حرية "ورقيّة"... من هو اللبناني القادر على إصدار منشور ينتقد فيه دولة "صديقة"؟ | أخبار اليوم

حرية "ورقيّة"... من هو اللبناني القادر على إصدار منشور ينتقد فيه دولة "صديقة"؟

انطون الفتى | الأربعاء 12 يوليو 2023

مصدر: حلّ هذا النوع من المشاكل يحتاج الى سلطة لبنانية غير خاضعة

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

تعود قضية أو مشكلة الحريات في لبنان الى الواجهة، بين الحين والآخر، خصوصاً عندما تأخذ منحًى حادّاً في بعض المرّات، والقضايا.

 

عبودية

ولكن الواقع هو أن لبنان حرية وديموقراطية "دفترية" منذ زمن بعيد. وهذا واقع غير محصور بمفاعيل السلاح غير الشرعي وحده، رغم أنه يمنع الحريات والتحرُّر بالفعل. فماذا عن "زعران" القوى السياسية والحزبية كافة (حتى تلك التي تتحدث عن الديموقراطية، والحرية، والحداثة)، المنتشرة في مختلف المناطق؟ أفلا تمنع تلك "الظواهر" الحريات في كافة المناطق و"المجتمعات" اللبنانية؟

أمر آخر أيضاً، وهو أنه صحيح أن القوى "الظلامية" التابعة لمحاور "مُظلِمَة" تؤثّر على منع حرية الرأي، والتعبير، والقلم، والفكر، في البلد. وصحيح أن تلك القوى قادرة على افتعال أزمات ومشاكل كبيرة جدّاً، منعاً لأي فكر حرّ، إلا أن هناك عبودية من نوع آخر أيضاً، تمنع الإنسان الحرّ في لبنان من ممارسة الحرية، بجوهرها.

 

السجن...

فمن هو اللبناني القادر اليوم، على إصدار كتاب، أو بحث، أو أي مطبوع ومنشور، يتضمّن انتقادات معيّنة لأي خطة، أو سياسة، أو سلوك... سياسي، أو أمني، أو اقتصادي ومالي، أو للرؤية هذه أو تلك، في بعض الدول "الصديقة" و"الشقيقة" للبنان، بشكل حرّ، وحتى لو كان هذا المنشور مُدعَّماً بالأرقام، والجداول، وغزيراً بالشروحات العلمية؟

أفلا يتعرّض هذا اللبناني للتخوين، قبل أن تتطوّر الأمور لاتّهامه بإيذاء لبنان ومصالحه، وآلاف اللبنانيين الذين يعملون ويسترزقون هنا أو هناك، وصولاً الى حدّ الاتّهام بالتجريح، وبتنفيذ "أجندات" مشبوهة، وبتخريب علاقات لبنان الخارجية مع الأصدقاء والأشقاء، ومنع الاستثمارات والمساعدات عن البلد؟ هذا الى جانب احتمالات الوصول الى المطالبة باستجوابه، ومحاكمته، وسجنه ربما؟

 

مساحة حريات؟

وفي تلك الحالة، هل يكون لبنان بلداً للديموقراطية والحريات بالفعل، فيما هو بلد الخضوع لترهيب السلاح من جهة، و(ترهيب) الصداقات، والاستثمارات، والمساعدات من جهة أخرى؟

وهل يكون لبنان مساحة شرق أوسطية للحريات بالفعل، إذا كانت كل دولة خارجية خائفة على سمعتها، وترغب بتلميع صورتها في كل مكان وزمان، (إذا كانت) قادرة على أن تمنع إصدار أي منشور ينتقدها فيه، أو ينتقد أي سلوك لها، ولو كان ذلك بطريقة علمية، قادرة على أن تكون مُفيدة لها، في ما لو اتّعظت ممّا يحويه هذا المنشور "الانتقادي"؟

وهل يكون لبنان واحة حقيقية للحريات، إذا كان عبداً للسلاح والترهيب من جهة، وللصداقات والاستثمارات "التهديدية" بالانسحاب منه، وبوقف التعاملات معه، من جهة أخرى، في حال اعتبرت أي دولة أنها أُهينَت من جراء أي منشور حرّ، يصدر فيه؟

لا يا سادة. هذا لا يكون بلد الحريات، بل المساحة الصالحة لممارسة كافّة أشكال الديكتاتوريات، على اللبناني الحرّ، بإسم أصدقاء، وأشقاء، ومصالح.

 

العدالة

شدّد مصدر خبير في ملفات تتعلّق بقضايا حقوقية وإنسانية، على أن "لا حرية من دون عدالة، وهذا مبدأ أساسي لا يتغيّر. وبالتالي، عندما تتوفّر العدالة في أي مكان، يمكن الحديث عن حرية فيه".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "لا عدالة في لبنان حالياً، إذ لا قرارات قضائية فعلية وعادلة في أي ملف كان، وحيث لا يقوم القضاة بواجبهم كما يجب. وبغياب العدالة، لا مجال للحديث عن الحرية في البلد".

 

سلطة حرّة

وأكد المصدر أنه "يحقّ لأي كان أن ينتقد من يريد، والدولة الخارجية التي يريدها، شرط أن لا يكون الانتقاد تجريحيّاً. ولا يحقّ لأحد أن يمنع اللبناني من أن يقول مثلاً، إنه يتوجّب حصول كذا وكذا، والقيام بهذا الإجراء أو ذاك، أو عَدَم فعله، في هذه الدولة أو تلك. فهذا رأي حرّ، وانتقاد علمي، ولا يحقّ لأحد أن يتّهم صاحبه بالتشهير، أو بإهانة دول أو شخصيات معيّنة، أو بالتدخّل في شؤون دول أخرى".

وأضاف:"بتلك الطريقة، حتى ولو انزعجت الدولة التي انتُقِدَت أو انتُقِدَ أي شيء فيها، سواء في كتاب، أو منشور... لبناني، واحتجّت سفارتها مثلاً، أو أي ممثّل عنها في لبنان، وافتعلت مشكلة وطوّرتها، (بتلك الطريقة) يحقّ للسلطات اللبنانية بأن لا تُجيبها بشيء، وبأن لا تتفاعل مع احتجاجاتها، وبأن تتركها لتستوعب الحقّ بممارسة الحرية".

وختم:"حلّ هذا النوع من المشاكل يحتاج الى رئيس لبناني حرّ، والى تشكيل حكومة حرّة، والى برلمان حرّ، وسلطة لبنانية غير خاضعة، وغير مستعدّة للخضوع والمساومة على الحرية، وعلى الخصوصية التي يجب توفيرها للبنان على مستوى الحرية والحريات. بينما السلطة اللبنانية المتوفّرة حالياً لا تتمتّع بالمستوى المطلوب في هذا المجال".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار