بريغوجين "انتهى" وبوتين "ارتاح" ولكن... أين اختفى الجيش الروسي في ليلة الزّحف الى موسكو؟ | أخبار اليوم

بريغوجين "انتهى" وبوتين "ارتاح" ولكن... أين اختفى الجيش الروسي في ليلة الزّحف الى موسكو؟

انطون الفتى | الأربعاء 30 أغسطس 2023

عدم الجواب قد يكون جواباً وخسارة أقلّ من الجواب الحقيقي المباشر

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

صحيح أن زعيم مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين "انتهى" موتاً، ودُفِن من دون أن يشعر أحد بذلك. وصحيح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ارتاح" منه، ومن انتقاداته اللاذعة للقيادة العسكرية الروسية العاملة بتوجيهاته وخياراته (بوتين) في النهاية. ولكن هناك سؤالاً عالقاً منذ أكثر من شهرَيْن، وتحديداً منذ ليل 23 - 24 حزيران الفائت، أي ليلة زحف "فاغنر" الى موسكو، وهو يحتاج الى جواب لم نحصل عليه حتى الساعة.

 

ما هو؟

وهذا السؤال هو، أين اختفى الجيش الروسي في تلك الليلة؟ ولماذا احتجب عن طريق "فاغنر" الى موسكو؟ وهل ان تلك المجموعة كانت عاجزة عن السيطرة على العاصمة الروسية في تلك الليلة لو لم تحصل تسوية؟ وهل كان "غياب" الجيش الروسي عن المشهد المباشر بسبب صداقات جمعت بين بريغوجين وبعض الجنرالات الروس فقط؟

 

خطط نجحت

يؤكد خبراء في الشأن الروسي أن روسيا نجحت في امتصاص مفاعيل العقوبات الغربية التي فُرِضَت عليها بعد حربها على أوكرانيا، الى درجة تمكّن من القول في بعض الأحيان إن ليس لديها أزمة اقتصادية.

فنفطها لا يزال يُضَخّ في الأسواق، وهو يتّجه الى أوروبا نفسها، من خلال وجهات غير مباشرة متعدّدة. هذا فضلاً عن أن البضائع الروسية كلّها تجد أسواقاً لها في أكثر من مكان حول العالم، بأساليب وأشكال متعدّدة، وهو ما يعني أن موسكو تحصل على العملات الصعبة. فضلاً عن أن روسيا لا تزال تؤمّن الكثير من السّلع والبضائع التي تحتاجها، وحتى الإلكترونية والاستراتيجية منها، ومن شركات أميركية وغربية، بسبب الالتفاف العالمي مُتعدّد الأوجه على العقوبات الغربية. كما أن خطط المصرف المركزي الروسي لدعم الروبل نجحت نسبياً في ضبط الانهيار المرسوم لموسكو.

 

 

ماذا لو تكرّر؟

ولكن هؤلاء أنفسهم يؤكدون أن تلك المعطيات لا تغيّر في ما يتحكّم بأرض الواقع الروسي. فروسيا تبقى من الدول التي قد تُحرَق فيها الغابات والجبال من أجل إشعال سيجارة، ومن الدول التي لا يُسأل فيها عن مستقبل الشعب ومصير المواطن، ومن بلدان المصالح الضيّقة على حساب المصلحة العامة، ومن الدول التي يسأل فيها المسؤول عن كيفية استمراره الأبدي في السلطة والمنصب لوحده، وعلى حساب غيره، ومهما كلّفه ذلك. وهذا يعني باختصار، أن النجاح الروسي في الالتفاف على العقوبات الغربية لا يرتدّ على الاقتصاد الروسي بشكل علمي، إذ إنه لا يغيّر في واقع أن روسيا تشبه البلدان المبنيّة على أساس عمل مافيات السلطة.

تتعدّد الآراء في هذا الإطار بين داعم لروسيا أو "مُعجب" بقيادتها السياسية والعسكرية، إما حبّاً بها، أو كنتيجة طبيعية للكره الذي يشعر به تجاه الولايات المتحدة الأميركية والغرب. ولكن السؤال الأساسي الذي لم يحصل العالم على جواب تامّ عليه حتى الساعة، هو أين اختفى الجيش الروسي ليل 23 - 24 حزيران 2023؟ وماذا لو تكرّر هذا المشهد مجدّداً في أي يوم من الأيام مستقبلاً؟

 

أقلّ خسارة

قد ينتشي البعض بواقع أن "فاغنر" انتهت، وبأن بوتين ضمن لنفسه "صورة القيصر" الذي لا يُقهَر، والذي لا يمكن لشيء أن يهزمه، مهما بدَت الصعوبات أمامه كبيرة.

وقد ينتشي هؤلاء أيضاً بالقول إن بوتين لن يُهزَم في كييف أبداً، لأنه سيُثابر على الفوز بها، بشكل يجعل من ذلك نتيجة نهائية وحتميّة للحرب الروسية على أوكرانيا.

ولكن بمعزل عن النتائج النهائية لتلك الحرب، وعن مدى نجاح روسيا في أن تكون قطباً من أقطاب العالم الجديد أو لا، وباستقلالية تامّة عن الصينيين والإيرانيين، يبقى السؤال الأساسي والوحيد، وصاحب الجواب الذي سيحدّد مصير ومستقبل روسيا، وهو: أين ولماذا اختفى الجيش الروسي من أمام "فاغنر" في ليلة زحفها الى موسكو؟

هنا نقول إن عدم الجواب قد يكون جواباً بحدّ ذاته، وإنه قد يكون خسارة أقلّ من الجواب الحقيقي المباشر.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار