4 نيسان موعد السجناء مع المجاعة... جثّة ووفيّات داخل سجن رومية؟ | أخبار اليوم

4 نيسان موعد السجناء مع المجاعة... جثّة ووفيّات داخل سجن رومية؟

| الثلاثاء 28 مارس 2023

موتُ هؤلاء قد لا يكون سببه فقط فقدان الأدوية لحالاتهم المرضية إنّما للإهمال أيضاً دور

 "النهار"- رولان خاطر

لم تمنع أسوار سجن رومية العالية من تسلّل تداعيات أزمة البلد الاقتصادية وإفلاس الدولة إلى داخل السجون، ممّا ضاعف من حجم الاهتراء الموجود أصلاً والإهمال، وحجم المعاناة لدى المساجين.

استعصاء طبّيّ حتّى الموت؟

قمّة الشدّة والعُسر، تمثلت بوفاة نحو 8 أشخاص في غضونسنة، نتيجة الإهمال الطبّي، وغياب الأدوية المزمنة والمستعصية، والعلاجات الضرورية، وهم بالأسماء كما وردت لـ"النهار": ميسّر عبد الكريم حموش، غازي عبد الحسن دْبوق، ايلي عزيز مسلّم، صالح حيدر، رياض شريف حرَيْراتي، كُليْب فياض دحويش، وعبدالله الكريم أحمد مَرْعدها، أيمن شقير. كما علمنا أن آخر من آل الحسن شنق نفسه في المبنى "جيم".

موتُ هؤلاء قد لا يكون سببه فقط فقدان الأدوية لحالاتهم المرضية، إنّما للإهمال أيضاً دور، بسبب امتناع أو عدم قدرة السجناء على رؤية الطبيب المعاين داخل السجن، والسبب كما علمت "النهار" من مصادرخارج السجن هو الإهمال وعدم وجود مراقبة ومتابعة لخدمة هؤلاء الأطباء، علما أنّ هناك طبيبين متعاقدين يُفترض وجودهما داخل السجن في أوقات مختلفة، لتلقّي مراجعات السجناء.

هذه المعلومات، تقابلها أخرى، يؤكّدها مصدر مطّلع على الملفّ أنّه بالإضافة إلى كشف الأطباء وطبيب المستشفى، كلّف رئيس الحكومة قوى الامن الداخلي ولجنة داخل المديرية تُعنى بحقوق الانسان إضافة إلى أطباء مستقلين بالتحقيق بكل حالات الوفيات، وقد تم وضع تقرير مفصّل بكل حالة وفاة، ولم يتبيّن وجود إهمال، بل أتت الوفيات نتيجة الأمراض المزمنة والمستعصية التي كان يعاني منها بعض السجناء كالسرطان والسكري وغيره.
ويقرّ المصدر بوجود نقص في الأدوية، فهذا أمر موجود داخل السجن وخارجه، لكن إدارة السجن تعمل بشتى الوسائل لتأمين الأدوية للمرضى، لكنّ المشكلة الإضافية تكمن برفض السجناء الأدوية البديلة التي يتم تأمينها، ويصرون على الدواء الأصيل، وهذه مشكلة إضافية تساهم بتعريض حياتهم للخطر،في حين أن الأدوية الأصيلة تكون غير متوفرة في أحيان كثيرة.

ولفت في السياق، إلى مبادرة قامت بها وزارة الصحة،إذ أمّنت منذ سنة تقريباً مركز رعاية أولية في سجن رومية، بهدف تأمين الأدوية للسجناء.

بالموازاة، صعوبة الإجراءات تعرّض حياة السجناءللخطر. بمعنى أنّ من تتطلّب حالته الانتقال إلى المستشفى، مضطر للانتظار نحو 4 إلى5 ساعات ريثما يتم إرسال برقية والموافقة عليها بهذا الشأن، ومن ثم ينتظر ساعتين إضافيتين كي يتم تأمين ما يُسمى بـ"السوق"، وهي الآلية المخصصة بنقل السجناء. وهذا ما أدى إلى وفاة العديد من المساجين. وقد مرّ على هذه الحال حواليسنة.
 

ويُضاف إلى صعوبة مقابلة أطباء السجن، صعوبةالحصول على الوصفة الطبية، إلّا بعد اعتماد أساليب عنفية، فيقوم السجين مثلاً بـ"تشطيب" نفسه، أو الإضراب عن الطعام، للحصول على الوصفة. مع العلم، أنّ الوصفة الطبية توسَم بعبارة "تُستدرك على نفقة ذويه"، وهذا يعني أن يكون شراء الدواء من مسؤولية الأهل وعلى نفقتهم.
 

اعتمادات لمتعهّدي المأكولات

الإهمال الطبي، يوازيه عجز في جودة الطعام، إذ بحسب المعلومات، فإن الشركة المتعهدة تأمين الطعام لسجن رومية، لها أكثر من 57 مليار ليرة لبنانية في عهدة الدولة، وهي ستتوقف في 4 نيسان المقبل عن تزويد سجن رومية بالطعام إلى حين الحصول على مستحقاتها، ما يطرح سؤالاً مهماً اليوم، كيف سيتم إطعام آلاف السجناء في رومية والسجون الأخرى؟ وألم يحن الوقت لكي يكون هنا كحلول جذرية للسجون في لبنان؟

 
المصدر المطلّع، يؤكد صحة المعلومات، ويشير إلى أن الطابة في ملعب مجلس الوزراء، المطلوب منه أن يوافق على مرسوم نقل اعتماد لتأمين الأموال للمتعهدين. علماً أنها ليست المرة الأولى التي يضغط فيها المتعهدون على الدولة لتحصيل مكتسباتهم.
 

الأمراض

وفي حين تنتشر في السجن حالات "جَرَب"،علاجها مؤمّن بحسب السجناء أنفسهم، إلّا أنّ الازدحام يؤثّر أيضاً في تفشّي الأمراض، وإثقال كاهل الدولة وإدارة السجن. ففي غرفة تتّسع لشخصين مثلاً بات عدد النزلاء فيها بين 6 إلى 7 أشخاص. والنظارة التي تتسع لنحو 50 شخصاً يتواجد فيها أكثر من300 شخص.

 
إلّا أنّ المصدر المطلّع يؤكّد عدم وجود تفشٍّ لحالات "الجّرّب" اذا وجدت أو أيّ مرض جلدي آخر، فالأدوية أصلاً متوفرة لهذا النوع من الأمراض. ويعتبر أنه نتيجة الاكتظاظ الحاصل في السجون من الطبيعي حدوث أمراض جلدية، لكنها مضبوطة وتخضع للمراقبة بشكل مستمر.

 

الجلسات القضائيّة

أمّا في ما يتعلق بالجلسات القضائية، فهي إمام توقفة بفعل عوامل خارجية طرأت على البلد كأزمة كورونا أو الإضرابات، وإما بفعل امتناع العسكر الموجودين في السجن عن نقل المساجين إلى المحاكم، بسبب، إما شحّ المحروقات، أو عدم وجود آليات وغياب الصيانة، أو غياب العناصر الكافية. والنتيجة،إطالة مكوث السجين داخل السجن، لمدة أطول بكثير من مدة حكمه وسجنه.

 

وفي المسار القانوني، ينفي أحد السجناء من داخل السجن وجود إخلاءات سبيل وتسهيل للمعاملات كما يُقال. ويكشف في اتصال مع"النهار" عن أشخاص مرّت على وجودهم في السجن سنتان وأكثر ولم تصدر بحقهم أحكام قضائية، فيما قانوناً، لا يستطيع القاضي توقيف الشخص لأكثر من سنة.
 

ويأسف لأنّ المعايير السياسية أو الطائفية أوالحزبية لها تأثيرها داخل السجن، فيتمنى لو أنه كان فرداً من "جبهة النصرة" أو "داعش" أو موقوفي الضنية ومجدل عنجر وغيرهم من قتلة الجيش والمعتدين على الدولة، لكان أصبح حراً، أو أقلّه صدرت أحكام عفو في حقّه.

جمعيّات إنسانيّة مشبوهة؟

ويبدي "السجين" عتباً على الجمعيات التي بحسب وصفه، "تشحد" باسم السجناء من دون تقديم مساعدات، داعياً إيّاها إلى العمل أكثر لتأمين وسائل الراحة للسجناء.

ويكشف لـ"النهار" عن شخص يُدعى ضُمّر المقداد، وهو يستقدم معونات باسم نزلاء سجن رومية، من دون أن يوزّعها عليهم. وبحسب "السجين" من مبنى المحكومين يعاون المقداد كلّ من رائدة الصلح، هبة المولى، ومنال صوان. وعُلم أنّ المقداد يقوم بزيارات متكررة إلى قائد السرية في سجن رومية.

المصدر المطلّع، يؤكد في سياق حديثه مع"النهار" أن تأمين مستلزمات الصحة والطبابة والاستشفاء لنحو 8300 سجين في لبنان، أمر ليس بالسهل، رغم أن منظمات عدة كالصليب الأحمر، ومنظمة الصحة العالمية وغيرها، تقدّم خدماتها الطبية والاستشفائية، لكن، من الضروري التنبّه إلى أن مشكلة الصحة هي مشكلة شاملة في لبنان، وليس محصورة فقط بسجن رومية أو أيّ سجن من سجون لبنان.

سعادة وطرح "اكتفاء المدّة"

عضو الهيئة الإدارية لجمعية Nusroto جان سعادة، يؤكد أن وضع السجون مذر ويعاني من اكتظاظ. لا طبابة،لا استشفاء ولا أدوية، والطعام سيّئ. ويشدد على أنّ الحلّ يكون بتقليص عدد السجناء، عبر بتّ القضاة بملفات الجنح بـ"اكتفاء مدة". بمعنى من مرّ على سجنه نحو 6 أشهر أو سنة أو أكثر، ولم تتم محاكمته، يُفرج عنه بـ"اكتفاء مدة".

وبحسب سعادة، هذا يساعد على تخفيف الاكتظاظ والكلفة على مستوى الأكل والمازوت والطبابة والأدوية، مقدّراً عدد من يخرجون"اكتفاء مدة" اذا طُبّق بنحو ألفي سجين. مع الإشارة هنا إلى أن اقتراح قانون السنة السجنية الجديد 6 أشهر الذي تقدم به الوزير بسام مولوي، لم يتمّ البتّبه بعد.

 


ويضيف سعادة: "حتى من يوجد في حقهم غرامات مالية، يجب على الدولة إعفاؤهم منها، خصوصاً من قضوا محكوميتهم"، معتبراً أنّ قانون السجون الصادر عام 1949 والذي تُطبّق أحكامه اليوم، يجب أن يُعدّل لكي يتماشى مع الزمن الذي نحن فيه".

 
وينبّه إلى أنّ حالة السجناء النفسية سيئة جدّاً، بسبب امتناع ذويهم عن زيارتهم نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، وغلاء المعيشة والمحروقات والمواد الغذائية.

 
وردّاً على سؤال عن دور الجمعيات في تحسين وضع السجناء، يجيب: "الجمعيات المعنية بالسجون تنسّق مع بعضها ومع قوى الأمن الداخلي لتأمين متطلبات السجناء قدر المستطاع، لكن يجب الانتباه إلى أن هذه الجمعيات لا يمكنها أن تحلّ محل الدولة".

 


سعادة الذي يعتبر أن التأخر في المحاكمات هو من مسؤولية القضاء، يرى أن ما يحصل في السجون هو انعكاس للأزمة التي يمرّ بها لبنان، منوّهاً بالجهود التي تقوم بها وزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الامن الداخلي، ولافتاً إلى أن انعدام توفر الأموال لتحسين الوضع الداخلي في السجن يعود لعدم رصد وزارة المالية اعتمادات نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور.

 
 

حلول خجولة

عتمة أزمة سجن رومية، سادها ضوء خافت، تمثّل بتأمين قوى الأمن الداخلي مولّدين جديدين بدآ بتوليد الطاقة الكهربائية للسجن، ما سيؤمّن ارتفاعاً في ساعات التغذية يومياً، علماً أن مشروع نظام طاقة شمسية بقيمة100 ألف يورو يتم تجهيزه في رومية من قبل الوكالة الإيطالية للتنمية والتعاون وباتفي مرحلته النهائية.

 
كما علمت "النهار"، أنّ مستشار وزيرالداخلية المسؤول عن ملف السجون، أَمَر بشكل جازم بحلحلة مسألة الوصفة الطبية.

 
 

لقاء آذار

هذا، ومن المقرّر أن يكون هناك لقاء حواريّ في 30 آذار الحاليّ في معهد قوى الأمن الداخلي في عرمون، تنظمه المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بالتعاون مع المشروع الممول من الاتّحاد الأوروبي "تعزيزالشرطة المجتمعية في لبنان"، تحت عنوان نظام السجون في لبنان "التحديات وسبل المضي قدماً"، يتناول التحدّيات والمشاكل التي تعاني منها السجون اللبنانية وأبرز الحلول لها.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار