المسيحيون في لبنان... من التسلُّح الى الاحتلال فالسوق السوداء و"الساعة" تمضي!؟ | أخبار اليوم

المسيحيون في لبنان... من التسلُّح الى الاحتلال فالسوق السوداء و"الساعة" تمضي!؟

انطون الفتى | الإثنين 27 مارس 2023

قوّة إيجابية توفيقيّة بدلاً من التموضُع في تحالفات تحوّله الى قوّة تعطيلية

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

يُجمع أكثر من مصدر مسيحي على أن "المظلومية" التي يُعاني منها المسيحيون في لبنان، ليست وليدة الأمس، ولا هي ذنب يقع على أكتاف غيرهم فقط.

فمسؤولية ما وصلت إليه الحالة المسيحية في لبنان، على مستوى الزيادة في تراجُع الحضور (المسيحي) داخل الدولة، وفي قرارها الفعلي، وعلى صعيد قوّة التأثير... تقع على المسيحيّين أنفسهم، بسبب أخطاء تراكميّة كثيرة ارتكبوها في الماضي، وهم لا يزالون يرتكبونها حتى اليوم.

 

أوروبا المنطقة

فالخطأ الأول خلال العقود الماضية، كان انجرار الأطراف المسيحية الوازِنَة الى لعبة التسلُّح، والدم، والانغماس في العمليات الحربية، وفي فساد وسرقات و"تشبيحات" و"فلتان" زمن الحرب الأهلية.

فهذه "الضّرورة" التي أباحت "المحظور" بالنّسبة الى عدد كبير من الأطراف المسيحية، التقت مع تعصُّب المكوّنات اللبنانية الأخرى، ومع التحامها بقضايا المنطقة على حساب لبنان، وبما لا يوافق المصلحة اللبنانية. ومجموع هذا كلّه أفقد لبنان نقطة قوّة أساسية له، وهي أنه البلد العربي الوحيد الذي كان قادراً على إعطاء العروبة نكهة مختلفة، غير محصورة بطابع ديني معيّن. عروبة تعدّدية ومُنسجِمَة بما كان يمكنه أن يؤسّس لـ "أوروبا شرق أوسطية" حقيقيّة في المنطقة.

 

أخطاء

أخطاء التسلُّح والانغماس بلعبة الدم، استُكمِلَت من جانب من تبقّى من المسيحيين في الحُكم اللبناني، في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، بخطأ الاستزلام للاحتلال السوري، والقبول بمعارضة "تحت السّقف"، وبزمن دولار الـ 1500 ليرة، مع اشتراك العديد من المسيحيين بـ "خيرات" تلك المرحلة. وهو ما أضعف المكوّن المسيحي في لبنان، كثيراً.

واستُتبِعَت الأخطاء المسيحية في مرحلة ما بعد الانسحاب السوري من لبنان، بورقة تفاهم بين أكبر مكوّن مسيحي أفرزته صناديق الاقتراع المسيحية في انتخابات 2005، وبين فريق السلاح غير الشرعي. وهو تفاهم زاد من الضّعف المسيحي، وفشل في بناء الدولة، وساهم في تشعُّب الاحتلالات التي ظهرت في لبنان بعد زوال الاحتلال السوري.

 

أدوارهم

وتُستكمل الأخطاء المسيحية حتى الساعة، من مجموعات (مسيحية) تقبل لنفسها دور "مُبيِّض الطناجر" لدى دول وأطراف محور "المُمانَعَة" طمعاً بكراسي ومكاسب شخصية، تحت ستار خيارات، وتحالفات... ومن جانب مجموعات أخرى "تبيّض" تلك "الطناجر" أيضاً، مع دول عربيّة، بما يأخذ من الدور المسيحي في لبنان أكثر فأكثر تحت ستار عروبة، هي لا ولن تُشبه الحالة اللبنانية بأي شيء عملياً، مهما حاول البعض إظهار العكس.

والجريمة الكبرى، هي أن كثيراً من المسيحيين يُشاركون في ممارسات وأرباح السوق السوداء حالياً، بالمباشر، أو عبر تجار، ومجموعات، ومنظومات... وتحت ستار أن الضّرورات تُبيح المحظورات، وبشكل يزيد من انهيار الدولة، أي الإطار القانوني والرسمي الذي لا يُمكن للمسيحي في لبنان أن يجد استقراره وحضوره وهويّته في البلد من دونه (أي من دون الدولة).

وتبعاً لما سبق، يفقد المسيحيّون المزيد من أدوارهم في لبنان، كل خمس أو ستّ سنوات، أكثر من السنوات الماضية، وبأخطاء يرتكبونها هم أنفسهم، وليس بسبب طمع غيرهم فقط.

 

الداخل والخارج

يؤكد مُطَّلِعون أن المسيحيّين "أنهوا" حضورهم المهمّ في لبنان بأنفسهم، من دون اعتراف علني بذلك من قِبَل باقي المكوّنات اللبنانية. فهُم يفشلون في ترجمة المواهب الكثيرة التي يتمتّعون بها، وذلك رغم أن أدوارهم لا تزال محفوظة، ورغم أن شريكهم في الوطن يعترف بما لديهم لكونه يستفيد منه.

شريكهم في الوطن يستفيد ممّا لديهم، ولكن "ما لديهم" أي المجتمع المسيحي، لا يستفيد من القدرات الموجودة لدى مختلف القوى المسيحية، وهذا مؤسف جدّاً بالنّسبة الى مُتابعين للوضع المسيحي في لبنان.

فأبسط المطلوب من الأطراف المسيحية في لبنان، هو بناء الإطار المسيحي المجتمعي القادر على مقاومة العواصف الداخلية والخارجية، سواء كانت احتلاليّة، أو منافع خاصة، أو مصالح شخصية... فلو حصل ذلك منذ زمن طويل، لكنّا جنّبنا لبنان عموماً العديد من الهزّات خلال العقود الماضية.

هذا الى جانب أنه كان يتوجّب على المكوّن المسيحي في لبنان أن يحفظ دوره كقوّة إيجابية توفيقيّة بين كل الأطراف الداخلية، بدلاً من أن يتموضع في تحالفات داخلية - خارجيّة تشرذمه هو (المكوّن المسيحي اللبناني)، وتحوّله الى قوّة تعطيلية كما هو الحال اليوم، رئاسياً، أو على مستويات أخرى، في نظر الداخل والخارج معاً.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار