"روبوتات" بشرية تتكلّم وتبكي وتصرخ ولكنها الأَبْعَد عن الحقيقة والعدالة... | أخبار اليوم

"روبوتات" بشرية تتكلّم وتبكي وتصرخ ولكنها الأَبْعَد عن الحقيقة والعدالة...

انطون الفتى | الثلاثاء 07 نوفمبر 2023

أبي نجم: الأهداف من جراء معظم التطوُّر الذي يحدث في كل المجالات هي تجارية في الأساس

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

بمعزل عن حقيقة أن التقدّم التكنولوجي يسمح بمزيد من نقل الحقائق، وبتأمين استدامة في نقل ما يجري خلال الحروب، بما يكشف ويفضح الكثير من التجاوزات العسكرية في كثير من الأحيان، إلا أن التقدّم (التكنولوجي) هذا نفسه، يهدّد بـ "رَوْبَتَة" الصراعات وتفاعل الإنسان معها، ويحوّلها الى "شيء" من "الأشياء" اليومية، والى مورد من موارد الكَسْب التجاري.

 

أفلام سينما

فبمعزل عن تزييف العديد من الفيديوهات والصُّوَر والوقائع، لأسباب سياسية أو إيديولوجية، يهدّد تقصُّد استخدام التكنولوجيا أحياناً بحجة الاستفادة منها، بتسخير الإنسان لها، بدلاً من استعمالها من أجل الإنسان.

فبعض الفيديوهات وإن كانت حقيقية، إلا أنها تبدو مثل أفلام السينما، التي تُكدَّس لتُنشَر كمادة يوميّة يجب أن تتوفّر ولو بأي ثمن. ولكن بعض الأمثلة خطيرة جدّاً.

فملاحقة طفل يبكي لأنه فقد أهله، بكاميرا، من غرفة الى أخرى داخل مستشفى، وصولاً الى البرّاد، وسَحْب جثّة منه بموازاة فتح ما هي ملفوفه به، لجعله (الطفل) يرى كيف أصبح والده أو والدته... بعد الوفاة، والقول له "قبّله" أو "قبّلها"، (ملاحقة طفل) بهدف نشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس عرضاً لحقيقة، بقدر ما هو مسألة مُنافية لأي اعتبار أخلاقي.

 

لباس إنساني

فتكنولوجيا أكثر، ونقل معلومات أكثر وبوتيرة مستمرّة، ليست حقيقة بالضّرورة، ولا عدالة، ولا مُمهِّدَة لهما، خصوصاً عندما يدخل العالم في معارك الفيديوهات والصُّوَر (الحقيقية لا المزيَّفَة فقط) الموجودة بين أيدي أطراف الصراعات كافة، الذين يُطالبون بحقيقة وعدالة.

وهنا قد يكون مُفيداً اعتماد ضوابط معيّنة لاستعمال التكنولوجيا، منعاً لتحويل الصراعات الى تجارة يومية على الشاشات والمنصّات، لأهداف سياسية وعسكرية وإيديولوجية، بلباس إنساني، ومنعاً لجعل المشاهد المتلقّي مجرّد "روبوت" من التلقّي والتفاعل، ولو كان هذا التفاعُل بلباس إنساني أيضاً.

 

مشكلة كبيرة

أوضح الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم أن "الأخبار المزيَّفَة لا ترتبط باستخدام التكنولوجيا فقط، بل ان هناك أخباراً قديمة حصلت في عام 2018 أو 2019 مثلاً، يتمّ التداول بها وكأنها حصلت اليوم. فضلاً عن بثّ معلومات حول أحداث تمّت في كولومبيا مثلاً، وتُنقَل على أساس أنها حصلت في قطاع غزة".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "الأخبار المزيَّفَة مشكلة كبيرة جدّاً، يتحمل مسؤوليتها الإنسان الذي يشارك بنقل المعلومة، من دون أن يتاكد منها ومن مصدرها".

 

أهداف تجارية

وأشار أبي نجم الى "التطوُّر في أساليب تزييف الصُّوَر. ففي الماضي، كان يتمّ تزييف صورة عبر "فوتوشوب" مثلاً، وأما الآن فبات ذلك ممكناً عبر برامج الذكاء الاصطناعي، وبشكل قد يخدع مجموعة كبيرة جدّاً من الناس".

وأضاف:"التكنولوجيا وسيلة، صارت موجودة بين أيدي كل الأشخاص والمجتمعات، وهي باتت مُستعملة لأمور سلبية أكثر من الإيجابية في بعض الأحيان. وستزداد تلك المشكلة مع مرور الوقت. فتوفير معلومة حول أي أمر أو حدث، قد لا يحمل الحقيقة للناس بالضّرورة، وقد لا يساعد على تأمين العدالة".

وختم:"هنا لا بدّ من الانتباه الى الأهداف الموضوعة من جراء أي تطوُّر تكنولوجي أو غير تكنولوجي يحصل في العالم. فليس ضرورياً أن تكون أهداف من يُساهم بالتوصُّل الى تطوّر معيّن، إيجابية، وتوفير الأفضل للبشرية. ونذكّر بأن الأهداف من جراء معظم التطوُّر الذي يحدث في كل المجالات هي تجارية في الأساس، وأكثر من أي شيء آخر يتعلّق بحقيقة أو عدالة أو أهداف إنسانية".

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار