مصدر: مراحل موزّعة بين تصعيد عسكري وسياسي مقابل أخرى من المفاوضات والتبريد
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
حمل خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن الى الشعب الأميركي الكثير من المضامين ذات المفاعيل بعيدة المدى، خصوصاً على صعيد دمجه بين سلوكيات حركة "حماس" من جهة، وتصرّفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من جهة أخرى.
دوافع مشتركة
فهو اعتبر أن الهجمات على إسرائيل وغزو أوكرانيا يتمتّعان بدوافع مشتركة، وأن "حماس" وبوتين يشتركان بإرادة تدمير ديموقراطية مجاورة بشكل كامل.
وقارن بايدن الهجمات على إسرائيل بتلك التي حصلت في أوكرانيا، قائلاً إن هدف "حماس" هو تدمير دولة إسرائيل وقتل الشعب اليهودي، في حين ينفي بوتين أن أوكرانيا كانت دولة حقيقية في أي وقت مضى.
تمتدّ لسنوات؟
وبمعزل عن الدوافع المالية و"الربحية" الموجودة لدى بايدن، الذي يسعى من خلال خطابه هذا الى جمع ملايين الدولارات دعماً لكييف وتل أبيب، إلا أن الدمج بين بوتين و"حماس" الى هذا الحدّ، يعني أن حرب غزة قد تكون طويلة تماماً كما هي عليه أحوال حرب أوكرانيا. وهذا يضعنا في احتمال حرب قد تمتدّ لسنوات في الشرق الأوسط أيضاً، وليس لأسابيع أو أشهر فقط، وهي قد تُجمَّد في بعض المراحل، مقابل تسخينها في مراحل أخرى.
هذا فضلاً عن أن الدمج بين أوكرانيا وإسرائيل قد يضمن استمرار الدعم الأميركي لكييف، بوجود إدارة "ديموقراطية" أو "جمهورية" في "البيت الأبيض"، نظراً الى أن المخاطر التي تهدّد الأمن القومي الأميركي من جراء الهجوم الروسي على أوكرانيا تشبه تلك التي تهدّده أيضاً، بسبب أي هجوم يطال إسرائيل في الشرق الأوسط.
استنزاف
بعض ما يؤكد فرضيّة الحرب الممتدّة الى سنوات في غزة، هو ما صدر عن المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" الجنرال ديفيد بترايوس الذي اعتبر أن أي هجوم إسرائيلي برّي على قطاع غزة سيستمرّ لسنوات، وسيتضمن قتالاً مروّعاً، متحدّثاً عن أن القوات الإسرائيلية ستواجه وضعاً أصعب من ذاك الذي واجهته القوات الأميركية في الصومال، وستُقابَل بهجمات انتحارية، وبعبوات ناسفة، ومُفخّخات، وكمائن.
فهل من قدرة لدى الشرق الأوسط على تحمُّل هذا النوع من الحروب على صعيد الملف الإسرائيلي - الفلسطيني، الذي يستنزف كل دول المنطقة عملياً، وليس أميركا وإسرائيل وحدهما؟
حرب طويلة
شدّد مصدر خبير في الشؤون الاستراتيجية على أنه "صحيح أن لا أحد حول العالم يمكنه تأكيد أو نفي شيء يتعلّق بالاحتمالات المرتبطة بالحرب بين إسرائيل و"حماس"، إلا أن حديث بترايوس عن حرب تستمرّ لسنوات هو مسألة كبيرة وخطيرة جدّاً".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "حرباً طويلة من هذا النوع، يعني أنها ستنقسم الى حقبات ومراحل، موزّعة بين تصعيد عسكري وسياسي، مقابل أخرى من المفاوضات والتبريد".
نسخ نموذج
وأشار المصدر الى أن "معظم المراقبين يستبعدون نسخ النموذج الأوكراني في الشرق الأوسط، لأن تلك المنطقة لن تحتمله. ولكن بالنّظر الى حجم تأثير أوكرانيا على الاقتصاد العالمي، واضطرار الجميع للتسليم بالحرب والمواجهة فيها رغم كل شيء، فإن لا شيء يمكن استبعاده حتى على مستوى الصراع بين إسرائيل و"حماس".
وختم:"أوجه الشّبه كثيرة بين الحرب في أوكرانيا وغزة، وذلك رغم أن مُنطلقات المواجهة السياسية والعسكرية والإيديولوجية مختلفة بين الأوكرانيين والروس من جهة، وبين الإسرائيليين والفلسطينيين من جهة أخرى. فالفلسطينيون يعانون من احتلال إسرائيلي يريدون التحرُّر منه، فيما يواجه الأوكرانيون روسيا منعاً لوقوعهم تحت احتلالها، أي قبل اضطرارهم لمواجهتها لاحقاً. فأوكرانيا تبقى للشعب الأوكراني، وغزة تبقى للشعب الفلسطيني. وهذان شعبان يحتاجان الى حلول سريعة حالياً، أكثر من أي وقت مضى. وبالتالي، مهما طالت مدّة الحرب في أوكرانيا وغزة، إلا أن نتائجها لن تكون واحدة، وإن كانت مُتشابهة من حيث أنها مواجهة مع احتلال".