عندما يكشف الذكاء الاصطناعي الغباء الطبيعي لدى بعض البشر في لبنان أولاً... | أخبار اليوم

عندما يكشف الذكاء الاصطناعي الغباء الطبيعي لدى بعض البشر في لبنان أولاً...

انطون الفتى | الثلاثاء 23 أبريل 2024

الذكاء الاصطناعي ليس هاتفاً بل نمط حياة جديدة لعصر جديد

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

 

 

تخرج آخر "صيحات" الذكاء الاصطناعي إلينا من أكثر الدول التي تسيطر على سوق واستثمارات الابتكار، والتكنولوجيا، والتحديث، والتطوير (والنّسخ بالنّسبة الى بلدان مثل الصين تحديداً)...

ولكن ما ليس مفهوماً تماماً، هو كيف يمكن لشعوب متخلّفة (عذراً على قساوة التوصيف) في دول متخلّفة مثل بلداننا، أن "تُبَلْعِط" في عوالم الذكاء الاصطناعي وكأنها "شريك مُضارب" لأولئك الذين يرسمون حياة الناس على كوكبنا للعقود السّبعة أو الثمانية القادمة، على الأقلّ. وهنا نتحدّث عن طغمة معيّنة من الناس في بلداننا، تسيطر على قطاعات معيّنة، وهي تظنّ نفسها أذكى وأشدّ تطوّراً من الجميع (وهذا طبيعي، نظراً الى أن أكثر المتخلّفين هم أولئك الذين يظنّون أنهم أعلى شأناً من غيرهم)، وهي "تلهو" بالتحضير والتسويق لزمن الذكاء الاصطناعي الآن، مثل من يلاعب وحشاً كاسراً نائماً، من دون وعي الى أن ما تراه جامداً في حالة النوم، سيُصبح قاتلاً عندما يصحو، وهي لن تُحسن ترويضه نظراً لافتقارها الى السلاح اللازم لذلك.

 

حرّ؟؟؟

فهُم يتبارون ضمن إطار من يسبق من الى استقدام وإدخال الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، وكأنهم في سباق على جائزة حفلة، وسُمعة، وتكريم... متجاهلين تماماً حقيقة أنهم يساهمون بما لا يفهمونه، وبما لا تمتلك مفاتيحه بَعْد، حتى أكبر الجهات حول العالم.

يظنّ الإنسان أنه حرّ، وأنه يقوم بخياراته ويصنع الحياة. ولكنّه يحوّل نفسه الى عبد لكل ما يخترعه. هذا بالنّسبة الى المُخترع. أما بالنّسبة الى مستورد الاختراعات ومُسوّقها من دون وعي، فهو ذاك العبد لكل شيء، بدءاً من نظرته لذاته، وصولاً الى حدّ سعيه لتسويق نفسه في عيون الآخرين. وهذا هو حال بعض اللبنانيين.

 

لغز

فالذكاء الاصطناعي خطوة كبيرة الى الأمام. وهو عالم قائم بحدّ ذاته، قد يُصبح "العالم الجديد" بالنّسبة الى ملايين البشر خلال السنوات القادمة. ولكنه عالم غير مُسَيْطَر عليه، ولغز حتى بالنّسبة الى واضعيه، حتى الساعة. فكيف يمكن لمن لا يُجيد "ألف باء" الأمور في بلد غير مفهوم "كوعه من بوعه"، أن يعتقد أنه مؤهَّل لألاعيب الكبار، حتى ولو خدعوه هم أنفسهم، داعين إياه الى "حلبة الصراع"؟

لا يمكن لأحد أن يخرج من لعبة الأمم في عالم العولمة. ولكن لا يمكن اللّعب في حلبات تلك اللعبة (لعبة الأمم) فيما قطاعات البلد الحسّاسة منهارة، وشعبه حيّ وميت في وقت واحد. وبالتالي، لا يمكن لبشري ذكيّ أن يسوّق لذكاء اصطناعي في بلده، وسط هذا الكمّ الهائل من المشاكل البنيوية الحيوية، وإلا يكون غبيّاً بشكل رسمي.

 

فارق شاسع

طبعاً، لا يمكن لأحد أن يطالب بـ "الدولة الفاضلة" في أي مكان على وجه كوكبنا. ولكن لا بدّ من التنبيه الى أن الانتقال من "العالم القديم" الى "العالم الجديد" من دون تهيئة القديم للجديد، يُشبه من يسوّق لانتقال نحو جديد حتى ولو كان الثمن إماتة القديم وشعبه بالكامل.

فها هو زمن الألواح الإلكترونية الذي نقل حياة البشر من عالم التواصل المباشر الى العلاقات الافتراضية، أسّس لهوّة عميقة بين الناس، جعلت الكثير منهم خارج كل شيء. وهو ما ينسحب على الدول أيضاً.

فعلى سبيل المثال، نرى الفارق شاسعاً بين الذين حوّلوا هواتفهم ومختلف أنواع الألواح الإلكترونية الخاصّة بهم الى مستشفى وصيدلية تحوي بياناتهم الصحية، وتذكّرهم بمواعيد الاستشارات الطبية، وإجراء الفحوص، وتناول الأدوية... و(الذين حوّلوها) الى مدرّب رياضة يرافقهم خلال إجراء التمارين، والى أستاذ مدرسي أو جامعي يعلّمهم، والى... (الفارق شاسع بينهم) وبين أولئك الذين لا يعيشون التكنولوجيا إلا بشكل خارج عنهم، والذين لم يُدخلوا حياتهم فيها الى هذا الحدّ. وهذا فارق اجتماعي كبير بين الناس، يُشبه الفارق الكبير بين لبنان ودول أخرى حول العالم، نجحت في استخدام التطوّر والتكنولوجيا لنقل اقتصاداتها وشعوبها من الانهيار والفقر الى النمو والبحبوحة. بينما لم يُحسن هو (لبنان) الدمج بين التطور التكنولوجي العالمي وبين فرص تحديث وتطوير الدولة فيه.

 

ليس هاتفاً

الخطأ نفسه سيتكرّر مع الذكاء الاصطناعي الذي بدأت إشاراته تتطوّر وتتكاثر وتزداد في بلادنا، تبعاً لمصالح شخصية، ومن دون أي مسعى رسمي أو خاص للدمج بين التطوّر العالمي بنسخاته الجديدة، وبين تحديث وتطوير الدولة في لبنان، لصالح الشعب فيه.

فنوعية الحياة "الذكية" اصطناعيّاً، تُصبح أذكى وأذكى، ضمن عالم يتّجه لأن يحوّل الواقع الى افتراضي، والافتراضي الى واقع. والذكاء الاصطناعي ليس هاتفاً، بل نمط حياة جديدة لعصر جديد. ولكن هذا انتقال من عبودية الى أخرى، أسوأ نسخاتها ستكون في بلادنا كالمُعتاد، حيث سينجح الذكاء الاصطناعي في إثبات المُثبَت، وهو الغباء الطبيعي لدى بعض البشر في استيراد أي شيء، والتهليل له، حتى ولو تدهورت أوضاع ملايين البشر.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار