هايتايان: لا مجال لانتظار أي تقدّم شامل لأن لا استراتيجيا أو رؤية على مستوى عام
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
"مافيا" المحروقات مستمرّة بجني أرباحها الطائلة في لبنان، بالتعاون مع سياسيين فاسدين، وطبقة فاسدة من رجال المال والأعمال، وذلك بموازاة تمرير المياه "من تحتنا" نحن الشعب اللبناني المفصول عن الواقع العالمي الذي يسير في مجالات التحوُّل الطاقوي بأسرع من المُخطَّط له، في عدد من البلدان.
عقوبات
هناك حاجة ماسّة لجعل تلك "المافيا" "عا آخر"، ولإنهاء زمن جداولها اليوميّة، وأرباحها المُلوِّثَة لجيوبنا وبيئتنا. فالمواطن العالمي بات يبحث عن الاستثمارات والإنتاج الأكثر تطوّراً والأقلّ كلفة في مجالات البطاريات الكهربائية والطاقات النظيفة، وأما المواطن اللبناني فلا يزال يبحث عن كيفية توفير تكاليف البنزين، وفواتير المولّدات الخاصة، و"كهربا الدولة"، وصيانة السيارة العاملة على الطاقة المُلوِّثَة.
واللافت للانتباه هو غياب أي مسؤول يتحدّث عن "الثورة الطاقوية" الحاصلة على مستوى العالم. فالطبقة "المافيوية" اللبنانية تعتّم على كل ما يتعلّق بتلك النّقاط، تحقيقاً لمصالحها الشخصية، وهي تستحقّ أقسى العقوبات من جراء ذلك.
استراتيجيا وطنيّة
شدّدت الخبيرة بشؤون النّفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان على أن "ليس لدينا في لبنان استراتيجيا واضحة للطاقة أو للتحوّل في مجال الطاقة، بل مجموعة من الأهداف الموضوعة من هنا وهناك، بالإضافة الى خطة وضعتها وزارة الطاقة في عام 2010 وجدّدتها في عام 2018، من دون أي إشارة واضحة الى سُبُل سريعة لمواكبة التحوّلات العالمية في مجال الطاقة".
وأكدت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" "الحاجة الماسّة لاستراتيجيا وطنية في مجال الطاقة، وللتحوُّل في هذا المجال أيضاً، تشمل كل القطاعات والهيئات والمؤسّسات، وهو ما لم يحصل حتى الساعة".
شيء جديد
وأشارت هايتايان الى أن "نظام الطاقة في لبنان بات مهدّماً عملياً، وتبرز الحاجة الى البناء على شيء جديد. ولكن الجديد الذي نراه هو أن اللبنانيين يتّجهون الى الطاقات المتجدّدة فردياً، بعدما أصبحت أسعار فواتير المولّدات الخاصّة مرتفعة جدّاً، ووسط مشاكل هائلة على مستوى الكهرباء التي توفّرها الدولة. واللافت على هذا الصعيد، هو أن الدولة اللبنانية بكل ما فيها لم تصل لإنتاج 100 ميغاوات من الطاقة النّظيفة خلال 10 سنوات، بينما وصل الشعب اللبناني الى إنتاج ما بين 350 و400 ميغاوات تقريباً من الطاقة النّظيفة، بطريقة فردية، وبين عامَي 2021 و2022 فقط".
عقوبات؟
وردّاً على سؤال حول "مافيا" المحروقات في لبنان، وعرقلتها سياسة "التحوّل الطاقوي" التي يجب أن تكون سريعة ومُواكِبَة لما يحصل في العالم، وعن ضرورة فرض عقوبات خارجية عليها، أجابت هايتايان:"هناك استفادة كبرى من "الفيول أويل" الذي يدخل البلد، ومن البنزين الذي يُباع للناس، ومن "الديزل" أيضاً. ونذكّر في هذا الإطار بالدراسات التي أظهرت أن الشركات التي تُعنى بتلك التجارة تتمتّع بمصالح تربطها بطبقة سياسية فاسدة، وهما يتبادلان الاستفادة على حساب الناس".
وأضافت:"أظهرت دراسات عديدة وجود علاقة غير صحية بين مجموعات من الصناعيين والسياسيين ورجال الأعمال، وإلا لما كانوا يسمحون لهم بالعمل. وهذا سوق تصل أرباحه الى مليارات الدولارات. فبعض المسؤولين يستفيدون من الطاقة الأحفورية، وهم يرفضون التخلّي عن أرباحهم. وبالتالي، من الصعب جدّاً الحديث عن سياسات فعليّة تتعلّق بالطاقة البديلة في لبنان، وتساعد على التحوُّل في مجال الطاقة حتى الساعة. هذا الى جانب غياب الجباية الصحيحة والمتطوّرة لفواتير الكهرباء الرسمية، وزيادة التعرفة من دون إصلاحات شاملة في قطاع الكهرباء. ولكن لا مجال لانتظار عقوبات أجنبية تطال الطبقة الفاسدة في لبنان، لا سيّما بعدما غطّت (تلك الطبقة) نفسها باتّفاق الترسيم البحري العام الفائت".
نطاق ضيّق
ولفتت هايتايان الى أن "المبادرات الفردية هي أقصى ما يُمكن التعويل عليه حالياً في مجال الطاقة البديلة، الى جانب المساعدة من بعض المانحين الذين يساعدون البلديات في مناطق عدّة بالحصول على ألواح الطاقة الشمسية وتركيبها، وهو ما يوفّر لامركزية معيّنة على صعيد إنتاج الطاقة، طالما أن الدولة المركزية تُظهر فشلاً واضحاً على هذا المستوى".
وختمت:"رغم ذلك، فإن لا مجال لانتظار أي تقدّم شامل على صعيد التحوّل بمجال الطاقة في لبنان، وذلك لأن لا استراتيجيا أو رؤية على مستوى عام. فالاستراتيجيات تضعها الحكومات في العادة، فيما تصل المبادرات الفردية الى مرحلة تصطدم فيها بواقع قانوني ورسمي قد يمنعها من المضيّ قُدُماً أكثر في التحوّل الى الطاقات البديلة. وهذا الواقع يشكّل عرقلة حقيقية، ويُبقي المحاولات ضمن نطاق ضيّق".