من يتذكر أن هناك مدينة محتلّة اسمها القسطنطينية وأنها بحاجة الى تحرير...؟؟؟ | أخبار اليوم

من يتذكر أن هناك مدينة محتلّة اسمها القسطنطينية وأنها بحاجة الى تحرير...؟؟؟

انطون الفتى | الخميس 18 أبريل 2024

العودة الى الماضي البعيد من الناحية السياسية أسهل من أن تكون قضائية

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

لم لا يعود العالم الى الماضي في كل شيء، كمسعى لحلّ المشاكل وكل أنواع الجروح التي تخرّب علاقات الشعوب ببعضها البعض؟

فعلى سبيل المثال، تخرج بعض الأصوات المُطالِبَة بتعويضات عن حقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر، في فرنسا بالذّات، بموازاة مسارات قانونية بين الحين والآخر تصل الى حدّ الإقرار بكذا وكذا، وبوجوب التعويض بهذه الطريقة أو تلك.

وحتى إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أدانت فرنسا منذ مدّة، بسبب ظروف العيش المخالفة لاحترام الكرامة البشرية، في مخيّمات استقبال الحركيين خلال سنوات، بعد إجلائهم من الجزائر في الستينيات والسبعينيات.

 

"نبش قبور"

ويصل "نبش القبور" الى ماضٍ أبْعَد، والى حدّ دعوة أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لتقديم تعويضات عن الاتجار بالعبيد عبر المحيط الأطلسي، ومعالجة إرث تجارة الرقيق والعنصرية في العصر الحديث، تصحيحاً لما ارتُكِبَ بحق ملايين الأفارقة خلال قرون سابقة، الذين نُقِلوا قسراً بواسطة السفن والتجار الأوروبيين الى القارة الأميركية، والذين بيعوا كالعبيد.

كما دعا غوتيريش الى تحديد أُطُر للعدالة التعويضية، والمساعدة في التغلُّب على الإقصاء والتمييز الذي استمر لأجيال، وسط أصوات تدعو الدول الى دفع تعويضات مالية عن فترات الاستعباد.

 

القسطنطينية

ولكن إذا أرادوا العودة للماضي الى هذا الحدّ، فهناك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها.

فماذا عن الاحتلال التركي لمدينة القسطنطينية مثلاً، وهو احتلال مستمرّ حتى الساعة، بعد مجازر رهيبة ارتُكِبَت في المدينة عام 1453؟ وماذا عن الفتوحات العربية في منطقة المشرق، التي غيّرت معالم تلك المنطقة بنسبة كبيرة، وأخرجت ثقافاتها القديمة من الذاكرة بشكل شبه تام؟

وماذا وماذا وماذا؟... في العصر القديم، وصولاً الى الاستعمار الأوروبي، والحروب والممارسات الأميركية والإسرائيلية والروسية والإيرانية، في العصور الحديثة...؟ وماذا عن الإبادات الجماعية التي ارتُكِبَت وتُرتكب في أيامنا الحاضرة؟ من يعوّض على من؟ ومن يمكنه وضع كل ملفات الاحتلال في العالم على طاولة البحث، ضمن محاولة لإيجاد حلّ يضمّد جروح النفوس، ويعوّض على أحفاد أحفاد أحفاد... المتضرّرين...؟

 

مستحيل؟

أكد مصدر خبير في الشؤون القانونية الدولية "استحالة العودة الى الماضي بسهولة. فعلى سبيل المثال، من يمكنه التدقيق بما ارتكبه المماليك من مذابح؟ ومن يحدّد ورثتهم اليوم للمطالبة بتعويضات؟".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "هناك حدّاً زمنيّاً تقف عنده الملفات في العادة، وحتى بموجب القوانين الداخلية للبلدان. فالجرائم ضد الإنسانية نفسها يمكن محاكمة مرتكبيها خلال 20 أو 30 عاماً مثلاً، لا أكثر. ولا يمكن الرجوع الى الماضي للحصول على معلومات موثوقة بسهولة".

سياسية...

وأشار المصدر الى أنه "لا يمكن تبرير أي نوع من الهجمات أو الارتكابات، أو حروب فرض تغيير الدّين على الناس في أي عصر طبعاً. ففي مدينة القسطنطينية مثلاً، لا تتوقّف الأمور على ما جرى لكاتدرائية آجيا صوفيا خلال غزو المدينة فقط، بل هي تشمل الطريقة التي احتلّ العثمانيون بها آسيا الصغرى أيضاً، والوسائل التي اعتمدوها لإجبار النسيج الديموغرافي فيها على تغيير دينه. وهنا تعود بنا الذاكرة الى الفتوحات القادمة من شبه الجزيرة العربية الى منطقة المشرق في الماضي أيضاً، وما أسفر عنها من نتائج مُشابِهَة لما فعله الأتراك في آسيا الصغرى والقسطنطينية".

وختم:"يحتفل بعض الأتراك في اسطنبول كل عام، بذكرى احتلالهم القسطنطينية، علماً بأن المحتفلين هم من أصول عرقية غير تركية، وغير إسلامية. فأجدادهم هم الذين قُتِلوا على يد العثمانيين، والذين أُجبِروا على تغيير دينهم في الماضي، إذ لم يحصل "ترانسفير" في ذلك الوقت، بل تُرِك أهل المدينة فيها وأُجبِروا على الانتقال من دين الى آخر. وهذا ما ينطبق على شعوب مدن وبلدان ومناطق كثيرة حول العالم. ولكن نكرّر بأن العودة الى الماضي البعيد من الناحية السياسية أسهل من أن تكون قضائية، أو ذات مفاعيل ملموسة".

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار