مصدر: هل سيتمكّن بوتين من الإمساك بالخيوط الأساسية للصراع في مدى بعيد؟
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
مقتل يفغيني بريغوجين. خطوة مُنتَظَرَة ومعروفة منذ شهرين، وهي نُفِّذَت ليل 23 - 24 آب، أي بعد مرور شهرين على محاولة زحف مجموعة "فاغنر" الى موسكو، التي حصلت ليل 23 - 24 حزيران الفائت.
لم يحصّن نفسه
فهذه هي روسيا، والدول ذات الأنظمة الديكتاتورية، مهما حاولت أن تُظهر العكس. وهذه هي حقيقة "العالم الجديد" الذي يُنادي به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهذه هي حقيقة الصداقات التي تجمع بينه وبين عدد من الزعماء حول العالم، والذين بعضهم في منطقتنا، والذين لا يفهمون سوى لغة قتل المُعارضين لهم.
ولكن مقتل بريغوجين كان مُنتظراً من الكبير والصغير على وجه الأرض، منذ حزيران الفائت. فلماذا لم يحصّن قائد "فاغنر" نفسه كما يجب؟
إقامة جبرية
أشار مصدر واسع الاطلاع الى أن "مقتل بريغوجين بهذا الشكل، هو رسالة لكل جنرال روسي كان معه ومع تمرّده على القيادة السياسية والعسكرية الروسية، تقول إن هذا هو مصيركم في ما لو فكّرتم بتكرار ما فعله زعيم "فاغنر" الراحل".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "قتله بهذا الشكل ما كان يجب أن يحصل. فطريقة التخلّص من بريغوجين ليست ذكية أبداً، وكان من الأفضل استبدال التخلّص منه بالموت، عبر وضعه بإقامة جبرية في روسيا مثلاً، أو في بيلاروسيا".
سيستمرّ...
وشدّد المصدر على أن "التخلّص من بريغوجين يعني إزاحة أقوى قائد عسكري منافس لبوتين في روسيا. فوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لا يشكل خطراً على رئيس الكرملين، ولا يمكنه أن ينجح (شويغو) حتى ولو قام بمحاولة انقلاب. فوزير الدفاع ليس سلافياً، بل من أصول آسيوية بوذية، أي ان لا مستقبل سياسياً مقبولاً له في روسيا بما هو أبْعَد من وزير دفاع، لا من جانب الشعب الروسي، ولا من جانب الكنيسة الروسية".
ورجّح "إمكانية أن تُسلَّم مهام مجموعة "فاغنر" لضابط روسي متقاعد، يدين بالولاء الكامل لبوتين. وبالتالي، فإن نشاط المجموعة سيستمرّ".
التنقُّل جوّاً
ولفت المصدر الى أن "رغم ديكتاتورية بوتين، إلا أن هناك احتمالاً معيّناً بأن يكون شويغو ورئيس أركان القوات المسلّحة الجنرال فاليري غيراسيموف، ألحّا على ضرورة قتل بريغوجين، ونصحا بوتين بالموافقة سريعاً".
وأوضح:"معلوم أن استعمال الطائرات والهيليكوبترات في دول الفلك السوفياتي السابق، وفي الدول الديكتاتورية وغير الحرّة عموماً، أو تلك التي تتمتّع بنفَس استخباراتي، ليس موثوقاً، وبريغوجين يُدرك تلك الحقيقة جيّداً، فلماذا لم يتنقّل بعد محاولة الانقلاب الفاشلة برّاً بشكل كامل، مهما كانت الظروف والمسافات؟ ولماذا سقط في فخّ التنقّل جوّاً، الذي هو بمثابة انتحار في الحالة التي كان فيها (بريغوجين) بعد محاولة الانقلاب في حزيران الفائت؟".
وختم:"بعض الاحتمالات تشير الى أن بوتين يعاني من التردّد في مرحلة ما بعد حربه على أوكرانيا، والى أنه ما عاد يُمسك بكل شيء في روسيا. فهل سقط بفخّ موافقة سريعة على قتل بريغوجين؟ وهل بدأت مرحلة جديدة في روسيا بعد قتل زعيم "فاغنر"، قوامها الصّراع الدائر بين شخصيات عدّة حول الرئيس الروسي؟ وهل سيتمكّن بوتين من الإمساك بالخيوط الأساسية لهذا الصراع دائماً، في مدى بعيد؟".