عن بعض نواب الأمة الذين لا يعملون إلا ليكونوا "تحفة أثرية" في كتاب التاريخ... | أخبار اليوم

عن بعض نواب الأمة الذين لا يعملون إلا ليكونوا "تحفة أثرية" في كتاب التاريخ...

انطون الفتى | الجمعة 22 مارس 2024

فرحات: تشريعاتهم خجولة جدّاً وأدنى من المستوى المطلوب في المرحلة التي نحن فيها الآن

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

على هامش اعترافنا بالحريات الشخصية، وبضرورة عدم المساس بها، وبالإبقاء على حدّ فاصل ومتين بين الحياة الشخصية لكلّ من يتعاطى الشأن العام وبين عمله، إلا أن ما لا يمكننا أن نقبله أبداً، هو أن يتألّف مجلس النواب لدينا من نسبة مهمّة من النواب الذين لا يطلبون سوى أن يكونوا "تحفاً أثرية" ربما، أو "صمديات" تذكرها كتب التاريخ مستقبلاً.

 

"حلّوا عنّي"...

فما هو هذا النائب الذي قد يجتمع أو يغيب بتكرار، عن جلسات مجلس النواب، ولجانه، وعن الإجابة على هاتفه بشكل دائم، الى درجة أن بعض نواب الأمة لا يمكنك أن "تلتقطهم" أبداً، لتحصل منهم على جواب حول قضيّة أو مشكلة حيوية تمسّ أي جانب من جوانب الحياة اليومية؟

وما هو هذا النائب الذي إذا أردت أن تسأله عن تصوّر أو عن حلّ لمشكلة معيّنة تُناقَش على طاولة اللجنة أو اللجان النيابية التي ينتمي إليها، لا يمكنك أن تجده أبداً؟

فبعض النواب "أخرجوا أنفسهم من الخدمة" بهواتفهم الخالية من "واتساب"، أو بعَدَم فتح خطوطهم أبداً، أو بعَدَم الإجابة عندما يرن ّهاتفهم... وهذه قلّة أدب (عذراً على قساوة التوصيف) بالنّسبة الى عامل في الشأن العام، لأنه يشبه بذلك من يقول للناس إن من واجبكم أن تقترعوا لي، وبعد ذلك "حلّوا عنّي".

 

ملاحقته؟

أوضح الخبير الدستوري المحامي أنطونيو فرحات في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "بالرأي السياسي، هذا الكلام صحيح بشكل أكيد ومُطلَق. وأما من الناحية القانونية، فلا يمكن ملاحقة أو معاقبة نائب إذا كان لا يُجيب على هاتفه. هذا مع العلم أن النائب ليس سلطة إجرائية، ومن يتوجّب عليهم أن يسهّلوا الوصول الى المعلومات هم مكوّنات السلطة التنفيذية، أي الوزراء، ومجلس الوزراء، والإدارات العامة".

 

ليس جديراً

في أي حال، وبمعزل عن الاختلاف في دور وصلاحيات مختلف أنواع السلطات، إلا أنه يمكن لظاهرة النائب الذي يعتبر أن الهاتف "حصنه الحصين" لا وسيلة يستخدمها للخدمة العامة، أن تطال بعض النواب الذين لا أحد أفصح منهم بالحديث عن فساد السلطة، وعن صفقات أهلها السريّة التي تُمرَّر في "ظلمة اللّيالي". فبعض هؤلاء أيضاً قد لا تنجح محاولات الحصول على جواب مُفيد منهم حول أي تصوّر لحلّ، خصوصاً أن نسبة لا بأس بها منهم لا يُجيبون على هواتفهم إلا لبعض الناس ربما.

وهنا مع احترامنا للجميع، إلا أن كلمة الحقّ يجب أن تُقال، ومهما كانت قاسية. فالنائب الذي يحمل رقم هاتف بـ "واتساب" لبعض من يلقّنهم ما يريده هو، ورقم هاتف آخر من دون "واتساب" لمن لا يريد أن يُجيبهم خوفاً من بعض أنواع الأسئلة ربما، رغم أنه يعمل في الشأن العام، ويُعنى بمصير الناس بتوكيل منهم، هو شخص ليس جديراً بأن يكون نائباً أصلاً.

 

مخالفات...

في هذا الإطار، يشرح فرحات أن "أداء النائب محصور بأمرَيْن أساسيَّيْن، وبثالث آخر رديف، أي بالتشريع، ومراقبة عمل الحكومة، وانتخاب رئيس للجمهورية. بينما نواب المجلس لا يشرّعون، ولا يراقبون، ولا ينتخبون رئيساً للجمهورية حالياً. وهذا خرق لدور النائب من الناحية القانونية. فلا نائب طرح الثقة بالحكومة في أي مرة، وهذا عمل لا يقومون به، فيما تشريعاتهم خجولة جدّاً، وأدنى من المستوى المطلوب، لا سيّما في المرحلة التي نحن فيها الآن، والتي تتطلّب تشريعات كبيرة جدّاً، والمزيد من العمل. هذا الى جانب مخالفة النواب أحكام الدستور بمواد عدّة".

 

"عا السّمع"

نحن لا نطلب من النواب أن يكونوا متوفّرين "عا السّمع" دائماً، ونقرّ بحقّهم بأن لا يكونوا ماكينات بحجّة العمل العام. ولكن عندما يكون هناك مشاكل عامة وحيوية يتابعونها، أو من المُفتَرَض أنهم يفعلون ذلك، وهي مربوطة بحياة ومصير الناس، فإنه يُصبح من واجبهم أن يُطلعوا الشعب على بعض تفاصيل ما يتوصّلون إليه بحدّ أدنى، عندما يُطرَح عليهم أسئلة في هذا الإطار. هذا طبعاً إذا كانوا يتوصّلون لشيء من الأساس.

وأما إذا لم يكونوا جديرين بمقعدهم النيابي كنواب عن الأمة جمعاء، أي عن مشاكل جميع الناس لا من "يزحفون" ويصفّقون لهم فقط، أو إذا اعتبروا أن واجب الناس الوحيد هو انتخابهم، فلا بدّ لهم من أن يرحلوا الى منازلهم، وأن يتخلّوا عن مقاعدهم النيابية. فهناك يرتاحون أكثر، ولا يعود يحقّ لأحد بأن يزعجهم عندما يعودون الى اهتماماتهم الخاصّة.

 

من يسأل؟

في السياق عينه، يُشير فرحات الى أن "القانون الداخلي لمجلس النواب لا يُطبَّق كما يجب. فعلى سبيل المثال، تتحدّث المادة 61 منه عن أنه لا يجوز للنائب أن يتغيّب في أي دورة من دوراته (المجلس) العادية أو الاستثنائية لأكثر من مرتَيْن، إلا بعذر مُسبَق ومشروع يُسجَّل في قلم المجلس. وإذا اضطُّر (النائب) أن يغيب بمهمّة رسمية وصورة مستمرة لأكثر من جلسة واحدة، فقد ورد في المادة 62 أنه يتوجّب عليه أن يقدّم طلباً لقلم المجلس يبيّن فيه الأسباب الموجبة لتغيُّبه".

وختم:"من يسأل أي نائب اليوم إذا تغيّب بشكل متكرّر من دون عذر مشروع؟ هناك تفاصيل موجودة ولكنها بحاجة الى تطبيق وتطوير. فالنائب ارتضى أن يضطّلع بمسؤولية تمثيل الشعب في البرلمان، ومن واجبه أن يقوم بما لديه من صلاحيات ومسؤولية ووكالة، على هذا الصعيد".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار