"قواعد" كارثيّة داخل القطاع العام لا يمكن تفكيكها ولا حتى بعد قرن... | أخبار اليوم

"قواعد" كارثيّة داخل القطاع العام لا يمكن تفكيكها ولا حتى بعد قرن...

انطون الفتى | الثلاثاء 03 أكتوبر 2023

بيضون: تحتاج الأفعال الى مُنطلقات مبنيّة على معرفة دقيقة بأسباب تفشّي الفساد

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

من سيكون جاهزاً للعمل في القطاع العام من دون فساد، غداً صباحاً، في ما لو استُوفِيَت كل شروط بناء دولة لبنانية غير فاسدة، اليوم؟

 

منهجيّة مُستدامة

وصلت نِسَب "التفنُّن" بالرشاوى داخل القطاع العام، ولإنجاز مختلف أنواع المعاملات، الى ما لا يمكن تخيّله حتى، وهو ما يعني أن "أعشاش" الفساد باتت كالقواعد والبنى التحتية التي لا يمكن تفكيكها بـ "شخطة قلم"، وحتى لو أُبرِمَت اتّفاقات داخلية وخارجية لتحقيق ذلك.

وهذا يدفعنا الى القول إن الفساد في لبنان منهجيّة مُستدامة ما علينا سوى مساعدة أنفسنا على التأقلُم معها، لا سيّما أن لا أحد حول العالم يهمّه ما يُعانيه المواطن اللبناني "المعتّر" لإنجاز معاملة، بل إعادة هيكلة القطاع العام كواحدة من الخطوات التمهيدية لتخفيف العجز، ولتسهيل حصول لبنان على قروض مستقبلاً. وأما "الميني" فساد اليومي الذي بات من "حواضر البيت" الرسمي في البلد، فهو شأن داخلي وأبدي كما يبدو، إلا إذا تمّ التخلُّص من التركيبة اللبنانية السلطوية الحالية كلّها.

 

لوحات...

أشار مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة، والخبير في مجال مكافحة الفساد غسان بيضون، الى أن "مكافحة الفساد هي ورشة عمل كبرى تحتاج الى نوايا صادقة أولاً، والى الخروج من فكرة التخلُّص من القطاع العام لاستبداله بالقطاع الخاص. وباب المعالجة يُفتَح بمعرفة أسباب الفساد، وبإنجاز خريطة للتخلُّص منها".

وذكّر في حديث لوكالة "أخبار اليوم" بأن "لدينا في لبنان هيئة وطنية لمكافحة الفساد، ووزارات تنمية إدارية. كما تمّ تعيين وزير لمكافحة الفساد خلال حقبة معيّنة. وهذه كلّها كانت كاللوحات المعلّقة على الحائط، والتي تهدف الى عرض نوايا مكافحة الفساد. ولكن النوايا مختلفة عن الأفعال، التي تحتاج الى مُنطلقات ناجحة وموضوعية ومبنيّة على معرفة دقيقة بأوضاع الإدارة، وبأسباب تفشّي الفساد فيها. وبالتالي، من الممكن أن تكون الاستعانة بخبرات من عاش الرقابة والإدارة سابقاً مُفيدة في العمل على محاربة ووقف الفساد".

 

رأس الهرم

وشدّد بيضون على أن "إمكانية النجاح بهذا العمل متوفرة، ولكنّه مرتبط أيضاً بالجهة أو بالجهات التي ستقوم به. فعلى سبيل المثال، هل ستكون تلك (الجهات) التي تغطي الفساد؟ أو تلك التي تنتفع منه؟ أو مجموعة من الوزراء الجُدُد مثلاً، الذين يؤمنون بالبنك الدولي، وبـ "صندوق النّقد الدولي"، وبالتغيير الانتقامي والحاقد على القطاع العام؟ من المُفتَرَض أن تكون تلك المسألة بسيطة، ولكن النجاح في تطبيقها لن يكون بسيطاً تماماً".

ورأى أن "النجاح يحتاج أيضاً الى رجال أصحاب هيبة، يُعيَّنون على رأس الأجهزة الرقابية التي تستقي فاعليتها من هيبة رأس الهرم فيها. وأما إذا كان رؤساء الأجهزة الرقابية مرتهنين، فلن يكون ممكناً فعل شيء، إذ سيعمل كل واحد منهم على تغطية ملف فساد لجهة. وبتلك الطريقة، ستستمرّ تغطية الملفات بموازاة بعضها، نظراً لاستمرار إمساك السلطة السياسية بالأجهزة الرقابية، وبالإدارات من داخلها، ومن خلال سيطرة الوزير نفسه الذي يمكنه أن يكون رأساً للفساد في الإدارة. ولا يمكن إحداث أي تغيير إذا بقيَ هذا الوضع على حاله".

وختم:"هناك مشكلة مهمّة تعترض العمل على مكافحة الفساد في القطاع العام أيضاً، وهي وجود الكثير من الطامحين الى السلطة في لبنان، الذين يفتقرون الى المعرفة بشكل مُخيف، والذين يتحلّون بنسبة كبيرة من الحقد على القطاع العام، فيما تبقى الإدارة العامة أفضل صيغة لتأمين المصالح العامة، وهو ما كان سائداً في حقبة ما قبل الحرب الأهلية، أي عندما كان رؤساء مجلس الخدمة المدنية مثلاً، ورؤساء التفتيش المركزي، ورؤساء ديوان المحاسبة يُخيفون الفاسد، وكل من كان ينحرف عن سياق تطبيق القوانين".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار