ويبقى الأمر لحاكم المصرف: من هنا يبدأ إنقاذ لبنان! | أخبار اليوم

ويبقى الأمر لحاكم المصرف: من هنا يبدأ إنقاذ لبنان!

| الأحد 31 مارس 2024

ويبقى الأمر لحاكم المصرف: من هنا يبدأ إنقاذ لبنان!
تفتقر الساحة السياسية إلى الإرادة من قبل مكوّنات الطبقة السياسية لإقرار الإصلاحات

د. محمد فحيلي - اساس ميديا
على مصرف لبنان احترام أحكام التعاميم التي يصدرها والالتزام بها. وعلى حاكم المصرف وسيم منصوري أن يشرف على هذا الالتزام وأن يدفع باتجاهه.

تفتقر الساحة السياسية في لبنان إلى الإرادة من قبل مكوّنات الطبقة السياسية لإقرار الإصلاحات الضرورية والأساسية لإنقاذ الوطن والمواطن... لذا يصير بديهياً أنّ أكثر المتألّمين من إطالة أمد الأزمة هم أصحاب الودائع المحتجزة في المصارف التجارية العاملة في لبنان. هناك سيولة جاهزة بالعملة الأجنبية موزّعة بين مصرف لبنان والمصارف المراسلة. وهي حقّ لأصحاب الودائع بالدولار المحلّي، خارج إطار أرصدة الحسابات الخاضعة لأحكام التعاميم 150 و165. والأهمّ هو أنّ هذه السيولة على الرغم من جهوزيّتها لا تُصرف لأصحابها، المودعين، في حين هم بأمسّ الحاجة إليها.

حتى تاريخ إصدار تعميم مصرف لبنان الأساسي الذي يحمل الرقم 150 في 9 نيسان 2020، وهو تعميم حسابات الدولار الفريش، كانت كلّ الودائع بالعملة الأجنبية، (كلن يعني كلن)، تخضع للتوظيفات الإلزامية (Mandatory Placements) لدى المركزي.و ذلك بنسبة 15% من حجم أرصدتها. ثمّ صدر التعميم الأساسي رقم 151 في 21 نيسان 2020. وانتهى العمل به في 31/12/2023. وقد أعطى سعراً ثابتاً للدولار المحلّي عند السحب فقط.

ومن بعده جاء التعميم الأساسي رقم 158 بتاريخ 8 حزيران 2021. فصنّف الودائع بالعملة الأجنبية وفق تاريخ تكوينها. الأهمّ هو أنّ هذين التعميمين (151 و158) أبقيا التوظيفات الإلزامية على ما هي عليه. التوظيفات الإلزامية هي سيولة جاهزة لدى مصرف لبنان. فقط التعميم الأساسي الذي يحمل الرقم 150 حرّر الحسابات بالعملة الأجنبية من أيّ توظيفات. لكنّه عاد وفرضها بصورة غير مباشرة عند إصدار التعميم الأساسي رقم 165 في 19 نيسان 2023. وكلّ هذا قبل أن يتسّم حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري المنصب بالإنابة.

تفريع الحسابات… والظلم

وهذا يعني بصريح العبارة أنّ هناك عدّة كيانات منفصلة لجهة تأسيس وإدارة الحسابات المعنونة بالعملة الأجنبية:

– الحسابات بالدولار المحلّي التي تخضع لأحكام التعاميم الأساسية رقم 158 و 166 وهي حسابات متفرّعة. والحسابات بالدولار المحلّي التي تخضع لأحكام التعميم الأساسي رقم 166، وهي حسابات متفرّعة أيضاً.

– الحسابات بالدولار الفريش التي تخضع لأحكام التعميم الأساسي رقم150.

– وأخيراً، الحسابات بالدولار الفريش التي تخضع لأحكام التعميم الأساسي رقم 165، الذي يشمل الحسابات بالليرة اللبنانية الفريش.

السؤال الأهمّ هنا. وهو موجّه لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري: هل تلتزم المصارف بتصنيف حساباتها بالعملة الأجنبية وفق أحكام هذه التعاميم؟ وهل تُصرّح عنها للجهات الرقابية؟ أي لجنة الرقابة على المصارف؟

الجواب السريع والمباشر هو أنّ غياب دور لجنة الرقابة على المصارف يضيف ضبابية على المشهد المصرفي في لبنان. ولا يساهم في توصيف الأمور كما هي. ويزيد من منسوب التكهّنات والسيناريوهات لجهة تحديد مستقبل المصارف التجارية العاملة في لبنان.

بالعودة إلى ما يجب أن يكون من سيولة جاهزة بالعملة الأجنبية. صدر في 27 آب من سنة 2020 أيضاً التعميم الأساسي الذي يحمل الرقم 154. وألزم المصارف بتكوين 3% من أرصدة ودائعهم بالعملة الأجنبية (أي الدولار المحلّي فقط) . سيولة جاهزة خارجية ونظيفة. (لا يوجد مقابلها أيّ التزامات قد تنتج عنها مخاطر ائتمانية وخسائر) . على أن  تكون لدى المصارف المراسلة.

هناك مليارات $ موجودة… من حقّ المودعين

هذا يعني أنّه باحتساب بسيط نستخلص ما يلي:

– هناك 15% من أرصدة الحسابات بالدولار المحلّي سيولة جاهزة لدى مصرف لبنان. وعلى حاكم مصرف لبنان بالإنابة إبلاغ الشعب اللبناني، المودعين منه، هل هذه السيولة بالدولار الفريش “الظريف” أم بالدولار المحلّي “السخيف”. إضافة إلى ذلك، عندما يعلن مصرف لبنان ارتفاع حجم احتياطاته بالعملة الأجنبية، يجب أن يكون ذلك بما يفوق الاحتياطي الإلزامي الناتج عن التوظيفات الإلزامية للمصارف. على مصرف لبنان إعادة تكوين هذا الاحتياطي بالعملة الأجنبية. والمعطيات المتوافرة تشير إلى التصرّف بهذا الاحتياطي بشكل مخالف للقانون من قبل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة. وعلى حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري (بالإنابة) التوضيح.

– في المقلب الآخر، يجب أن تكون لدى المصارف المراسلة 3% سيولة جاهزة. ومن الطبيعي أن تكون هذه السيولة متوافرة بالدولار الفريش الظريف.

نشر أرقام وحجم الاحتياطي الإلزامي لا يقدّم ولا يؤخّر. لأنّ الواقع المرير يكشف أنّ هناك تعتيماً فاضحاً في ما يخصّ مصير هذه الأرصدة لدى مصرف لبنان والمصارف المراسلة. وعلى السلطة صاحبة الاختصاص التوضيح للمودعين، بالحدّ الأدنى، والشعب اللبناني.

توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان والاكتتاب في الديون السيادية، بما يفوق حجم التوظيفات الإلزامية، هي قرار الإدارة التنفيذية في المصارف التجارية. وعليهم، وفق القوانين وتعاميم مصرف لبنان ذات الصلة، تحمّل أيّ خسارة قد تنتج عن هذه التوظيفات. من جرّاء تعرّضها لأيّ مخاطر كمخاطر الائتمان، السوق، أو تقلّب الفائدة. أمّا قرار التوظيفات الإلزامية فيعود إلى المجلس المركزي لمصرف لبنان. وعلى هذا المجلس وضع حدّ للضبابية التي تواكب مصير هذه الأرصدة:

– 70% من الاحتياطي الإلزامي بالليرة اللبنانية (سيولة جاهزة بالليرة) تمّ استهلاكه في قروض مدعومة الفوائد للقطاع الخاص. أين هي؟

– 18% (15% + 3%) سيولة جاهزة بالعملة الأجنبية بين مصرف لبنان والمصارف المراسلة. ما هو مصيرها؟

– الكلّ بات يعلم بأنّ المصارف لا توظّف 100% من السيولة المتوافرة لديها. بل تحتفظ بجزء منها كسيولة جاهزة في خزاناتها الحديدية كاحتياطي إضافي وقائي (Excess Reserves).

عندما اتّخذ المجلس المركزي لمصرف لبنان قرار تخفيض نسبة التوظيفات الإلزامية على الودائع بالدولار المحلّي. (كلّ الودائع التي لا تخضع لأحكام التعميمين الأساسيَّين 150 و165 لنكون شموليين على الرغم من أنّ التعميم 165 صدر بعد هذا القرار)… كانت الودائع بالدولار المحلّي تلامس 85 مليار دولار. وهذا يعني أنّ 850 مليون دولار أصبحت متوافرة للمصارف التجارية للتصرّف بها. هذا المبلغ هو من حقّ أصحاب الحسابات المعنونة بالدولار المحلّي، لكن للأسف لم يُرفق تحرير هذه النسبة بأيّ تعليمات لجهة سدادها إلى أصحابها. وغياب لجنة الرقابة على المصارف عن أداء دورها الرقابي عزّز من منسوب الاستنسابية في ممارسة المصارف لدورها في خدمة المودعين.

في كلّ إطلالة له كان حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري (بالإنابة) يعدنا بالشفافية المطلقة. ها نحن نسألك يا سعادة الحاكم: ماذا فعلتم وماذا فعلت المصارف بالسيولة الجاهزة، الداخلية والخارجية، التي يجب أن تكون متوافرة لديهم؟

اليوم هناك عدد من المصارف تنعم بتوظيف سيولتها بالدولار في مصارف غير مقيمة بفائدة تتجاوز 5%. وبالمقابل لا تدفع قرشاً واحداً لأصحاب الودائع المجمّدة لديها. بل بالعكس تستهلك المصارف أرصدة هذه الحسابات بالعمولات الشهرية، ولا رقيب ولا حسيب.

وسيم منصوري: الأمر لي… !

‏إذا كنّا نتحدّث عن صلاحيّات فمن الخطأ التعريف عن الدكتور وسيم منصوري بأنّه “حاكم مصرف لبنان بالإنابة”. لأنّ ذلك يترك انطباعاً بأنّه فاقد الصلاحية أو جزء منها، أو لا يتمتّع بالصلاحيات التي تساعده في الحكم. قانون النقد والتسليف، الذي على أساسه تربّع الدكتور منصوري على مقعد الحاكم، يعطي النائب الأوّل لحاكم مصرف لبنان صلاحيّات كاملة متكاملة. إنّه الحاكم: حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري. لهذا فليحكم عوضاً عن انتظار الفاسد والفاشل في السلطة لإنقاذ المركزي!

وإليك يا سعادة الحاكم خريطة الطريق:

– لجنة الرقابة على المصارف: إلى العمل درْ. تفعيل عمل لجنة الرقابة على المصارف أصبح واجباً ولم يعد خياراً يعمل به أو لا.

– وضع اليد على كلّ مصرف أخلّ بالالتزام بتعاميم مصرف لبنان التي تُنظّم العلاقة بين المصرف والمودع. وإذا كانت هناك ثغرات في أيّ من التعاميم، فلنذهب إلى مراجعة هذه التعاميم وإدخال التعديلات اللازمة عليها.

– إطلاق عجلة ترميم الثقة بين المواطن اللبناني (وليس فقط المودع) والقطاع المصرفي. من خلال عودة المؤسّسات التجارية إلى توطين رواتب موظّفيها في حسابات مصرفية. وإلزام المصارف بتسهيل فتح حساب مصرفي لكلّ مواطن من دون عمولات تعجيزية. التوجّه والعودة إلى “الشمول الماليّ”. ووضع حدّ لممارسة وتفشّي “الاستبعاد الماليّ” الخانق. أنا أدعم إعطاء تحفيزات لتفعيل العمل بأحكام التعميم الأساسي رقم 165. وهذا جزء من إعادة الانتظام إلى القطاع المصرفي.

– العودة إلى التعميم الأساسي لمصرف لبنان رقم 154، الذي يشكّل الممرّ الإلزامي لإعادة هيكلة القطاع المصرفي. ويكون من الأفضل إصدار تعميم تنفيذي مفصّل من لجنة الرقابة على المصارف. وتفعيل العمل على التزام أحكام هذا التعميم بكلّ موادّه وتفاصيله. لأنّ الامتثال لأحكام هذا التعميم:

1- يوفّر جزءاً كبيراً من السيولة الجاهزة التي قد تلعب دوراً أساسياً في طمأنة المودعين على أموالهم.

2- يساعد في تصنيف المصارف بين مؤهّلة وقادرة ومقتدرة على الاستمرار في خدمة الاقتصاد، وأخرى يجب وضع اليد عليها ومعالجتها.

على المصارف إعادة 14% من كلّ وديعة

– إذا لم يكن من حاجة لمصرف لبنان إلى ما توافر لديه من احتياطي إلزامي (يشكّل 14% من حجم الودائع بالدولار المحلّي)… فليُصدر المجلس المركزي لمصرف لبنان قراراً بإلغاء التوظيفات الإلزامية نهائياً على الحسابات بالدولار المحلّي. (وهي الحسابات المكوّنة بالعملة الأجنبية قبل تاريخ إصدار التعميم الأساسي رقم 150 في 9 نيسان 2020). وإعادة 14% من كلّ وديعة بالدولار المحلّي إلى صاحبها (المودع)، وتكليف لجنة الرقابة وهيئة التحقيق الخاصّة للتأكّد من ذلك.

الإخلال بإعادة هذه الأموال إلى المودعين هو نوع من الاختلاس ويجب أن يخضع المصرف والمصرفي للمساءلة والمحاسبة من قبل هيئة التحقيق الخاصّة.

– تحديد سعر صرف مغرٍ. الظرف الحالي يسمح بـ8950,0 ليرة للدولار الواحد. للحسابات التي لا تستفيد ولا تستوفي شروط التعميم الأساسي لمصرف لبنان رقم 158 و166. شرط أن تُستَعمل هذه السحوبات في نقاط البيع لتمويل فواتير الاستهلاك. نعم على أن لا تكون سحوبات نقدية للتخفيف من إمكانية حصول ضغوطات تضخّمية أو مضاربات. وهذا ينعكس سلباً على سعر الصرف في السوق الموازي. وإعطاء المودع حرّية قرار كيفية الوصول إلى أرصدة حساباته لتمويل استهلاكه.

وهذه الحلول كلّها برسم حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري.

أكتفي بهذا القدر من الخطوات اليوم، وألفت النظر إلى أنّ كلّ ما تمّ ذكره أعلاه هو من صلاحيات المجلس المركزي لمصرف لبنان. ولا حاجة إلى انتظار أيّ تشريع من المجلس النيابي.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة