دول كثيرة قائمة بذاتها وهي تحكم الدولة اللبنانية... هذه هي السفارات في لبنان... | أخبار اليوم

دول كثيرة قائمة بذاتها وهي تحكم الدولة اللبنانية... هذه هي السفارات في لبنان...

انطون الفتى | الخميس 03 أغسطس 2023

الشاعر: بلد محكوم من جانب طبقة مموّلة من الخارج بمعظمها

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

تطرح حركة بعض السفراء في لبنان الكثير من الأسئلة، نظراً لما تحمله من أشكال "نافرة" و"فاقعة"، في بعض الأحيان.

 

غير طبيعية

فبمعزل عن أننا في بلد لا قرار ذاتياً له على أي صعيد، ولا مستوى "صحياً" للعمل السياسي فيه، إلا أن أنشطة بعض السفراء فيه تُثير الاستغراب، على صعيد تغريدات تتدخّل في شؤون وتفاصيل لبنانية داخلية، لا يحقّ لسفير دولة أن يعلّق عليها أصلاً، ولا حتى على سبيل إبداء الرأي. فضلاً عن تحويل بعض السفراء سفاراتهم الى "مُلتقى" لاستقبالات، و"صبحيات"، و"عصرونيات"، ولزيارات وداعية، وحتى للتواصُل مع سفراء أجانب، والتداول معهم بشؤون لبنانية من دون أي ممثّل عن لبنان، في تلك الاجتماعات. وحتى إن بعض الوزراء والنواب والشخصيات اللبنانية يزورون السفير هذا أو ذاك في سفارته، وكأنهم يقدّمون الطاعة له ولبلده، وهي مظاهر "غير طبيعية".

 

السيادة

هذا الى جانب إقحام بعض السفراء ذواتهم في أمور لا تعنيهم، إما على هامش المشاركة ببعض المناسبات والاحتفالات الداخلية، أو في بعض أنواع الكلام السياسي. فبعضهم يتبنّى لغة تخوينيّة لبعض الأطراف اللبنانية، أو تقديم أفكار "بديعة" حول كيف يجب أن يكون عليه الحال في لبنان، وذلك بشكل يُساهم بمزيد من صبّ الزيت على النار في البلد، وبإحداث مزيد من التفسّخات اللبنانية - اللبنانية.

طبعاً، هذا قد يكون طبيعياً في بلد مثل لبنان، يُعاني من نقص كامل في الحرية، والسيادة، والقرار الحرّ. ولكن لا بدّ من فعل شيء لوقف تلك الممارسات، حفظاً لماء الوجه اللبناني على الأقلّ.

 

دول

فالسفير الروسي في واشنطن مثلاً، قد يعلّق على سياسة أميركية معيّنة، أو قد يُبدي رأيه بقضايا أميركية، ولكن لتلميع صورة بلده عبر تكذيب أميركا، وسط حرب روسيّة - "أطلسية" مدمّرة، تدور في أوكرانيا منذ عام ونصف تقريباً. والعكس قد يكون صحيحاً أيضاً. ولكن أن يستسهل أي سفير إبداء رأيه، أو مهاجمة بعض الأطراف الداخلية في بلد معيّن، أو تحويل سفارته الى مركز استقبال، فهذا ليس طبيعياً تماماً، خصوصاً أن بعض هؤلاء السفراء أنفسهم أشبعونا دروساً كثيرة عن ضرورة عدم التدخّل في شؤون بلدانهم الداخلية، خلال السنوات القليلة الماضية، فيما هم يحوّلون سفاراتهم في لبنان الى دول قائمة بذاتها، بكل ما للكلمة من معنى.

 

اتّفاقية فيينا

أسف الناشط السياسي ربيع الشاعر لأن "لا أحد يلتزم بشكل تام في لبنان باتفاقيّة فيينا التي تُلزم السفراء باحترام السيادة، وبعدم التصريح إلا بإذن".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "عندما ارتكب السفير الصيني في فرنسا هفوات عبر تصريحات معيّنة أدلى بها قبل أشهر، استُدعِيَ سريعاً، وتمّ تذكيره بشروط اتفاقية فيينا. وهذه من الأمور الضرورية التي تفرضها الدول على السفراء المُعتمدين لديها، عندما تكون ذات سيادة حقيقية".

 

ضعيف

ولفت الشاعر الى أن "الدولة في لبنان بحالة من الإفلاس، ومن الاتّكال على مساعدات خارجية تنتظرها من دول هؤلاء السفراء، وهي محكومة من أطراف سياسية تخدم أجهزة استخبارات أجنبية، ومُنقسمة لدرجة كبيرة، في ظلّ انعدام أي ولاء وطني لدى معظم الأطراف فيها. وبالتالي، كيف يمكننا أن نحافظ على سيادتنا في تلك الحالة؟".

وأضاف:"هذا بلد مسلوب السيادة وضعيف، ومحكوم من جانب طبقة مموّلة من الخارج بمعظمها. وهذا عامل مُعرقِل للعمل على وضع حدّ لتدخّل هؤلاء السفراء، الذي يكون مُشيناً في بعض الأحيان".

 

الحياد...

وشدّد الشاعر على أن "النّظر الى الجوّ الذي رافق المبادرة الفرنسية والحراك الفرنسي مؤخّراً يدفع الى الحزن. فبدلاً من أن تتّفق الأطراف الداخلية على جلسات انتخاب رئاسية متتالية في مجلس النواب، رأينا كيف انصرفت الى انتظار مندوب سامٍ يحدّد لها "الأجندا"، ويفرض عليها الحلّ من الخارج".

وتابع:"هذا يدفعنا الى القول إن لبنان ليس دولة كاملة السيادة بَعْد. وهو دولة محكومة من مسؤولين يفتقرون الى الانتماء للوطن بمفهومه الشامل، وذلك لصالح الانتماء لأوطانهم هم، المُتناقِضَة مع بعضها البعض بحسب الطريقة التي يرونها هم. وبالتالي، لا وطنية حقيقية في لبنان، وهو ما سوف يستمرّ طالما أن الذهنية هذه لا تزال هي نفسها، بموازاة دولة لبنانية ضعيفة جدّاً، وعاجزة".

وختم:"من هذا المُنطَلَق أتى طرح الحياد، ودعوة العالم الى الاعتراف به، أي انطلاقاً من هاجس أننا لن نتمكّن من بلوغ سيادة تمكّننا من فرض تموضعنا بذاتنا. ولكن هذه مشكلة أخرى، قد لا ننجح في تحقيقها، خصوصاً أننا غير ناضجين للوصول إليها".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار