ما هي هذه القدرة الفظيعة على "طبخها" وسكبها وإطعامها للناس؟؟؟...
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
للمراقب، والمواطن، والمغترب... للشخص القريب والبعيد... من حقّنا أن نعرف بعض الأجوبة على حقيقتها في هذا البلد.
فهل نحن في بلد مُنهار؟ ربما نعم، وربما لا. ولكن على الأرجح لا. وهل نحن في بلد يحوي ثروات بشكل خفيّ؟ على الأرجح نعم، وبعيداً من نظرية المؤامرة.
ابتلاع الودائع
فهناك مجموعة من المعطيات والإشارات التي تُفيد بأن كل ما يُحكى عنه من انهيار وإفلاس، منذ خريف عام 2019، ليس سوى كذبة مدعومة من بعض "منظّري" الانهيار المُحرَّكين سياسياً وأمنياً... لمنافع شخصية، وهم خبراء في عالم المال والأرقام الذين "ينظّرون" لانهيار هو أقرب الى أفكار سياسية مُتَّفَق على تسويقها اقتصادياً على أعلى المستويات، بهدف تسهيل سُبُل ابتلاع ودائع الناس، و(تسهيل) تسريع النّقلة المطلوبة من عالم الدّعم وزمن الدولار "بـ 1500 ليرة"، وجعل الناس يتقبّلون تلك المتغيّرات بحُكم الأمر الواقع.
"فوّلت"
هناك أسئلة كثيرة تُحيط بما يُقال عن أنه انهيار في هذا البلد. فإذا أخذنا ما يجري في القطاع السياحي وحده، سنجد الشيء ونقيضه بفارق يوم واحد.
وهنا نتحدّث عن صراخ يُفيد بانهيار المؤسّسات السياحية بسبب مفاعيل اشتعال الجبهة الجنوبية، وتأثيره ليس فقط على تراجُع حركة القادمين الى لبنان من الخارج، بل على الحركة الداخلية أيضاً، ومن مبدأ "خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود"، وذلك مقابل خروج مسؤول في القطاع السياحي على الناس، وهو يتفاخر بـ "حجوزات مفوّلة"، وبقطاع قادر على التعافي الدائم، وبأن الحركة "المفوّلة" خلال فترة الأعياد الآن تشكّل صورة عن الحالة التي سيكون فيها القطاع (السياحي) خلال الصيف القادم، أي حالة "تفويل" ممتازة.
والمفارقة هي أن المسؤول السياحي هذا، قادر على "التبشير" بـ "شتاء سياحي" خلال الصيف القادم، بحسب الحاجة، وبين يوم وآخر. فمن نصدّق؟ ومن أين توفّر المال لدى الناس الى درجة تمكّنهم من تحريك العجلة السياحية الداخلية الى هذا الحدّ؟
وكيف يتحوّل لبنان بهذه السهولة من بلد أزمات الى مساحة أمن وأمان وسياحة، رغم أن الضربات التي تحصل جنوباً وفي سوريا والمنطقة عموماً، على خلفية حرب غزة، باتت أشدّ خطورة ممّا كانت عليه قبل أشهر، وهي تهدّد بتدهور سريع في أي وقت، وبما يجعل المغترب (لا السائح فقط) يتحاشى المرور بمطار بيروت، (وبما يجعل) المواطن يتجنّب الإنفاق الزائد. هذا مع العلم أن "التعييد" أو الإفطارات... في مطاعم ليست من الضرورات بالنّسبة الى الشريحة الأكبر من الناس. وهو أمر يعلمه الجميع، ومنذ زمن طويل، أي منذ ما قبل الأزمات التي يُحكى عنها. فكيف "فوّلت" الحجوزات في عزّ الأزمة الاقتصادية، واشتداد حدّة الحروب على مستوى المنطقة؟
كذبة
وانطلاقاً ممّا سبق، من نصدّق؟ ولماذا؟ هل ما يُحكى عنه من "تفويل" هو كذب، لتحريك العجلة السياحية، وإشاعة أجواء إيجابية بأي ثمن؟ وإذا كان الجواب لا، ما هي هذه القدرة على التعافي في القطاع السياحي؟ ومن أين توفّرت الكميات اللازمة من الأموال التي تسمح للناس بـ "تفويل" الحجوزات، رغم ما يُحكى عنه من فقر، وجوع... وعن أن 5 في المئة من اللبنانيين فقط يحرّكون العجلة السياحية في المطاعم والفنادق، مقابل 95 في المئة يرزحون تحت ثقل الأزمات؟
وهل يمكن "تفويل" المطاعم بشريحة الـ 5 في المئة فقط؟ وهل يكفي هذا النوع من "التفويل"، للحديث عن صيف سياحي واعد من قِبَل البعض، ومنذ الآن؟
الحقيقة هي أن هناك "ألف كذبة" وراء كل شيء في لبنان. فعلى سبيل المثال، ما هو هذا البلد المُنهار "عا الآخر"، الذي نَمَت فيه بعض أنواع الصناعات الغذائية وغير الغذائية، بشكل غير طبيعي، منذ مرحلة ما بعد خريف عام 2019؟ الى درجة أن بعض أنواع الصناعات ما كنّا لنعتقد أنه يمكن تصنيعها محلياً، قبل سنوات، خصوصاً أن إنتاجها مُكلِف بعض الشيء.
وما هو هذا البلد الذي يستمرّ بقدرات "مجهولة"، هي معلومة في الواقع، تدلّ على أنه (البلد) "محشوك" بالمال، ولكن من خارج أي إطار رسمي ملموس؟
وما هو هذا البلد الفقير والمُعدَم "يا حرام"، والفارغ من الأموال، ومن العملات الصعبة، والمُتَّكِل على تحويلات المغتربين، الذي يتوفّر فيه التمويل لكل شيء، ولكن من خارج الدولة، وبما يبتعد عن مصلحة شعبها بشكل عام...؟
وبالتالي، كم كذبة في هذا البلد؟ وما هي هذه القدرة الفظيعة على "طبخها"، وسكبها، وإطعامها للناس؟؟؟...