لبنان ليس دولة دينيّة ولا يحقّ لأحد فيه أن يفرض عباداته على الآخرين بلباس "وحدة وطنيّة"... | أخبار اليوم

لبنان ليس دولة دينيّة ولا يحقّ لأحد فيه أن يفرض عباداته على الآخرين بلباس "وحدة وطنيّة"...

انطون الفتى | الجمعة 24 مارس 2023

مصدر: أمور كثيرة تحصل من دون احترام قواعد العمل بدولة تعدُّدية مثل لبنان

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

بعيداً من الطائفية، ومن نزعات التقوقُع والتعصُّب، لا يسعنا إلا التوقُّف أمام قرار تأجيل اعتماد التوقيت الصيفي، الى منتصف ليل 20 ـ 21 نيسان 2023، لهذا العام.

فالقرار غير مقبول من حيث المبدأ، وقبل أي إشارة الى الفوضى أو البَلْبَلَة التي يُمكن أن يُحدثها على مستويات تنظيميّة عدّة.

 

صوم

فقبل أي شيء، نحن لسنا في دولة دينية. ومن المُفتَرَض أننا نعيش في دولة تعدُّدية، يتقاسم المسيحي والمُسلم فيها كل الظروف، بشكل متوازٍ.

وبالتالي، أي حديث عن تأخير موعد بَدْء اعتماد التوقيت الصيفيّ بسبب شهر رمضان، لن يكون مقبولاً بأي معيار، ولو كانت الحجّة أن ذلك يعود لمُنطلقات استثنائية، تنسجم مع الرّغبة بالتخفيف عن الصائمين.

عذراً، ولكن هذا المنطق ليس مقبولاً، لا سيّما أنه يُضاف الى تقليص دوامات التدريس في المدارس، والجامعات، وتخفيض دوامات العمل في القطاع العام خلال رمضان، الذي يحصل منذ سنوات طويلة.

فالصّوم عبادة، وهو حرية شخصيّة، ولا دخل لنا بتلك المساحات الخاصّة التي يُترَك البتّ بها لكلّ نفس كما يحلو لها. ولكن لا يُمكن لفلان أو فلان أن يفرض عباداته على الآخرين، في دولة غير دينية (كما هو مُفتَرَض) تعدُّديّة، هي لبنان، بدءاً من المدرسة، مروراً بالجامعة، والدوائر الحكومية والرسمية، ومؤسّسات القطاع العام، وصولاً الى التوقيت الصيفي أو الشتوي، بحجّة التخفيف عن الصائمين.

 

حرية شخصيّة

فمن قال إن الصوم المسيحي لعبة؟ ومن اختبر صعوبة الأصوام المسيحية (من حيث التوقيت، وإماتة الحواس) خلال كل أيام السنة؟

وأما محاولات التخفيف عن المسلمين الصائمين في دول إسلامية أخرى، فهو حرية شخصيّة لا دخل لنا بها. فهذه دول إسلامية، سواء كانت دينيّة بالكامل، أو من حيث الأكثرية الشعبيّة والسياسية الساحقة فيها. وأما لبنان، فليس على تلك الحالة، ولا يحقّ لأي مكوّن فيه أن يفرض نفسه على الآخرين بشكل مُفرِط، تحت أي ذريعة.

 

خروق كثيرة

أشار مصدر سياسي الى أنه "صحيح أننا لسنا دولة دينية، ولكن الخَلَل يبدأ من مُنطلقات تتجاوز التوقيت الصيفي أو الشتوي، أو دوامات المدارس والجامعات والمؤسّسات العامة خلال شهر رمضان. فعلى سبيل المثال، أي لبناني يمكنه أن يشرب زجاجة من البيرة في منطقة جرد جبيل مثلاً، أو وسط مدينة طرابلس؟ هذا الأمر ما عاد مُمكناً عملياً منذ وقت طويل، رغم أننا لسنا دولة دينية".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الخروق الكثيرة والمُتراكِمَة لطبيعة وهوية البلد لا تقف عند حدود توقيت فقط. فأمور كثيرة تحصل من دون احترام قواعد العمل بدولة تعدُّدية مثل لبنان. والحقّ في كل ذلك يقع على المسيحيّين أنفسهم. فهل من مسيحيّين في لبنان، أصلاً؟".

وختم:"لو كانت الأطراف المسيحية حريصة على تذكير شريكها المُسلِم في الوطن بأهميّة دورها وحضورها، لما كانت تقبل باستمرار حكومة تصريف أعمال من هذا النّوع أصلاً، في أسوأ وأدقّ مرحلة من تاريخ لبنان والمنطقة. ولكن بما أن المتوفّر هو المقبول مسيحياً، فلا مجال للتذمُّر مستقبلاً، عندما سيُتَّخَذ الكثير من القرارات من دون العودة الى المسيحيّين".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار