امتحانات الشهادة الثانوية... تقليص "منهجي" وإلغاء المواد الاختيارية!
الخيار السابق الاضطراري أثر على توازن العملية التعليمية
"النهار"-ابراهيم حيدر
تشير التوقعات إلى أن الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية بفروعها الأربعة ستجري في منتصف حزيران 2024، إذ تنتهي مهلة تقديم طلبات الترشيح في 17 أيار المقبل، ومعها يفترض أن تكون المدارس قد أنجزت المنهاج المطلوب ليتفرغ التلامذة للدرس والتحضير لهذا الاستحقاق. الأمر لا يقتصر فقط على الموعد إنما هناك توجه لأن تكون الامتحانات طبيعية خصوصاً وأن السنة الدراسية شارفت على فصلها الأخير لانجاز المنهاج في الخاص والرسمي، إذ أن التعليم هذه السنة لم تتخلله اضرابات ولا مقاطعة باستثناء الأوضاع الامنية في الجنوب، والذي سيكون لتلامذة القرى الحدودية ضمن نطاق جغرافي محدد امتحانات خاصة يجري إعداد ملاحق لها موضع التنفيذ.
بعد الغاء امتحانات الشهادة المتوسطة وقرار إجراء اختبار موحد لتلامذة البريفيه في كل مدارس لبنان بإشراف وزارة التربية، كامتحان تقويمي على مواد محددة في المنهج، سترجح علامته ما إذا كان التلميذ قادراً فعلاً على النجاح في الامتحانات المدرسية وستحتسب في معدل الامتحان المدرسي، على أن تصدر آلياته بعد مطالعة مجلس الشورى، يتركز عمل التربية واللجان الفاحصة على الشهادة الثانوية خصوصاً وأنه جرت العودة إلى المنهاج الذي كان معتمداً سابقاً مع كل مواده التعليمية، حيث حدّد المركز التربوي للبحوث والإنماء الاهداف التعليمية والكفايات الخاصة بمواد اللغات والمضامين التعليمية والمحتوى العلمي المرتبط بالاهداف لباقي المواد.
العودة إلى اعتماد المنهاج كاملاً لا تعني أن الدراسة في المدارس الرسمية تحديداً، قد تجاوزت الصعوبات التي عانت منها خلال الأعوام الماضية، من اضطرابات في التدريس وفاقد تعليمي يحتاج إلى سنوات لتعويضه، وذلك على الرغم من أن التعليم الرسمي تعافى نسبياً هذه السنة، لكن الفروق لا تزال قائمة مقارنة بالخاص. ولذا يدور نقاش في التربية حول خيارات تتعلق بمواد الامتحانات عامة، ليس من باب التسهيل أو تعميم تجربة السنتين الماضيتين، انما نقاش يأخذ بالاعتبار الصعوبات التعليمية السابقة للتلامذة التي انتقلت معهم إلى السنة الدراسية الحالية.
الوجهة الأكثر ترجيحاً هي الغاء المواد الاختيارية، مع تقليص منهاج عدد من المواد، وهو ما يعني اجراء امتحانات طبيعية، مع تسهيلات تنطلق من تحديد التفاوت في إنجاز المنهاج كاملاً، والسبب هو الفاقد التعليمي، وفق ما تكشف عنه دراسة إحصائية للمركز التربوي، تبيّن أن المدارس، وهي لا تشمل مناطق الجنوب الحدودية، لم تنجز كل المنهاج، وأظهرت أن هناك تفاوتاً بين مادة وأخرى. هناك مواد أنجزت منها نسبة 70 في المئة ومواد أخرى 50 في المئة وثالثة 35 في المئة. والامر لا يعود لتخلف المعلمين عن الحضور أو لغياب التلامذة، بل بسبب الفاقد التعليمي الذي جعل درساً واحداً لمادة الاقتصاد يحتاج إلى 14 ساعة تعليم بدلاً من أربع ساعات، وهي مشكلة واجهها الاساتذة في مواد عدة من المنهاج، ما يستدعي مقاربة مختلفة للامتحانات لا تلغي موادَ بل تقلص من منهاجها أو تحذف دروساً محددة لا تؤثر على المسار العام لمستوى الشهادة الثانوية.
سيُمتحن التلامذة بكل المواد في امتحانات الشهادة الثانوية وفق تقويم جديد للمنهاج، إذ لم يعد ممكناً الاستمرار في خيار المواد الاختيارية والتوجه هو لالغائها، وذلك يعود إلى أن الخيار السابق الاضطراري أثر على توازن العملية التعليمية وهو يدفع التلامذة إلى عدم الاهتمام أو حضور دروس مواد مثل التاريخ والفلسفة والتربية، وهي أيضاً مسؤولية اللجان الفاحصة والمعلمين والاهل في الدفع نحو ابقاء هذه المواد وتوعية الجيل الجديد على أهمية العلوم الإنسانية. ولا بد من أن يكون هذا المسار واضحاً للتحفيز على القراءة والتفكير النقدي لدى الجيل الجديد.