الدولار المصرفي بـ25 الف ليرة والمودعون عاجزون عن المواجهة
القرار الذي يتنصّل الجميع من مسؤوليته، يثبت تحامل السلطتين السياسية والنقدية على المودعين
عزة الحاج حسن - المدن
لم يصدر قرار تسعير الدولار المصرفي رسمياً حتى اللحظة، إلا أن كافة الأطراف توافقوا على تسعيره أقل من قيمة الدولار الفعلية بنحو 72 في المئة. وعلى الرغم من إنكار مصرف لبنان وترويجه لرفض الحاكم بالإنابة وسيم منصوري تسعير الدولار المصرفي بسعر مختلف عن السعر الرسمي إلا أن أكثر من مصدر أكد توافق الجميع من رئيس الحكومة ووزير المالية الى منصوري على تسعير الدولار المصرفي عند 25 الف ليرة فقط بدلاً من 89500 ليرة.
التوافق حصل لكن القرار لم يصدر بعد، بسبب تهرّب الجميع من تحمل مسؤوليته وهو ما يكفي لتأكيد إجحاف القرار وانتهاكه لحقوق المودعين. القرار "اللقيط" لم يخرج الى العلن حتى اللحظة لكن المصارف تبلّغت به أو بالأحرى شاركت باتخاذه حتى أن مصدر من بنك بيبلوس يقول لـ"المدن" ان الفروع التابعة للمصرف تبلّغت رسمياً من الإدارة الأم اعتماد سعر الدولار المصرفي او ما يُعرف بـ"اللولار" 25 الف ليرة وقد بدأ العمل تقنياً على تطبيقه في المرحلة المقبلة بانتظار صدوره رسمياً. وهناك مصارف أخرى، ومنها بلوم بنك وبنك عودة، ينتظران صدور القرار الرسمي من دون التعليق على مضمونه، بحسب مصدر مصرفي.
تجاذب حول القرار المجحف
القرار الذي يتنصّل الجميع من مسؤوليته، يثبت تحامل السلطتين السياسية والنقدية على المودعين والإصرار على اقتطاع الجزء الأكبر من الودائع. القرار لم يعد محط تجاذب إذ جرى التوافق عليه بين وزير المال ورئيس الحكومة بعد الإستحصال على رضى المصارف وموافقتها وغض نظر حاكم مصرف لبنان بالإنابة، فالأخير يرفض أن يقف في واجهة القرار او التوقيع عليه حرصاً على مصداقيته أمام صندوق النقد الدولي الذي ينتظر وفاء البنك المركزي بما وعد به لجهة توحيد سعر الصرف، وبالتالي يرفض منصوري التوقيع على دولار مصرفي خارج خطة توحيد سعر الصرف.
بالمقابل وأمام إصرار وزير المال يوسف الخليل على مشاركة توقيع القرار مع منصوري لتخفيف المسؤولية عن عاتقه، علق القرار المرفوض أصلاً من المودعين والمجحف بحقهم.
فتسعير الدولار المصرفي عند 25000 ليرة يفرض هيركات على الودائع بأكثر من 72 في المئة من قيمتها الحقيقية. وثمة من يتحدث عن اعتماد سعر الدولار المصرفي عند 30 او 35 الف ليرة لكن أياً من تلك الأسعار لا يفي بالغرض. فالودائع التي أودعت بالدولار لا يمكن سدادها بسعر يقل عن السعر الفعلي لها، من هنا لا بد من مواجهة القرار المجحف بعد صدوره رسمياً. فهل مَن يواجه؟
هل يواجه المودعون؟
مضى قرابة الشهرين على انتهاء صلاحية التعميم 151 مع نهاية العام الفائت، ورغم ذلك تستمر المصارف بتطبيقه خلافاً للقانون، فتسدد الودائع على سعر صرف 15000 ليرة وهو السعر الذي لم يعد له أي وجود في التعاملات المالية والمصرفية الرسمية.
دخل المودعون مرحلة من الترقب والإنتظار على مدى الشهرين الأخيرين أملاً بإقرار سعر صرف فعلي للدولار على غرار ما تم فرضه من مصرف لبنان على المصارف لاعتماد السعر الحقيقي 89500 ليرة في تعاملاتها مع المركزي وفيما بينها، وحده سعر صرف السحوبات بقي عالقا ً وسط صمت المودعين الذين يتوزّعون على جمعيات وروابط وتجّمعات متباعدة فيما بينها، منها من ضرب به اليأس ومنها من بات يتحدّث باسم المصارف ويدافع عن مصالحها سراً وعلانية.
قلة من المودعين فقط يحاولون الوقوف في وجه القرار المجحف بحق الودائع أو أقله يخططون للوقوف في وجهه منهم جمعية صرخة المودعين التي يؤكد المتحدث باسمها علاء خورشيد رفض الجمعية لإقرار تسعير الدولار المصرفي عند 25000 ليرة أو أي سعر آخر دون السعر الحقيقي للدولار وهو 89500 ليرة ويتوعّد خورشيد بالطعن رسمياً بالقرار فيما لو صدر كما يتم الترويج له.
مع مرور قرابة الشهرين على انتهاء مفعول التعميم 151 وبالنظر الى عدم صدور بديل حقيقي يحدد قيمة سعر الدولار المصرفي وسقف السحوبات، تستمر المصارف بالوتيرة نفسها، هيركات على الودائع وسقوف متدنية للسحوبات، فلا رادع للمصارف ولا دافع للسلطة السياسية والنقدية لوقف النزيف الحاصل بالودائع.