن تفضح دولة بمستوى الولايات المتحدة الأميركية رئيسها السابق دونالد ترامب وأفراد عائلته، بسبب عَدَم تصريحهم عن هدايا تلقّوها من حكومات أجنبية خلال فترة حكمه، فيما لا نستمع عن أي شيء يتعلّق بمثل تلك الملفات في دولة فاسدة كتلك المتوفّرة في لبنان، حيث الفساد اليومي الشديد، على مستوى داخلي - داخلي، وداخلي - خارجي.

 

هدايا

فالولايات المتحدة الأميركية "تُلاحق" مضارب الغولف الذهبية التي تلقّاها ترامب من اليابان، والسّيوف والخناجر التي حصل عليها من السعودية... وغيرها من الهدايا، وسط تأكيدات رسمية بأنه (ترامب) مُلزَم بتحديد مكانها، وما إذا كانت استُخدمت للتأثير على السياسة الخارجية لإدارته خلال فترة حكمه، لأن عدم التصريح عن تلك الأمور مُخالِف للقانون.

وفي سياق متّصل، "تُلاحق" البرازيل رئيسها السابق جايير بولسونارو بسبب هدايا تلقّاها خلال فترة حكمه أيضاً، كالمجوهرات التي منحته إياها السعودية، والبنادق من الإمارات، بالإضافة الى هدايا أخرى، بعضها تمّ منحها لزوجته، وسط حديث مُتصاعِد عن  مراجعة قانونيّة لجميع تلك الهدايا.

المهمّ في ما سبق ذكره هو المبدأ. فلا يجوز لأي مسؤول أن يقوم بأي خطوة يُمكنها أن تؤثر، أو أن تنعكس، على عمله السياسي خلال مدّة حكمه. كما يُمنَع على عائلته أن تستفيد من فترة حكمه، لا بالهدايا، ولا بالمشاريع، ولا بما يأخذ من الشعب لصالح فئة معيّنة، أو "زمرة" بحدّ ذاتها.

 

لبنان؟

هذا في الخارج، وهو ممتاز بمعزل عن الجانب السياسي وغير السياسي الذي يقف خلفه. ولكن ماذا عن دولة الفساد في لبنان، حيث الزعامات الأبديّة، والحُكم المتجدّد للمسؤول الذي يفسد، وينمو بالفساد، والذي يتلقّى هدايا وهدايا، هو وزوجته، وأولاده وأحفاده...، وصولاً الى منافع كثيرة لشركاته، ومؤسّساته، ومصالحه...

فماذا لو فُتِحَت تلك الملفات في لبنان، وأُعلِنَ عن الهدايا التي تلقّاها أو يتلقّاها الرئيس X أو Y، أو المسؤول X أو Y، من هذه الدولة أو تلك، سواء في الشرق الأوسط، أو حول العالم؟

وماذا لو كُشِف حجم المصالح التي تجمع شركات هذا المسؤول اللبناني أو ذاك، بجهات أجنبيّة، بما يزيد من أرباحه هو (المسؤول اللبناني) ومن منافع شركاته، على حساب مصلحة لبنان، والدولة اللبنانية؟

 

أكثر من شهر

يُفيد مصدر ديبلوماسي في حديثه لوكالة "أخبار اليوم" بأن المشكلة على هذا الصّعيد لا ترتبط بالهدايا الأجنبية التي يتلقّاها أي مسؤول لبناني في الحُكم فقط، بل بالجهة التي يُمكنها أن تكون قادرة بالفعل على التحقيق بهذا النوع من الملفات. فتلك الأخيرة غير موجودة، ولا مجال أمامها للنّجاح على هذا المستوى، إن وُجِدَت.

ويرمي الطابة في ملعب اللبنانيين، الذين يُدركون كل ما يحصل، من دون أن يتحرّكوا في الشارع من جديد.

هنا، قد يتمحور السؤال أيضاً، حول كيفية صمود المواطن اللبناني، في مثل تلك الظروف اليوميّة التي يمرّ بها؟

ففاتورة مولّد الكهرباء الخاصة، وفاتورة "كهربا الدولة"، أصبحتا ميزانيّة لوحدها، تتجاوز راتب أكثر من شهر واحد لعدد لا بأس به من اللبنانيين.

 

أفسد منهم

قد يقول قائل إن ما سبق ذكره لا يترك مجالاً واسعاً أمام الناس للتفكير بما هو خارج عن يومياتهم المعيشية والحياتية.

ولكن هل من مجال، وسط هذه اليوميات القاسية، أن لا يتذكّر اللبناني "وجاهة" المسؤول الذي أوصله الى هذه الدرجة المتدنّية جدّاً من الانهيار؟

وهل من المسموح أن لا نتذكّر أن فاسدين يحكموننا، ويجنون الأرباح اليوميّة "عا ظهورنا"، وأنهم يتلقّون الرشاوى والهدايا الخارجيّة حتى الساعة، رغم كل شيء، ورغم الإصرار العالمي العام على أن "لا قرش" للدولة اللبنانية، من دون إصلاحات؟

هذه حالة لا يمكن نسيانها. ولا مجال لذلك أصلاً. ولكن الحقيقة تُعيدنا الى الأساس، أي الى شعب لبناني فاسد، بطبقاته ومكوّناته المختلفة، مع فارق واحد، وهو أن "كبار القوم" يتلقّون المجوهرات، والساعات والثياب الفاخرة، والعطورات، والأقلام الثّمينة... فيما "صغار القوم" يكتفون بـ "كرتونة الأكل"، وببعض "الإعاشات" الحزبيّة والمناطقيّة، وببعض "الفريش" السياسي من حين لآخر، وخلال بعض المواسم الانتخابية.

فهذا هو الختم النهائي لبلد فاسد، يحكمه فاسدون، ويعيش فيه من هم أفسد منهم.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار