سباق كارثي يهدّد منطقتنا... دول تفاوض على امتلاك "النووي" وكأنه قطعة من الحلوى! | أخبار اليوم

سباق كارثي يهدّد منطقتنا... دول تفاوض على امتلاك "النووي" وكأنه قطعة من الحلوى!

انطون الفتى | الجمعة 25 أغسطس 2023

السكاف: المصالح الاقتصادية تسبق أي معيار صحي أو بيئي أو أخلاقي بالنّسبة الى الدول

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

تقوم اليابان بتصريف المياه المشعّة المُعالَجَة من محطة "فوكوشيما" النووية المدمّرة في المحيط الهادئ، وسط جدل كبير بين أهل الاختصاص البيئي والصحي، وبين أهل النزاعات الإقليمية التي تتحكّم بالدول المجاورة للمنطقة هناك.

 

تلوّث إشعاعي

فرغم تأكيد البعض ما تقوله طوكيو عن أن عملية التصريف آمنة، تصرّ الصين مثلاً على أنها ليست كذلك، الى درجة التهديد باتّخاذ خطوات كثيرة، من بينها ما بدأت بكين بتنفيذه على صعيد الإعلان عن تعليق صيني شامل لواردات المأكولات البحرية من اليابان.

هذا فضلاً عن بعض شكوك أهل الاختصاص في المجالات البيئية حول أن عملية التصريف قد تؤثر على الكائنات البحرية هناك، في مدى بحري وزمني معيّن، وصولاً الى حدّ طرح مخاطر جديّة حول التلوّث الإشعاعي.

 

مشكلة نووية

نراقب ذلك يحصل في الشرق الأقصى، فيما يمكننا أن نثق بما يصدر عن دولة بمستوى اليابان، عندما تتحدّث عن أن الإشعاعات في مياه المحيط ضمن المستويات الآمنة. ولكن تعاني منطقتنا نحن من تسابُق شديد بين بعض دولها على اقتناء برامج نووية، يُقال لنا إنها ستكون سلميّة، وإنها ضرورية لتطوّر تلك البلدان، ولتوليد الكهرباء، وللتحوّل في مجال الطاقة، ولغيرها من الاستعمالات السلميّة، من دون تقديم أي دليل ملموس على ضمان عدم التسبُّب بسباق نووي.

منطقتنا الصّغيرة من الناحية الجغرافية، بالمقارنة مع مناطق وأقاليم أخرى، قد تكون من أكثر الأقاليم الراكضة خلف البرامج النووية لأسباب جيوسياسية في الواقع، وكمادة للحصول على مكاسب عالمية، وذلك من دون أي شفافية ملموسة تماماً حول مرحلة ما بعد الحصول على ما تريده في هذا الإطار. وبالتالي، من يضمن السلامة البيئية للمنطقة وبحارها، وسلامة الإنسان وصحته فيها، في مدى بعيد؟ وماذا لو قرّرت إحدى الدول التخلّص من نفاياتها النووية تحت ضغط معيّن، وبطُرُق غير علمية تماماً، في أحد الأيام؟ أو ماذا لو تكتّمت إحدى تلك الدول في مرّة على ما لا يجب الصمت عنه، مُحاوِلَةً معالجة أي مشكلة نووية لديها بشكل سرّي، وبما قد يتسبّب بمشاكل لغيرها؟

وتزداد الشكوك والمخاوف عندما نقول إننا لسنا في منطقة ديموقراطية، ولا في منطقة حرّة، أي اننا ضمن إقليم لا يُعرَف فيه سوى ما "يمسح الجوخ" للحاكم، من دون أي نقاش.

 

حضور وازن

ذكّر الأستاذ الجامعي المتخصّص في شؤون الطاقة الدكتور شربل السكاف بأن "أوروبا شكلت نموذجاً للتخلي عن الطاقة النووية، قبل الحرب في أوكرانيا. فألمانيا وفرنسا تحديداً، وضعتا خطة للتخلّص من مفاعلاتهما النووية تدريجياً قبل الحرب، خوفاً من احتمال حدوث كوارث غير محسوبة أحياناً من جهة، وبسبب الجدل حول مصير البقايا النووية، من جهة أخرى. ولكن الفرنسيين أنقذوا أنفسهم بإعادة تشغيل معظم المفاعلات التي كانوا أنهوا العمل بها، وإلا لكان وضعهم أصبح صعباً جدّاً خلال الشتاء الفائت. وبالتالي، هم فعلوا ذلك بسبب الحاجة الى الطاقة بعد حرب أوكرانيا".

وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "السعي لامتلاك الطاقة النووية في منطقتنا لا يهدف الى تأمين استمرارية التغذية الكهربائية بنسبة 24/24 ساعة فقط، بل هو يقع أكثر في إطار إثبات الذات، وقوة الدولة التي تمتلك تلك الطاقة، على أساس أنها دولة تتمتّع بنفوذ. فضلاً عن تأكيد الحضور الوازن تجاه دول الجوار".

 

ربح مالي

وأكد السكاف أن "الطاقة النووية تؤمّن مردوداً كهربائياً مرتفعاً بكلفة مقبولة. ولكن الانعكاسات البيئية والأثر البيئي يدفعان الى تساؤلات حول ما إذا كانت جيدة أو لا".

وأضاف:"لا شيء يضمن عَدَم حصول تلوّث أبداً، أو أي هفوة في العمل، إذا باتت المفاعلات النووية منتشرة بكثرة في منطقتنا. ولكننا نعود هنا الى الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية، والتي لديها مصلحة ببيعها، نظراً لما تدرّه من عملة صعبة عليها. فالتكنولوجيا النووية السلمية هي سلعة للبيع في النهاية".

وختم:"المصالح الاقتصادية تسبق أي معيار صحي أو بيئي أو أخلاقي بالنّسبة الى الدول. وإذا أخذنا السلاح كمثال، نجد أنه لا يجب أن يُباع لكونه يغذّي الحروب والنزاعات. ولكن من النادر جدّاً أن نجد المعايير الإنسانية في السياسات الخارجية للدول. وأي دولة لن تقصّر في بيع سلعة لديها، بهدف الحصول على ربح مالي".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار