هل سقط القانون الدولي الإنساني... ومعه حماية المدنيين؟ | أخبار اليوم

هل سقط القانون الدولي الإنساني... ومعه حماية المدنيين؟

| السبت 09 ديسمبر 2023

هل سقط القانون الدولي الإنساني... ومعه حماية المدنيين؟

بارود: إنها رسالة انتفاضة إلى القادرين في العالم


 "النهار"- منال شعيا

"تبقى "الحياة انتصاراً للأقوياء في نفوسهم"، على الرغم من الشعور بشيء من العجز بعدما سقطت منظومة الحماية الدولية للمدنيين، حيث لم يعد ينفع القانون الدولي الإنساني الذي سقط أيضاً على وقع الإفلات من العقاب، بل العجز عن الردع. بعد غزة ليس كما قبلها، الإنسانية باتت وجهة نظر".

بهذه العبارات كتب الوزير السابق زياد بارود بالأمس عن كل الذي جرى، ويجري، في #فلسطين، من انتهاك فاضح للقانون الدولي ومنظومة حماية المدنيين.
والمفارقة أن يصدر هذا الكلام عن حقوقي وناشط مدني، لطالما صقل تجربته بلغة القانون وميزان العدالة، فهل تكوّن لديه اقتناع بأن "القانون الدولي لم يعد ينفع"؟ هل باتت القوة هي الحل؟ هل أصلاً القانون الدولي وحماية المدنيين مجرد كذبة؟

كل هذه الأسئلة جاءت في طيّات هذا الكلام، فأيّ أفق للنصوص القانونية والاتفاقات الدولية في ظل التفلّت ولغة النزاعات والصراعات الدولية؟

يقول بارود لـ"النهار": "منذ 7 تشرين الأول، وأنا أشعر كأن ثمة إنساناً مكبّلاً، ينظر الى نصوص القانون الدولي الإنساني ثم يرى المشاهد المأسوية التي تفتك بلغة القانون، إمّا عن قصد وإمّا عن عجز".

ويتدارك: "في الحالتين، النتيجة واحدة. مزيد من القتل وانتهاك حرمة المدنيين والأبرياء. فإن كان ما يجري هو عن قصد لضرب أسس القانون الدولي، فمعنى ذلك أن السؤال الآتي بات أكثر من مشروع: لمَ وجود القانون في الأساس؟ وهذه مشكلة كبرى. وإن كان ما يجري هو عن عجز، فلا بد من أن نسأل: وماذا بعد؟ وما الذي علينا أن نفعله، لوقف كل هذا الجنون".
55 نزاعاً

منذ عقود، ودول العالم بأسرها تتغنّى بالقانون الدولي والشرع العالمية التي وُضعت من أجل حماية البشرية والإنسانية. وكذلك، منذ عقود، وضعت الكثير من الاتفاقات الدولية التي تتحدث عن حماية المدنيين في زمن الحروب تحديداً. وعلى مرّ العقود أيضاً، انتُهكت هذه الحماية وهذه الاتفاقات، حتى وصلنا الى احداث غزة... وكأننا في مسار تصاعدي بالانتهاكات القانونية الدولية.

يعلق بارود: "كأن كل هذه النصوص هي حبر على ورق. انظر الى غزة، منذ نحو شهرين، وأنا أشهد على هذا الدمار والانتهاك ولغة القتل. أمام كل ذلك، ثمة خياران، لا ثالث لهما. إمّا أن نرمي هذه النصوص وإمّا أن نعدّلها".

هكذا، ينتقل بارود من مجرد الكلام الى الشق العملي التطبيقي، الذي بات أكثر من حاجة ملحّة.

يروي: "نحن لا نحتاج الى نصوص جديدة، بل الى تفعيل آليات العمل التي تبدو اليوم، مفقودة وغير فعالة".

عظيم، لكن من هذه الجهة التي ستبادر الى مثل هذه الخطوة، وكل دول العالم تبدو "متورّطة" في هذا "الجرم"؟

يجيب: "قبل أيام، صدر موقف لافت لمنظمة أطباء بلا حدود. هؤلاء ليسوا بفلسطينيين ولا لبنانيين، لكن كلامهم أكثر من معبّر. علينا أن ننظر الى الربع الملآن من الكوب، لا فقط الى الثلاثة أرباع الفارغة. هذا الجهد اليوم مطلوب على المستوى الدولي. إن القانون الدولي ليس مجرد نص أو أدبيات، وتفعيل آلياته واجب لحماية المدنيين. هل مشاهد الأطفال التي نراها منذ شهرين، يمكن ان يستوعبها منطق وعقل؟! لمَ وجود القانون في هذه الحالة؟ ما أهدافه؟ لمَ وُضع إن كان لا يستطيع أن يكون، أولاً، أداة ردع؟".

يدرك بارود بعض المطبّات أو التحديات التي تواجه عمل منظمات الأمم المتحدة ككل ومجلس الأمن أيضاً. يقول: "يكفي وجود حق الفيتو على صعيد عمل مجلس الأمن، أو ما يُعرف بحق النقض. لكن في المقابل، كل منظمات الأمم المتحدة عليها دور وواجب، وأنا أواكب ما تفعله منظمة اليونيسف على سبيل المثال، لمساعدة المدنيين والأطفال تحديداً، على الرغم من كل الظروف الصعبة. إن جهدها كبير، لكن على الجميع أن يؤدّوا أدوارهم. حتى جامعة الدول العربية عليها واجب وأمامها عمل أكبر في هذا الإطار".

أمام كل هذه الصورة الواقعية التي تبدو سوداوية، فإن رسالة بارود لم تكن مجرد نعي أو استسلام. يوضح: "هذه رسالة انتفاضة لا استسلام. انتفاضة على واقع، ورسالة الى كل الذين هم في سلطة القرار وقادرون على العمل وتفعيل آليات حماية المدنيين بالفعل لا بالقول. وإلا فسنصبح أمام منطق القوة و"كل مين إيدو إلو". أنا أرفض هذا المنطق. ما يجري غير مقبول على كل المستويات، وباب الحل أو الخرق موجود، لكن على مستوى دول العالم. والأخطر، يخطئ من يظن أن ما يجري في فلسطين سيتوقف حكماً وفقط أمام فلسطين وغزة. هذا مؤشر خطير. في العالم اليوم، نحو 55 نزاعاً، ويجري تسليط الأضواء على حوادث فلسطين وحرب أوكرانيا، ولكن العالم كله يعاني الإفلات من العقاب وسقوط منظومة الحماية الدولية للمدنيين".

ويختم بتوجيه سلسلة أسئلة: "هل المطلوب إسقاط هذه النصوص الى الأبد؟ هل المطلوب ضرب لغة القانون؟ ماذا يبقى لنا؟ وماذا يبقى للمجتمعات المدنية والإنسانية؟ لا بد من مواكبة ما لقرار كبير، لئلا تبقى حماية المدنيين متروكة بهذا الحجم، وعلى مستوى العالم كله. ما قلته أو كتبته ليس استسلاماً، بل تحفيز لإرادة ولقرار ينبغي أن يؤخذ، لحماية المدنيين أولاً، لا بل الإنسانية، إن كان ما يجري ينتج عن عجز أو عن قصد، لا يهمّ. المهم الحفاظ على منظومة حماية المدنيين ولغة الردع".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار