شعبنا الذي يفتقر الى الاحترام... هل ينضج يوماً؟ | أخبار اليوم

شعبنا الذي يفتقر الى الاحترام... هل ينضج يوماً؟

انطون الفتى | الثلاثاء 04 يوليو 2023

درباس: للإسراع في معالجة العارض من دون التأثير على الأساس

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

بمعزل عن يمين ويسار، وعن تطرُّف واعتدال، وعمّن يمكنه أن يكون مُحقّاً أو لا، فإن هناك ما لا بدّ من ملاحظته في الاحتجاجات الشعبية، السلميّة أو العنفيّة، التي تحصل في عدد من الدول الديموقراطية (في الظاهر على الأقلّ).

"تاج راسنا"...

فمشكلة بين شرطي ومواطن، في أي بلد ديموقراطي (من حيث المبدأ)، تكون قادرة على إشعال بلد، من حيث المبدأ أيضاً، وبمعزل عن أصحاب الميول المتطرّفة، أو الإرهابية، الذين يجدون ضالّتهم في مثل هذا النّوع من المجتمعات.

فهناك، لا يوجد من يقول إن "جزمة" الجندي، أو الشرطي، أو رجل الأمن، "تاج راسنا". وهناك، لا يوجد من يقبل أن يتعامل مع رجل الأمن بخوف، أو بعلاقة دونيّة. وهذا بمعزل عمّا إذا كانت توجد مُخالَفَة أو لا، وعمّا إذا كان المُخالِف مُهاجراً، أو غريباً، أو مواطناً أصلياً.

حروب مستمرّة

وهناك، العلاقة بين رجل الأمن والمواطن، هي علاقة مواطن بمواطن، وعلاقة "تجارة" قائمة على أن الأول يوفّر الأمن للثاني الذي هو دافع ضرائب، وذلك، مقابل راتب، وتقديمات... يتقاضاها (رجل الأمن) من أموال دافعي الضرائب، في مكان ما. وهو ما يستوجب علاقة احترام - احترام، قائمة على حفظ حدود كل طرف، وعَدَم شعور أحدهما بقوّة مُفرِطَة على الآخر.

أما في بلداننا الشرقية عموماً، وليس في لبنان وحده، فهناك علاقة ذنب، على أساس أن "احموا جزمة" رجل الأمن، لأنه "تاج راسكون"، هو الذي يضع روحه على كفّه، ويقف نهاره وليله مُدافعاً عنكم.

كما أن في بلداننا الشرقية عموماً، وليس في لبنان وحده، توجد علاقة غير سليمة، تجنح نحو قلّة الاحترام أحياناً كثيرة، بين المواطن ورجل الأمن.

وهذه كلّها من "ظواهر" البلدان المتخلّفة، والشعوب الأكثر تخلُّفاً، التي لا تعرف العيش سوى "تحت الجزمة"، أو بالتكسير، والتحطيم، والمشاكل، والثورات، والحروب المستمرّة.

قضايا متعدّدة

رأى الوزير السابق رشيد درباس أنه "لا يمكن مقارنة أعمال الشغب التي حصلت في فرنسا مؤخّراً، والعلاقة القائمة بين المواطنين والمُشاغبين ورجال الأمن هناك، بما هو موجود في لبنان".

وشرح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "فرنسا تواجه قضايا متعدّدة، منها ديموغرافيا مُتزايِدَة ومختلفة عن الماضي، وشرائح اجتماعية تتّكل على الدولة هناك أكثر من اللازم، وهي لا تريد أن تعترف بأن الدولة التي تعيش فيها لديها تأمينات اجتماعية واجبة عليها، في ظلّ مشاكل اقتصادية كبيرة تعاني منها. وبالتالي، لا يمكن لتلك المجموعات أن تتصرّف كما لو أنها في مزرعة، وأن تصرّ على التقاعد في السنّ الذي تريده هي، وعلى شروط الحياة التي تريدها، وعلى أفضل الظروف المعيشية، بأقلّ جهد مبذول من جانبها، وذلك مقابل الحصول على الكثير من الدولة الفرنسية. فهذا ما ليس متوفّراً لشعوب دول كبرى أخرى أيضاً، وليس في فرنسا وحدها".

الإدارة السياسية

وشدّد درباس على أنه "في ظلّ فقدان التوازن الحاصل على المستوى العالمي، يمكن لأي فكرة أن تُثير العصبيات، وأن تشكّل شرارة لاندلاع مشاكل وعنف، بينما الواقع هو أن الغضب الشعبي من الحكومات يؤدي الى الاحتجاجات. وهذا ما يحصل في فرنسا. ولكن شرطياً فرنسياً واحداً لا يختصر الشرطة الفرنسية كلّها، ولا الجيش الفرنسي كلّه. ومن يغضبون، ويحطّمون، وينهبون، سينقضّون على بعضهم البعض في النهاية، إذا كانت لا توجد شرطة وقوى أمن فرنسيّة تحميهم".

وأضاف:"في لبنان، قد يكون هناك بعض الجفاء والكبرياء أحياناً، بين بعض القوى الأمنية والناس. ولكن ما يمرّ به البلد من أزمات، جعل هيبة تلك القوى، وإمكاناتها، وعددها، وأحوالها، أضعف من السابق. وباتت العناصر الأمنية تُعاني من نتائج المشاكل والأزمات المعيشية والاجتماعية، مثل الناس. وبالتالي، ما من مجال لأي ضغينة بين الطرفَيْن. ولو كانت العناصر الأمنية والعسكرية غير موجودة في لبنان، وسط الحالة المتصدّعة التي نعيشها حالياً، لكان اللبنانيون أكلوا بعضهم البعض بكلّ ما للكلمة من معنى".

وختم:"عندما تحصل بعض الأخطاء، يتوجّب استيعابها، والإسراع في معالجة العارض من دون التأثير على الأساس. ومهما حصل أحياناً من مشاكل أو احتكاكات بين مواطنين وعناصر أمنية أو عسكرية، إلا أنه لا بدّ لنا من أن نتذكّر دائماً أن الجيش اللبناني يتلقّى ما يتلقّاه من اعتداءات على عناصره في بعض الأزمنة والظروف والمناطق، وأنه يبذل جهداً كبيراً. فالمشكلة في لبنان قائمة بين الإدارة السياسية المتحكّمة بالبلد، وبين بقيّة الناس، سواء كانوا مواطنين، أو عناصر أمنية وعسكرية".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار