هاشمية وشقير "متدخّلان" في ملف إدارة "البرّ والإحسان" | أخبار اليوم

هاشمية وشقير "متدخّلان" في ملف إدارة "البرّ والإحسان"

| الإثنين 10 يوليو 2023

رئيسٌ جديد لجامعة بيروت العربية

أحمد الأيوبي - "نداء الوطن"

شهِدَت قضيةُ وقف «البرّ والإحسان» تطوّراتٍ متداخلة كان أبرزها قيامُ مجلس أمنائه بتعيين رئيسٍ لجامعة بيروت العربية هو البروفسور وائل نبيل عبد السلام خلفاً لعمرو جلال العدوي، بالتوازي مع انكشاف تدخّل كلّ من الوزير السابق محمد شقير ورئيس جمعية «إمكان» أحمد هاشمية في هذا الملف، عندما قصد الأخير مكتب رئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ محمد عساف لتأكيد دعمه لمن أسماهم الناشطين، «المتدخلين بغير صفة»، وفق توصيف بعض المعنيين، بينما كان موقف عساف التمسّك بالقانون ورفض أيّ تأثيرات على عمل القضاء الشرعي. إلاّ أنّ الأهمّ هو تكريس الحكم الصادر عن المحكمة الشرعية السنية العليا في بيروت بإنهاء التقاضي ورفض التدخّل في أعمال الوقف ممن لا صفة لهم واستئناف نشاطه بشكل طبيعي.

 

يعتبر وقف «البرّ والإحسان» من أعرق المؤسسات الإسلامية في بيروت ولبنان وقد عمل منذ ثلاثينات القرن الماضي على إنشاء المؤسسات التربوية والدينية، وكان أبرزها جامعة بيروت العربية فضلاً عن إنشاء المدارس والمساجد.

بتاريخ 31/5/2023 أصدرت الهيئة الحاكمة في المحكمة الشرعية في بيروت برئاسة الشيخ محمد عساف وعضوية الشيخين غالب الأيوبي وعبد الرحمن الحلو قرارها بشأن الطعن المقدّم من النائب العام لدى هذه المحكمة العليا، وقضى قبول الطعن المقدّم من النائب العام شكلاً عدم جواز السير في «الإخبار» (الذي قدّمه المحامي محمد خير الكردي) المطعون بقراره بالشكل الجاري تقديمه، وعدم جدوى السير في الطعن بالقرار المحكوم ببطلانه وانعدامه، لانتفاء الموجب، وكان من أبرز ما جاء في حيثيات القرار أنّه «ليس لشخص مجهول الصفة والمصلحة أن يتوسّل القضاء غير المختص بمادة «إخبار» بمقتضى استدعاء، بوجه شخصية معنوية ذات حضور تربوي رائد وسمعة حسنة في أوساط المجتمع الإسلامي، مُعرِّضاً سمعتها للاهتزاز ومؤسساتِها للارتكاس من دون أيّ مستند أو دليل إثبات».

صدر القرار بدرجة نهائية لا تقبل الاستئناف واعتبره خبراء في القانون والوقف تاريخيّاً لأنّه حمى الأوقاف من إمكانية العبث بها بأساليب التفافية كما حصل في ملف «البرّ والإحسان».

إنكشاف تدخّل هاشمية وشقير

سُجّل التدخل الملموس لهاشمية في ملف «البرّ والإحسان» عندما تقدّم المحامي محمد خير الكردي باستدعاء في وجه الوقف لتعطيله، ليتّضح أنّ الكردي يعمل في مكتب المحامي (ح. ح) وكيل هاشمية من دون أن يكون صاحب صفة قانونية تتيح له الادّعاء، كما سُجّل تدخّل الوزير السابق محمد شقير الذي التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع آخرين، وقدّم مطالعة في الطعن بإدارة الوقف بالإضافة إلى بذله جهوداً مع بعض القضاة تتلاقى مع ما قام به هاشمية، لكن يبدو أنّهما عادا وافترقا في منتصف الطريق لحسابات التنافس الافتراضي بينهما، وهذا هو سبب إصدار شقير بيان التبرؤ من التدخل لكنّ بصماته لم تُمحَ بعد عن صفحات هذا الملف.

إستغلّ هاشمية سياسة الباب المفتوح التي يعتمدها رئيس المحاكم الشرعية الشيخ محمد عساف في التعامل مع الجميع، فقام بزيارته لأنّ عساف لا يغلق بابه في وجه أحد، لكنّ الغريب في هذا الأمر هو إصرار هاشمية على التدخّل في ملف وقف «البرّ والإحسان» من خلال تحريك بعض المحامين وممارسة الضغوط أو الإغراءات على بعض القضاة لإثارة الفوضى القضائية.

لا يقف هاشمية بعيداً عن تحرّك بعض القضاة في رفع شكاوى ضدّ الرئيس عساف في محاولةٍ لتغيير المسار القانوني بعد فشل الحملة الأولى للإطاحة بإدارة وقف «البرّ والإحسان»، واللّافت في هذا السياق إصرار بعض القضاة على توجيه خطاب اعتراضي بما يطال أعمال رئاسة المحاكم الشرعية بحيث يضطر الشيخ عساف للتحرّك من أجل ضبط الانتظام العام، بينما تغاضى عن الكثير من الاستهداف الشخصي بحقه طيلة الفترة الماضية.

يرفض الرئيس عساف مناقشة الملفات القضائية مع من يأتي إليه من السياسيين، وبينما يروِّج هاشمية أنّ الرئيس فؤاد السنيورة يتدخّل في ملف «البرّ والإحسان» فإنّ أوساطاً حقوقية تطلب كشف أيّ دليل على تدخّل السنيورة الذي يخبر من يقصده في هذا الملف أنّه ليس طرفاً وأنّه مع أن يأخذ مجراه في القانون، وفي المقابل، لم يتمالك هاشمية نفسه وأعلن تدخّله من خلال حضوره إلى محكمة بيروت الشرعية ليحاول فرض أمرٍ واقع لا يتحقّق، لأنّ المحاكم الشرعية استطاعت الحفاظ على تماسكها واستمراريتها وانضباطها رغم الانهيار الحاصل في القضاء المدني، فهي لم تتوقف منذ وباء كورونا حتى اليوم عن أداء مهامها، في الشكل والمضمون.

الملاحظة الأخيرة في هذا المجال هي أنّ هاشمية لم ينفِ ما نُشِر عن تدخلاته بل سَوَّقها باعتبار أنّه «يقود» عملية «تطهير المحاكم الشرعية من الفساد»، في حين تناقلت أوساطٌ معنية أنّه قام بتغطية رحلة الحج لأحد القضاة وبعض المحامين الذين «يصدف» أنّهم ينشطون على خطّ التحرّك ضدّ إدارة وقف «البرّ والإحسان».

رئيسٌ جديد لجامعة بيروت العربية

تقدّمَ مجلسُ أمناء وقف «البرّ والإحسان» خطوة إلى الأمام لتجاوز الأزمة فعمد المجلسُ إلى تعيين رئيسٍ جديد لجامعة بيروت العربية هو البروفسور وائل نبيل عبد السلام الذي يحمل الدكتوراه في الطب والجراحة من جامعة الإسكندرية، ويُعَدُّ أحد أبرز الأطباء الذين عملوا في إدارة المستشفيات وشغل منصب عميد كلية الطب في جامعة الإسكندرية ثم نائباً للرئيس لشؤون التعليم والطلاب، كما كان رئيساً لمجلس إدارة المستشفيات الجامعية.

وصل الدكتور عبد السلام إلى بيروت وعقد اجتماعات تمهيدية مع رئيس مجلس أمناء وقف «البر والإحسان» الدكتور عمار حوري وأعضاء المجلس والهيئتين التعليمية والإدارية للجامعة قبل تسلّمه مهامه رسمياً في الأول من أيلول المقبل، واستمع إلى المعنيين عن الواقع التعليمي والبحثي للكليات في مختلف الأحرام الجامعية في بيروت والدبية وطرابلس وأعرب عن رغبته في تحديث استراتيجية الجامعة، مشدِّداً على أهمية دراسة واقع سوق العمل في لبنان وفق أعلى المعايير الدولية لتأمين فرص عمل جديدة، ودعا الى فتح مسارات مهنية في الدراسات العليا.

وفي جولته مع أمين عام الجامعة الدكتور عمر حوري على مركز الرعاية الصحية وعيادات طب الأسنان والعلاج الفيزيائي والتمريض والتغذية ومختبرات الصيدلة واجتماعاته مع المعنيين في الكليات الطبية، أبدى حرصه على الاستمرار بتأمين جودة التعليم، وشدّد على أهمية إنشاء مستشفى جامعي متطور يعزز دور لبنان في المجالين الطبي والاستشفائي الى جانب تدريب الكوادر الطبية، ولفت الى وجود دراسات كان قد بدأها وقف «البر والإحسان» لتنفيذ هذا الهدف الحيوي بالنسبة للجامعة لخدمة لبنان والمنطقة.

حتّى تاريخ استلام الدكتور عبد السلام لمهامه في رئاسة جامعة بيروت العربية لن يكون مستبعداً حصول بعض الهزّات الارتدادية من قبل الرئيس الموشك على المغادرة عمرو جلال العدوي وحلفائه من السياسيين اللبنانيين، ويمكن اعتبار أنّ تعيين الدكتور عبد السلام خطوة مفصلية في تجاوز الأزمة التي واجهها وقف «البرّ والإحسان» ومؤسساته وعلى رأسها الجامعة، بينما انتقل التشويش القضائي نحو استهداف رئاسة المحاكم الشرعية العليا التي يبدو أنّها ستكون أمّ المعارك الدينية والسياسية في الساحة السنيّة خلال الأشهر المقبلة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار