يحتكرون الله ويحاربون ويتحاربون باسمه... فـ "إله" من ينتصر على "إله" الآخر؟؟؟ | أخبار اليوم

يحتكرون الله ويحاربون ويتحاربون باسمه... فـ "إله" من ينتصر على "إله" الآخر؟؟؟

انطون الفتى | الجمعة 08 ديسمبر 2023

الأيوبي: الهدف الأكبر لدى تلك التنظيمات هو الحفاظ على وجودها

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

تعلن التنظيمات المسلّحة المنتشرة في الشرق الأوسط انتصارها سلفاً، وبشكل دائم، ومنذ ما قبل بَدْء أي حرب لها، وتقول إن انتصاراتها إلهية، وتؤكد ذلك لشعوبها، رغم الاختلافات العقائدية والجوهرية الكثيرة والكبيرة القائمة في ما بينها.

 

تكفير الآخر

فتلك التنظيمات المسلّحة ليست واحداً، حتى ولو تلقّت التمويل، والتسليح، والتدريب... من جهة واحدة بالنسبة الى بعضها. وهي تتمتّع برؤية دينية - دنيوية مختلفة لكثير من الأمور، الى درجة تكفّر الآخر الذي ينتمي الى تنظيم مسلّح آخر، والذي يقاتل العدو نفسه، وربما على الجبهة الواحدة نفسها في بعض الأحيان، خصوصاً عندما تتضارب المصالح في عدد من ساحات القتال.

وحتى على صعيد الأفكار "المهدوية"، هناك الكثير من الفروقات في النظرة الى تلك الأمور، بين تنظيم إسلامي مسلّح وآخر، ولا اتّفاق تاماً في هذا الإطار أيضاً، ورغم أن عناصر بعض تلك التنظيمات يقاتلون وفق أبعاد "أخروية".

 

كيف؟

وأمام هذا الواقع، كيف يمكن لتلك التنظيمات أن تفسّر معنى "انتصاراتها الإلهية" لشعوبها، إذا كان التنظيم X الذي يؤمن مثلاً بأن حربه على جبهة معيّنة وانتصاره فيها هو انتصار لعقيدته ومعتقداته الدينية الخاصة وبالكامل، فيما يومن التنظيم Y الذي يقاتل العدو نفسه، وربما على الجبهة نفسها، أن انتصاره على تلك الجبهة هو انتصار لعقيدته ولأفكاره ومعتقداته الدينية الخاصة أيضاً، وبالكامل؟ ففي تلك الحالة، أي إله يكون انتصر ونصر؟

ومع من يكون الله في نظر تلك التنظيمات، عندما تتورّط بدماء بعضها، كما حصل بساحات عدة في منطقتنا، خلال السنوات الماضية؟

كما أنه كيف يمكن لبعض تلك التنظيمات التي تقول إن الظلم والجَوْر سيسبقان ظهور المهدي الذي سيحلّ العدل بعد ظهوره، أن تقدّم نفسها بصورة المنتصر الدائم منذ ما قبل ظهوره؟ أفلا يعني انتصارها الدائم وقوتها الدائمة أن العدل موجود على الأرض؟ وبالتالي، كيف يمكنها أن تشرح لشعوبها تزامن الظلم والجَوْر قبل ظهوره، مع انتصاراتها وقوتها الدائمة، قبل ظهوره أيضاً؟

 

براغماتية

أكد الكاتب السياسي أحمد الأيوبي أن "تلك القضايا معقّدة جدّاً. فعلى سبيل المثال، لننظر الى النظام السوري وإيران. فباستطاعتهما تكفير بعضهما البعض تقريباً، إذا تطرّقنا الى الفارق العقائدي القائم بينهما. ولكن يوجد ما يُدعى العدو المشترك الذي يجمع ما يسمى بحلف الأقليات الذي سوّقت له إيران، والذي تأثّرت بعض التنظيمات السُنيّة بجوّه أيضاً، خلال مدّة زمنية معيّنة".

وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أنه "تحت ضغط الحاجة اللّوجستية والحاجة الى المأوى، تحالف تنظيم "القاعدة" مع إيران أيضاً، ومكث كبار قياداته فيها، وذلك رغم أن التنظيم يكفّر الشيعة. فهناك براغماتية كبيرة جدّاً في هذا المجال، تبنى على فكرة المصلحة التي تتغلّب على الإيديولوجيات. فتنظيم ذات طابع سلفي جهادي تمكّن من أن يتأقلم مع إيران، وحقيقة المسألة هي أن الكل يقع في موقف واحد عند المصلحة، ولا تعود لديهم قيمة للإيديولوجيات في تلك الحالة".

 

ظلم ودماء...

وأشار الأيوبي الى أن "الهدف الأكبر لدى تلك التنظيمات هو الحفاظ على وجودها، إذ إن هذا يعني أنها مُنتصرة بالنّسبة إليها. فمعايير ومفاهيم تلك التنظيمات مختلفة تماماً عن معايير الأحزاب السياسية غير العسكرية، أو التي تؤمن بمنظومة الدولة الوطنية".

وردّاً على سؤال حول التناقض القائم بين قول بعض التنظيمات المسلّحة إن استفحال الظّلم في العالم سيسبق ظهور المهدي، فيما تؤكد لجماهيرها دائماً أن كل شيء تحت سيطرتها، وأنها مُنتصرة دائماً الآن، أي منذ ما قبل ظهوره، وكأنها تقول إن العدل حلّ على الأرض بانتصاراتها الدائمة الآن، أجاب:"لدى الإيرانيين تحديداً وجهة نظر تقول إنه لا بدّ من أن تسيل الدماء غزيرة قبل ظهور المهدي، أي انه يجب أن يعمّ الظلم حتى يظهر. ولهذا السبب، نرى هذا الكمّ من الوحشية والمبالغة بإراقة الدماء في العراق وسوريا واليمن، وفي الأماكن التي سيطرت فيها إيران. فهذا جزء من العقيدة الضمنية لديهم".

وأضاف:"المهدي لدى أهل السُنّة لا يلزمهم بالسعي الى ظهوره في العقيدة. الفارق موجود، إذ يعتبر الشيعة أنه يجب أن يمهدوا لهذا الظهور عبر مجموعة من الإجراءات كتكوين جيش المهدي، وسلطة الولي الفقية، والكثير من الأمور التي تدفعهم الى سلوكيات عسكرية وقتالية والى إراقة الدماء. بينما في العقيدة السُنية، ليس مطلوباً من أهل السُنّة لا أن ينصروه قبل ظهوره، ولا أن يمهدوا لظهوره، لان المسؤولية الشرعية هي مسؤولية فردية بنظرهم، بمعنى أنه سواء ظهر المهدي أو لم يظهر، فإن المسؤولية الدينية بالعبادات وأعمال الخير وغيرها من الأمور، لا تتغير".

 

مستقبل المنطقة؟

وعن مستقبل الشرق الأوسط وشعوبه بين دول تنادي بالتقدّم والتكنولوجيا والازدهار، وبين تنظيمات مسلّحة تسيطر على دول أخرى، وبإيديولوجيات متعدّدة، لفت الأيوبي الى أن "المزاج الأصلي لدى الشعوب، وخصوصاً مزاج السُنّة، هو مزاج الدولة لا الميليشيات. فالسُنّي لم يَكُن في أي يوم من الأيام صاحب دعوة ميليشياوية، لأن السُنّة دائماً هم أهل الدولة".

وتابع:"في سوريا مثلاً، نزل ملايين السوريين الى الشارع في بداية الثورة السورية رفضاً للنظام القائم الذي ينضوي في محور إيران، وطلباً لتأسيس دولة وطنية تقوم على العدالة الاجتماعية والحرية السياسية. ولكن ما حصل هو أن نظام الأسد استعمل جيشه ضد الشعب، واستدعى إيران، وتلك الأخيرة استدعت روسيا، لتدمير الشعب السوري وتهجيره".

وختم:"ما يحصل هو أن الميليشيات الإيرانية تفرض سيطرتها على دول سُنية بقوة السلاح والنار، وبتسهيلات أميركية وغربية. ولكن المشكلة هي في أن تلك الميليشيات وإيران يتقنون الثورة لا الحكم، والنماذج التي يقدمونها في كل مكان، هي نماذج من التخلّف والفقر والجوع والعجز".

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار