الانباء- داود رمال
كان لافتا في الشهرين المنصرمين، كثافة الزيارات التي قام بها إلى لبنان مسؤولون رفيعو المستوى من قبرص واليونان ودول اوروبية اخرى، واللافت ايضا ان الزيارات لم تقتصر على البعد السياسي انما كانت زيارات لقادة اجهزة امنية وعلى مستوى مدراء المخابرات ووزراء الامن والهجرة.
من يرصد الاعلام الاوروبي وتحديدا القبرصي واليوناني، يلمس بشكل واضح ان لبنان ذاهب إلى أزمة ديبلوماسية وربما أكثر مع هاتين الدولتين على الاقل، اذ ضجت وسائل الاعلام بالتحقيقات والمقالات والاخبار عن موجات المهاجرين غير الشرعيين التي تنطلق من الشواطئ اللبنانية باتجاه قبرص كمحطة اولى بالاضافة إلى اليونان وايطاليا.
ويوضح مصدر لبناني لـ «الأنباء» ان «المسؤولين القبرصيين واليونانيين وآخرهم رئيسة الوزراء الايطالية، أعطوا الاولوية في محادثاتهم مع المستويين السياسي والعسكري الامني لمسألة الهجرة غير الشرعية، مطالبين لبنان باتخاذ اجراءات صارمة للحد من هذه الهجرة.
وفي المقابل، فإن الموقف الرسمي اللبناني أكد على انه لم يعد من طاقة للبنان على تحمل اعباء النزوح السوري، وان سلوك المجتمع الدولي بالإبقاء على النازحين في لبنان لا بل توطينهم بدل تسهيل عودتهم إلى سورية وتقديم المساعدات لهم هناك، سيؤدي عاجلا ام آجلا إلى انفجار ملف النزوح وخروجه عن السيطرة، لان لبنان المنهك اقتصاديا والمنهار ماليا والمدمرة بناه التحتية لا يستطيع تحمل اعباء هذا الكم من النازحين، بينما المجتمع الدولي يواصل عملية منع ايصال المساعدات والدعم إلى الحكومة اللبنانية».
ويضيف المصدر ان الجهات الرسمية اللبنانية «ابلغت مرارا وتكرارا إلى الموفدين الأوروبيين لاسيما القبارصة واليونانيين، ان الحل ليس بيد لبنان انما بيد المجتمع الدولي الذي يستخدم النازحين ورقة مساومة في المفاوضات السياسية حول مستقبل سورية، وان لبنان هو في موقع مساءلة الغرب على سياساته المشبوهة التي يعتمدها في ملف النزوح، بعدما أباح التعامل مع هذا الملف لآلاف الجمعيات التي أثرت على حساب معاناة النازحين، وتجاوز مؤسسات الدولة اللبنانية التي يجب ان يكون التعامل معها في معالجة هذه القضية، وليس حصر المطالبات عندما تقع المشاكل ويتحول النزوح إلى تهديد لدول الجوار».
وحول جديد المعطيات عن الهجرة غير الشرعية، فقد اعلن في قبرص عن أن خمسة قوارب تحمل مهاجرين أغلبيتهم من السوريين وصلوا إلى جزيرة قبرص، اعتقلت السلطات أربعة منهم للاشتباه بقيادتهم المركب، وفي 12 مارس المنصرم، أعلنت السلطات القبرصية رصد ما مجموعه 458 مهاجرا غير نظامي على متن ستة قوارب، قبالة ساحل «كيب غريكو»، وتم نقلهم إلى مركز استقبال «بورنارا»، وكان على متن القوارب 258 رجلا و44 امرأة، و123 طفلا، إضافة إلى 33 قاصرا غير مصحوبين. وفي اليومين الاخيرين وصل 271 مهاجرا إلى الجزيرة كانت قواربهم قد انطلقت من شواطئ لبنان، وكان القارب الأول يحمل 21 شخصا، والثاني 179 مهاجرا بينهم نساء وأطفال، أما القارب الثالث فكان على متنه 27 مهاجرا، والرابع حمل 24 مهاجرا، فيما كان على متن القارب الخامس 20 مهاجرا، وإن المهاجرين الذين بدأت رحلتهم من لبنان «بعد تحسن الأحوال الجوية» في الأيام الماضية نزلوا في كيب غريكو، وتم التعامل معهم «وفقا للبروتوكولات المعمول بها»، وشاركت الشرطة والدفاع المدني في العملية، كما تواجدت سيارات الإسعاف في المكان.
وسجلت قبرص وصول إجمالي 10.991 مهاجرا خلال العام الماضي، ورغم أنها نسبة تقل بنسبة 37% عن 2022، إلا أن الأرقام الرسمية تظهر أن عدد المهاجرين الوافدين بالقوارب من سورية ولبنان بلغ 4.259 في عام 2023، وزاد بنسبة 355% مقارنة بعام 2022 الذي سجل وصول 937 شخصا من سورية ولبنان، ووفق البيانات الرسمية القبرصية فان نحو نصف الوافدين الجدد إلى الجزيرة المتوسطية هم من السوريين الذين يغادرون من مدينة طرابلس اللبنانية.