أميركا تُخفي "عينها الحمراء" في البحر الأحمر و"تسوية بكين" رهينة "الدبّ الأصفر"! | أخبار اليوم

أميركا تُخفي "عينها الحمراء" في البحر الأحمر و"تسوية بكين" رهينة "الدبّ الأصفر"!

انطون الفتى | الخميس 14 ديسمبر 2023

درباس: الكلّ يستثمر في لحظات الحرب تمهيداً لمرحلة ما بعدها

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

الى أين وصل نفوذ السعودية على مستوى "تسوية بكين"، التي كان الاستقرار أحد أهمّ النّقاط الجوهرية المُساهِمَة بالتوصُّل إليها؟

ولماذا لم تمارس الرياض ديبلوماسيّتها على طهران حتى الساعة، من أجل الحدّ من المخاطر في منطقة البحر الأحمر، التي لا تهدّد مصالح الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل فقط، بل الاقتصاد العالمي أيضاً؟

 

نفوذ الصين

فالحرب التي يقول "الحوثيون" إنهم يخوضونها ضدّ إسرائيل وحربها على غزة، في منطقة البحر الأحمر، والتي يؤكدون أنها تستهدف السّفن الإسرائيلية، وتلك المتّجهة الى إسرائيل، لا تُصيب تل أبيب حصراً، بل قد تكون مؤذية لدول لا دخل لها بالصّراع في غزة أصلاً.

فبسبب ارتفاع مخاطر التحرّك في البحر الأحمر، بات يتوجّب على العديد من السّفن دفع تكاليف إضافية نتيجة إبحارها هناك، فيما اختارت بعض شركات الشحن إعادة توجيه سفنها عبر "رأس الرجاء الصالح"، ما أدى إلى زيادة أوقات الرحلات التجارية، وتكاليفها. وهذا يتسبّب بخسائر لمصر التي تعتمد على قناة السويس كمكمّل للتجارة التي تمرّ عبر البحر الأحمر. وبالتالي، تتأثّر مصر كثيراً بهذا التصعيد، الى جانب كل الموانىء الممتدّة على طول البحر الأحمر، وكل سلاسل التوريد المرتبطة بها، وتجارة النفط، وهو ما يشكل خسائر لا يُستهان بها لدول المنطقة عموماً. هذا فضلاً عن أن هذا الممرّ البحري يُعتبر حيوياً على المستوى التجاري لدول كثيرة في آسيا، ومنها الصين راعية "تسوية بكين".

فأين نفوذ الصين لتنشيط التسوية تلك، ولفصل منطقة البحر الأحمر عن الحرب في غزة، خصوصاً أنه لا يمكن التعامُل مع منطقة تجارية عالمية وكأنها منطقة حرب إقليمية؟ وهل ان السعودية عاجزة عن ممارسة أي ضغط، أو عن القيام بأي مبادرة ملموسة تجاه إيران، تدفعها الى الضّغط على "الحوثيين"؟

 

مناورة ناجحة

أشار الوزير السابق رشيد درباس الى أن "السياسة والحروب وكل شيء يُترجَم بالاقتصاد في النهاية. ولكن ما حصل حتى الساعة، هو أن تسوية بكين لم تُنتج إلا القليل من الأمور الصغيرة والشكلية، ومن دون مفاعيل جوهرية على الإطلاق. وهي تفتقد الى أي نوع من الحرارة في العلاقة بين السعودية وإيران، وعلى مستوى إيجاد آلية تعمل على تبريد الأجواء المحمومة في المنطقة. وربما النتيجة الوحيدة لها كانت أنه منذ التوصُّل إليها، لم تسقط أي صواريخ "حوثية" على المملكة. هذا مع العلم أن ما يحدث في البحر الأحمر يؤثر على مصر، التي تجني نسبة لا بأس بها من إنتاجها القومي عبر قناة السويس. وعندما تصبح تلك الأخيرة محدودة الدخل، فهذا سيشكل مشكلة لمصر".

ورأى في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "ما يجري في الخليج حالياً هو إثبات وجود إيراني، يقول الإيرانيون من خلاله إننا شركاء في هذا الممرّ الجوهري الذي إذا عطّلناه ستُصبحون مضطّرين للالتفاف الى "رأس الرجاء الصالح"، ولتحمُّل زيادة أسعار البضائع والشحن.  وبالتالي، يقوم الإيرانيون بمناورة لإثبات وجودهم، وهي ناجحة حتى الساعة".

 

"العين الحمراء"...

ولفت درباس الى أنه "يمكن للأميركيين ان يقوموا بردّ فعل عنيف وقوي، ولكنهم ليسوا بهذا الوارد حالياً. وهنا علينا أن لا نُهمل حقيقة أن التوتر الإيراني - العربي شكّل نقطة استثمار سياسية واقتصادية كبيرة للولايات المتحدة الأميركية منذ بدايته. فالأميركيون لم يُقدموا على إظهار "العين الحمراء" من الحوثيين والإيرانيين ولا في أي لحظة، بل هم يستثمرون في تلك الحالة. ولا أحد يعلم متى يمكن للأداء "الحوثي" العملي أن يتجاوز حدوداً معيّنة تجعل أميركا تتدخل بشكل آخر. ولكن الى الآن، لا يزال الأميركيون يتظاهرون بأنهم لا يسمعون الرسائل الإيرانية الموجّهة عبر الحوثيين".

وأضاف:"ما يجري في البحر الأحمر هو استثمار إيراني في لحظة الاحتدام العسكري الحاصل في غزة. فإيران تقول إنها موجودة، وإنها نقطة تفاوض أساسية سواء بغزة أو غيرها، وبالاقتصاد والتجارة والسياسة والنفوذ الإقليمي وكل شيء، فيما لا تردّ أميركا عليها لا بالمفاوضات، ولا بالقمع. وبالتالي، الكلّ يستثمر حالياً في لحظات الحرب من أجل الحصول على مكاسب ومواقع تمهيداً لمرحلة ما بعدها، عندما ستبدأ كل جهة باللّعب في الأوراق التي تجمعها الآن".

وختم:"لم تشعر الصين الى الآن بالأذى من جراء ما يحصل في البحر الأحمر. فلا أحد سيتعرض للسّفن الصينية، وهو ما يُبعد شعور بكين عن أن مشاريعها الحيوية ستتأثّر بما يفعله "الحوثيون".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار