المستفيدون من بَيْع المياه يمدّون أيديهم الى حياتنا... الزوال الذي يهدّد لبنان... | أخبار اليوم

المستفيدون من بَيْع المياه يمدّون أيديهم الى حياتنا... الزوال الذي يهدّد لبنان...

انطون الفتى | الثلاثاء 22 أغسطس 2023

نجاة عون: المشوار طويل ولكن يجب أن يبدأ الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة بسرعة فائقة

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

هناك الكثير من الأشياء المطلوبة من الدولة في لبنان، وهي ليست محصورة بالاقتصاد، والصناعة، والتجارة، واجتذاب الاستثمارات... بل تتعدّاها الى الاهتمام بنتائج التغيُّر المناخي، وبعَدَم الاسترسال بتحويل الطبيعة الى "عدوّ" بالنّسبة الى الإنسان في هذا البلد.

 

رياح وعواصف

فترجمة الطبيعة لمفاعيل التغيُّر المناخي بطريقة قاسية، هي من نتائج عمل البشر، أي انهم يحصدون ما يزرعونه. وما أكثر الرياح العاتية التي نزرعها نحن في لبنان، على صعيد "إهلاك" الانتظام البيئي والطبيعة، وما أشدّ العواصف التي سنحصدها مستقبلاً، من جراء ذلك.

 

ليس طبيعياً

أشارت الناشطة البيئية، والخبيرة في مجال الكيمياء التحليلية، النائب نجاة عون الى أن "التغيُّر المناخي ليس ظاهرة طبيعية، بل هو من جراء الكميات الكبيرة من الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي، أي انه من صنع الإنسان الذي يسبّبه ويقوّيه".

ولفتت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "هذه مشكلة عالمية. فلبنان لا يؤثّر على الغلاف الجوي العالمي طبعاً، لأنه بلد صغير، ولأن انبعاثاته محدودة نسبياً إذ لا صناعات عالمية كبرى لديه. ولكننا نتأثر بالتغيُّر المناخي بنسبة أكبر من غيرنا، لكوننا نعيش في منطقة تشهد ارتفاعاً في معدل حرارتها، وبنِسَب كبيرة بحسب بعض الدراسات".

 

انقراض تامّ؟

وعن مدى إمكانية قيام الطبيعة بتكوين دفاعات لذاتها مستقبلاً، بما يتوافق مع نتائج التغيُّر المناخي، أوضحت نجاة عون:"الطبيعة قادرة على فعل ذلك، وهو ما حصل على مدى عصور سابقة في أمور عدّة. ولكن هذا لا يؤكد أن الإنسان سيكون قادراً على الاستمرار والبقاء كما هو موجود حالياً، ومهما استمرّ التلوّث والتخريب الذي يتسبّب به".

وشرحت:"الإنسان ليس سيّد الطبيعة، بل هي التي تُمسك بوجوده. وبالتالي، تُفيد بعض الأبحاث بأنه يمكن للطبيعة أن تُعيد تصحيح أمورها، ولكن هل يمكن للإنسان أن يعيش في ظلّ أي ظروف طبيعية ومناخية جديدة؟ هذه مسألة دقيقة جدّاً. فهو (الإنسان) جزء صغير جداً من الطبيعة، وهي قادرة على محوه في طريقها الى التعايُش مع ظروف جديدة ومُستدامة فيها. ولكن هذا لا يقودنا بالضرورة الى الانقراض التام، بل الى تصحُّر في بعض المناطق، أو الى غرق بعضها الآخر في مياه البحار والمحيطات، أي الى فقدان مساحات كان يمكن للإنسان أن يعيش فيها سابقاً".

 

التأقلُم

وردّاً على سؤال حول التأقلُم مع نتائج التغيُّر المناخي، وعن تأثير عدم انخفاض استهلاك النفط على إبقاء الطبيعة تحت خطر شديد، أجابت نجاة عون:"التفكير العالمي المرتبط بالتغيُّر المناخي لا يطال التأقلُم فقط، بل يتعدّاه الى وجوب العمل على الحدّ من هذا التغيُّر، تمهيداً لوقفه. فالتأقلُم يبدأ بعد الوصول الى مرحلة تصبح فيها الأمور غير قابلة للتصحيح، وللرجوع الى حالة ما قبل التخريب. وبالتالي، لا بدّ من وقف النزيف أولاً، قبل الحديث عن تأقلُم".

وأضافت:"ما يحصل في لبنان على مستويات عدّة، هو صورة مصغّرة عن أمور تحصل حول العالم أيضاً. فهناك بعض "اللوبيات" والجهات العالمية المستفيدة من عدم تخفيف استهلاك النفط، وهي تمنع حصول ذلك بالسرعة اللازمة، لأنها مستفيدة. فالتفكير بالأرباح وبالمصالح الشخصية يطغى على (المصالح) العامة. وبالتالي، لا حلّ سحرياً عندما يكون الخراب تراكمياً. ومن هنا نقول، إن المشوار طويل، ولكن يجب أن يبدأ الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة بسرعة فائقة، وإلا فلن تتمكن الأجيال القادمة من العيش على الأرض بسهولة".

 

لبنان...

وعن مستقبل لبنان على مستوى الطبيعة والبيئة والمناخ، شدّدت نجاة عون على "أننا أعداء أنفسنا في هذا البلد. فنحن لوّثنا مياه بحيراتنا وأنهارنا ومياهنا الجوفية، وجعلناها غير صالحة. وما عاد الهواء صالحاً لاستنشاقه لدينا بسبب ممارساتنا، فيما لا نترك رقعة خضراء فعلية إلا وتمتدّ إليها أيدينا لنقطع الأشجار، وحتى المعمّرة منها. وبالتالي، نحن قطعنا الحياة عن أنفسنا، وقد نزيل حضارتنا بهذه الطريقة البسيطة".

وختمت:"المسؤولية تقع على شعبنا نفسه. فهو لا يحاسب سلطاته، ولا بلدياته، ولا يتمتّع بالولاء اللازم لأرضه، ولضرورة الحفاظ عليها. فالمستفيدون من بَيْع المياه يمدّون أيديهم الى مواردنا المائية بحمايات سياسية، وهم شكّلوا "مافيات" لتوزيعها على غرار "مافيات" المولدات الكهربائية الخاصة. وهذا كلّه سيخرب حياة الأجيال القادمة في لبنان. وحتى لو تمكّنا من تقوية اقتصادنا وصناعتنا وتجارتنا مستقبلاً، فلن ينفعنا ذلك من دون أرض تمكّننا من الاستمرار في العيش ببلدنا".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار