مصدر: أين تعمل الدولة اللبنانية وكيف تنتج وتتموّل؟
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
يذكّرنا ما يحصل في السودان وإقليم تيغراي (إثيوبيا) في الآونة الأخيرة، بلبنان، وبالكثير من الفضائح وملفات الفساد التي فيه.
مراجعة شاملة
فقبل يومين، أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وقف مساعداتها الغذائية لإقليم تيغراي، بشكل موقَّت، بعد تسجيلها مخالفات في عمليات التوزيع، وصلت إلى درجة بيعها في الأسواق، وذلك رغم أن سكان الإقليم يعانون من ظروف شبيهة بالمجاعة.
ونتيجة لذلك، تحقّق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في ملابسات ما حصل، وهي أطلقت مراجعة شاملة لبرنامجها هناك. كما سافر مسؤولون أميركيون إلى إثيوبيا لإجراء مزيد من التقييم.
نهب يومي
وفي السودان، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أمس، عن أن نحو 17 ألف طن من المساعدات الإنسانية، والتي تتراوح قيمتها ما بين 13 و14 مليون دولار، تعرّضت للنّهب منذ اندلاع القتال هناك قبل أقلّ من شهر.
وقال مدير البرنامج إن النّهب متفشٍّ هناك، وإن بعض التقارير عن سرقة إمدادات الأغذية لا تزال قيد التحقيق. كما أكدت بعض المعطيات المتوفّرة من هناك تلقّي تقارير عن عمليات نهب بشكل يومي تقريباً.
فقراء لبنان
بالنّسبة الى لبنان، لسنا بحاجة للتذكير بأن سلعاً مدعومة لصالح أفقر الناس في البلد، وُجِدَت في أسواق أجنبية قبل نحو ثلاث سنوات.
كما لسنا بحاجة للتذكير بالمساعدات السنوية التي تدخل لبنان، كبلد مُستضيف للنازحين السوريين، ومن أجل العائلات اللبنانية الأكثر فقراً فيه.
فالمساعدات السنوية تلك تدخل لبنان بملايين الدولارات، فيما يزداد عدد العائلات اللبنانية الأكثر فقراً، بموازاتها، فصلياً، وليس سنوياً.
من يعلم؟
أوضح مصدر مُطَّلِع أن "نسبة مهمّة من المساعدات التي تدخل لبنان باتت تُوضَع تحت إدارة الدولة اللبنانية منذ مدّة لا بأس بها، وما عادت لصالح الجمعيات غير الحكومية حصراً، كما كانت عليه الأحوال بين عامَي 2020 و2021. ولكن من يعلم تماماً ماذا يدخل؟ وأين يُنفَق، سواء كان تحت إدارة الدولة أو تلك الجمعيات؟".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "المحاسبة يجب أن تكون شاملة. فعدد الجمعيات في لبنان قد يُسابق أعداد النازحين واللاجئين الموجودين على الأراضي اللبنانية. وهي تعمل لمصالحها، ولا أحد قادراً على محاسبتها".
نقلة سياسية
وشدّد المصدر على أن هناك "ملايين الدولارات التي تدخل الى البلد سنوياً، فيما فقراء البلد "مثل الأطرش بالزفّة". فالعمل على ملفات الفقر في لبنان يأتي ضمن إطار افتراضي، في عدد من جوانبه، وهو ما لا يسمح بتوفُّر الكثير من المعطيات الدقيقة حولها".
وختم:"موازنة لبنان السنوية الفعلية قد لا تتجاوز الـ 500 مليون دولار، وهي بالكاد تكفي لدفع رواتب ومخصّصات العاملين في قطاع عام لا يعمل، ولا ينتج. وبالتالي، أين تعمل الدولة؟ وكيف تنتج؟ وكيف تتموّل بعدما توقّف أوكسيجين المساعدات والهبات القديمة والسخيّة عنها؟ هذا واقع مريب، يطرح الكثير من الاستفسارات. ولكن لا إمكانية لتغيير فعلي من دون نقلة سياسية نوعية، تبدأ بانتخابات رئاسية حقيقية، وبتشكيل حكومة قادرة على العمل".