الدولة في لبنان... طبيبٌ هو نفسه المريض الذي يحتاج الى من يشفيه... | أخبار اليوم

الدولة في لبنان... طبيبٌ هو نفسه المريض الذي يحتاج الى من يشفيه...

انطون الفتى | الجمعة 18 أغسطس 2023

مصدر: العامل الوحيد القادر على أن يقلب المعادلة هو مرحلة من الاستقرار السياسي

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

صحيح أن لا دولة صالحة في لبنان حتى نطالبها بأن تقوم بتوجيه اقتصادي معيّن، إلا أن الثابتة الأكيدة هي أننا نعيش في بلد قاصر عن أن يكون دولة اقتصاد حرّ.

 

اقتصاد مُوجَّه؟

فلا بدّ من توجيه اقتصادي معيّن، وسط فساد شديد ينخر بمفاصل كل شيء، بإسم الحرية، والاقتصاد الحرّ. ومن هنا نؤكد ضرورة القيام بتوجيه معيّن على مستوى الاستيراد، والحركة التجارية عموماً، في بلد يحتاج الى توظيف الأموال الموجودة فيه بطُرُق متعدّدة.

صحيح أن لا دخل لأحد بمستورد أو بتاجر، يأتي بسلع استهلاكية معيّنة الى البلد من ماله الخاص، ويتاجر بها هنا، طالما أنه لا يقوم بأنشطة غير شرعية، ويلتزم بالقوانين.

ولكن لا يجوز أن لا يُسأل هذا المستورد أو التاجر مثلاً، عن كيف يستطيع البقاء في السوق، بالسّلع نفسها، وذلك بعدما انخفضت نسبة زبائنها في لبنان بنِسَب تتجاوز الـ 35 في المئة ببعض الأحيان؟ ولا يجوز أن لا يُوجَّه عمل هذا التاجر في بعض الحالات، خصوصاً أن هناك بعض السلع التي لن يموت اللبنانيون إذا توقّف استيرادها، في تلك الظروف الصّعبة بالذّات.

 

تدقيق كثير

هي مسألة دقيقة جدّاً، طبعاً. ولكن ما لا بدّ من تأكيده هو الحاجة الى توجيه معيّن، لكافة الأنشطة الاقتصادية في البلد. فنحن في دولة يُقال لنا إنها مُنهارة بالكامل تقريباً، فيما يؤكد بعض الخبراء أن نِسَب استيراد بعض الكماليات فيها خلال سنة واحدة، قد تتطابق مع نسبة استيرادها في بلدان ذات أوضاع اقتصادية أفضل بكثير، وذات نِسَب سكانية أكثر بكثير. فهل هذا طبيعي؟

وأما القول إن هناك بعض السلع التي تحتفظ بسوقها، وبعدد معيّن من الزبائن الذين لا يزالون يشترونها رغم الأزمة، فهو يحتاج الى تدقيق كثير بحسب بعض المُطّلعين أيضاً، لا سيّما أننا نعيش في لبنان وليس في بلد ذات كثافة سكانية مرتفعة، أي ان تراجع المبيعات التي تحقّقها (تلك السلع) بنسبة 10 أو 20 في المئة مثلاً، في سوق شبيهة باللبنانية، يجب أن يشكل كارثة بالنّسبة الى التاجر أو المُستورد. وبالتالي، هناك أسئلة كثيرة لا بدّ من طرحها حول الاستمرار باستيرادها هنا، وحول الكثير من الأنشطة الاقتصادية في بلادنا.

 

استثمار سياسي

أوضح مصدر مُواكِب لحركة السوق أن "الاستيراد مرتبط بحاجات، وبسوق حرّة، وباقتصاد حرّ. وهناك مشكلة أساسية لا بدّ من أخذها في الاعتبار، في ما لو اتُّخِذَ القرار بإجراء توجيه معيّن لعمليات الاستيراد ببلد مثل لبنان، على صعيد تخفيف أو منع بعضها، وهي أنه سيزيد عمليات التهريب أكثر فأكثر، بوجود حدود مفتوحة بهذا الشكل".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "التوجيه الاقتصادي سيرفع "الصّرخة"، وسيدفع الى القول إنكم تغيّرون هوية لبنان. ولن تتأخّر بعض القوى السياسية عن الاستثمار بذلك، لتحقيق مصالحها".

 

طبيبه هو المريض

وأشار المصدر الى أن "السلطة في لبنان غير جديرة بأن تقوم بأي خطوة، سوى أن تتفرّج على ما يجري فيها. فهي لا تعذّب الناس عن قصد، بل تريد أن تظهر بأبهى حُلّة، وبأنها تقوم بالمستحيل وسط انهيار هائل، مُحاوِلةً أن تُصبح مثالاً يُحتذى به ربما. ولكنها لا تفعل سوى ما يزيد نقمة الناس عليها، ولا مجال أمامها وأمام شعبها، سوى هذا الواقع".

وأضاف:"العامل الوحيد القادر على أن يقلب المعادلة هو الدخول في مرحلة من الاستقرار السياسي، تقود الى تداول السلطة بشكل مُنتج، والى ضبط المعابر، وتفعيل الأمن والقضاء. فمجموع تلك الخطوات سيؤسّس لجذب المشاريع والاستثمارات، ولتحفيز المشاريع الصناعية والزراعية. ولا نتائج إيجابية يمكننا أن نتلمّسها قبل خمس سنوات على الأقلّ، بعد حصول كل ما سبق ذكره".

وختم:"مشكلة لبنان هي في أن طبيبه هو المريض، أي ان الدولة هي المريضة، وهو ما يعني أن لا مجال أمام المواطن سوى المعاناة أكثر، وذلك لأن الطبيب غير قادر على توفير العلاج، وهو يحتاج الى من يشفيه".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار