زعيم القرن الثامن عشر الذي لا يكلّف نفسه عناء الحضور الى استوديو الأخبار!... | أخبار اليوم

زعيم القرن الثامن عشر الذي لا يكلّف نفسه عناء الحضور الى استوديو الأخبار!...

انطون الفتى | الإثنين 19 يونيو 2023

درباس: ديموقراطية طقسية مارست العشائرية والقبلية والتخلّف بكل ما للكلمة من معنى

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

بمعزل عن أن الشعوب هي التي تنتخب رؤساء بلدانها في معظم الدول الديموقراطية، وهو ما يُلزِم الطامح بمنصب رئاسي بالنّزول الى الأرض كثيراً عشية الانتخابات، إلا أن أبرز ما يلفتنا في لبنان على هذا الصّعيد، هو انعدام مستوى العمل السياسي، حتى ولو كان المرشّح الرئاسي غير مُضطّر لنَيْل حظوة شعبه، بل الكتل النيابية التي ستقترع له في مجلس النواب.

 

مشروع

وانعدام مستوى العمل السياسي هذا، يظهر بعَدَم شعور المرشّح الرئاسي بالحاجة الى عرض أي مشروع أو رؤية. فمشروعه الوحيد هو أنه مرشّح للرئاسة، وهذا يجب أن يكفينا.

كما أن التغطية الإعلامية التي ترافقه، هي تلك التي يحدّدها هو، والتي قد تقتصر على مسؤول في "المرتبة العاشرة" ربما بتياره السياسي، يطلّ على الناس ليخبرهم بـ "شو ما كان". فلا حاجة للذّهاب الى الأعماق، طالما أن هذا الفلان ترشّح الى الرئاسة، وكأن هذا هو الإنجاز المهمّ الذي سيسيّر البلد.

 

 

"طرش ودهان"

نتذكّر مثلاً، أن أكبر رؤساء الدول الديموقراطية يخضعون لشروط الترشّح لولاية ثانية، حتى ولو كانوا لا يزالون في السلطة. فهُم يحضرون شخصياً الى استوديوهات الأخبار، للإجابة على أسئلة كما لو كانوا مطلوبين للعدالة في أحيان كثيرة. وهم يشاركون في بعض نشرات الأخبار، وليس في البرامج السياسية فقط، ومن داخل الاستوديوهات، وليس من منازلهم أو قصورهم. كما يخضعون لشروط المناظرات الإعلامية، فيُقطَع صوت "الميكروفون" إذا تجاوزوا الوقت المسموح به لهم. ويتمّ إحراجهم بالكثير من الوثائق، والأرقام، والوقائع... التي تُفيد بأنهم خرقوا بعض ما كانوا التزموا به في ولايتهم الرئاسية الأولى، أو أخفقوا به، مع توفير فرصة الدفاع عن أنفسهم أمام الشعب كلّه.

وأما في لبنان، فلا شيء من هذا أبداً، ولا ما يشبهه على الأقلّ. فالمرشّح الرئاسي هو زعيم القرن الثامن عشر. هو الرئيس الأبدي، والقائد المُظفَّر. وهو ذاك الذي يكلّف الآخرين بالحديث عنه، لممارسة "الطرش والدّهان" لصالح أعماله وإنجازاته، حتى ولو كانت غير متوفّرة أصلاً، إذ يكفي أن يعتبر هو ومن يحيطون به أنها موجودة، حتى تكون كذلك.

 

 

طقس كاذب

أوضح الوزير السابق رشيد درباس أن "المرشّح الرئاسي في الخارج يخاطب الجمهور، لأن هذا الأخير هو الذي يوفّر له فرصة الفوز عندما يقترع لصالحه. ومن هنا، تصبح المقدرة على إقناع الجمهور هي المقياس الحقيقي للفوز والوصول الى الحكم".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "هناك فارقاً أساسياً بين لبنان ودول الخارج على هذا الصعيد أيضاً، وهو أن الانتخابات هناك هي انتخابات، بينما الانتخابات في لبنان هي عبارة عن طقس كاذب، بقرار مُسبَق ومُتَّخَذ في مكان ما. ولذلك، لا يشعر المرشّح بالحاجة الى أن يقنع أحداً بشيء، ولا الى تقديم برنامج. فنجاحه ليس مرهوناً بالصوت الذي سيحصل عليه في مجلس النواب، بل بالطبخة التي ستسهّل وصوله الى السلطة. وحتى إنه لا يمكن للمواطن اللبناني أن يحاسب الجهة النيابية التي تصوّت لمرشّح رئاسي يعتبر هو (المواطن) أنه غير جدير بالرئاسة، وذلك لأن أمر الكتل النيابية والنواب ليس بأيديهم، فهُم كلّهم وكلاء، ويسيرون بأي تسوية تُطبَخ في الخارج".

 

 

شكل الإنقاذ

ولفت درباس الى "أننا ديموقراطية طقسية، أخذت الشكل الديموقراطي الخارجي عن أوروبا، ولكنّها مارست العشائرية والقبلية والتخلّف بكل ما للكلمة من معنى. فالسياسيون اللبنانيون فشلوا في استعمال كل الفرص التي أُعطِيَت لهم من أجل إنتاج حلّ من الداخل، وهم ينتظرونه من الخارج. وعندما يحين وقته (الحلّ)، سيدعمه الجميع".

وأضاف:"لا يمكن عزل لبنان عن الاجتماعات التي حصلت وتحصل في فرنسا وإيران مؤخّراً. ولكن لا تزال هناك بعض الجهود والحوارات المطلوبة. هذا مع العلم أن السعودية لا تريد الانخراط بالتفاصيل اللبنانية، ولا أن تصبح جزءاً من اللعبة السياسية الداخلية في لبنان".

وختم:"المسألة الفعلية باتت محصورة بما إذا كانت القوى السياسية اللبنانية جاهزة لأن تتفق مع بعضها البعض على شكل الإنقاذ في المرحلة القادمة، أو لا. وهذا يبدأ بالبحث في مستقبل ازدواجية السلطة، والخروج من سياسة المحاور، وترميم العلاقات مع الدول العربية، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي، وهيكلة المصارف، ودراسة موضوع الديون والودائع. فهذه الخطة إذا اتّفقت عليها الأطراف، ستسهّل الطريق لانتخاب الرئيس. وعندها، يمكن لأيّ كان أن يكون رئيساً".

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار