إسرائيل و«حزب الله» يتبادلان الصفعات ويتجنّبان الـ«يا قاتل يا مقتول» | أخبار اليوم

إسرائيل و«حزب الله» يتبادلان الصفعات ويتجنّبان الـ«يا قاتل يا مقتول»

| الأربعاء 24 أبريل 2024

الراي- تتسارع التطوراتُ العسكريةُ على مقلبيْ الحدود اللبنانية - الإسرائيلية حتى تكاد أن تُسابِقَ جبهةَ غزة على الصدارة في ظلّ اشتدادِ عَصْفِ المواجهاتِ التي تَعَمَّقَتْ أمس أكثر في جغرافيا الميدانِ المُلْتَهِبِ وصولاً إلى عكا شمال فلسطين المحتلة وقضاء صيدا شمال الليطاني.

ومن خلْف المعادلة الجديدة التي رسمها «حزب الله» بسرعةٍ على قاعدة أن عكا (تبعد عن حيفا نحو 25 كيلومتراً) وما بعدها مقابل عدلون شمال صور (تبعد عن مدينة صيدا نحو 19 كيلومتراً) وما بعدها، تدحرجتْ الأسئلةُ حول هل تقترب جبهةُ الجنوب من الخروج عن السيطرة وعن كل المحاولات الدولية الحثيثة التي تُبذل لدى كل من تل أبيب وطهران (وحزب الله) لخفْض التصعيد وتَفادي أي مساسٍ «مميتٍ» بخطوط التوتر الأعلى ومن شأنه وضع المنطقة برمّتها أمام الحرب الشاملة.

ومع الغارةِ التي شنّها الطيرانُ المسيَّر الإسرائيلي في عدلون واستهدفتْ حسين علي عزقول الذي عرّفتْ عنه تل أبيب على أنه «مسؤول في قوة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله»، ثم معاجلة الحزب إسرائيل بردٍّ على شكل «هجوم جوي مركّب بمسيَّرات إشغالية ‏وأخرى انقضاضية استهدفتْ مقر قيادة لواء غولاني ومقر وحدة إيغوز 621 في ثكنة شراغا شمال ‏مدينة عكا المحتلة وأصابت أهدافها بدقة»، بدا أن حرارةَ الميدان تتصاعد على نحوٍ يُخشى ألّا يعود قابلاً للاحتواء والصمود على معادلةِ «الحرب المحدودة» في انتظار أن يمرّ «تسونامي» الدم والدمار في غزة ويحّل هدوء ما بعد العاصفة في القطاع و«اخواته» من جبهات الإسناد وفي مقدمها جنوب لبنان.

وفي حين اتسمت المواجهاتُ النوعية أمس بأنها المرة الأولى تنفَّذ إسرائيل ضربة جوية في عدلون التي تقع خارج نطاق عمل «اليونيفيل» وفي شمال الليطاني على مسافة قريبة من النهر عند جسر القاسمية، كما أن «حزب الله» بعمليته في عكا، وصل بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، إلى «أقصى نقطة منذ اندلاع الحرب»، فإنّ هذا التسخينَ المتقابل لم تفسّره أوساطٌ غير بعيدة عن محور الممانعة على أنه وضْعُ رِجْلٍ في حقل الحرب الكبرى بمقدار ما أنه في سياق «إعادة الضبط» التي باتت شبه أوتوماتيكية - خصوصاً بعد الضربة الإيرانية على إسرائيل في14 أبريل - والتي ينفّذها الحزب لإبقاء عدوّه «على رِجل ونصف» وملاقاة تصعيده على قاعدة «درجة زائدة يقابلها درجة مماثلة».

وإذ تشير الأوساط إلى أن «حزب الله» لم يغادر في أي شكلٍ مربّعَ عدم الرغبةِ في الذهاب بحربِ المشاغلة جنوباً إلى أبعد من الحدود القائمة منذ 8 أكتوبر وأن أي ارتقاءٍ في عملياته تُمليه مقتضيات الميدان و«تطويل اليد» من جانب إسرائيل ليس أكثر، ترى في الوقت نفسه أن الحزب في تجرئه الذي صار «تلقائياً» على ردّ «الصاع صاعين» وبما يكشف عمْداً «رؤوس أقلام» عما يملك في آلته الحربية، صاروخياً (هجومياً ودفاعياً) وبالمسيّرات، يريد إيصال رسالة «بالمختصر المفيد» لتل أبيب تحذّر من أي مغامرة واسعة النطاق نحو لبنان.

وفي تقدير دوائر مراقبة أن أريحية حزب الله والهامش الأوسع في ردوده على استهدافات إسرائيل يرتبط في جانب منه باعتقادٍ بأنّ أحد أوجه تجنُّب تل أبيب «الردّ المفرط» على ضربة 14 أبريل و«حياكتها» رداً محسوباً بعنايةٍ في أصفهان كان الرغبة في ترْك أبواب مفتوحة مع طهران، يلج منها وسطاء، لمحاولة خفْض وتيرة عمليات حزب الله جنوباً تجنُّباً لأي صِدام، يُعتقد أن حتى تل أبيب لا تريده على شكل «يا قاتل يا مقتول».

وبحسب هذه الدوائر فإن تل أبيب تفضّل بلوغَ حلولٍ بعيداً من مكاسراتٍ مفتوحة على شتى الاحتمالات وعبر ضماناتٍ وترتيباتٍ صارت الحاجة إليها على مقلبيْ الحدود في ضوء ما ظهّرتْه مواجهاتُ الأشهر الستة ونصف الماضية من سقوط الردع الذي ظنّ سكان جنوب لبنان أنه كان قائماً بقوة السلاح منذ 2006 ليتّضح أن العديد من قراهم الأمامية أصبحت شبه مدمّرة بالكامل وأن عنصراً أساسياً في صون الهدوء على هذه الجبهة كان القرار 1701 الذي سيبقى الضمانة الأساسية للجميع ولو بعد حين.

وفي هذا الإطار برزَ الاتصال الذي جرى أول من أمس بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث أكد سيد الاليزيه أنه يريد «تفادي تدهور» الوضع في الشرق الأوسط، مكرراً «عزْمه على تشديد الإجراءات لمواجهة أفعال إيران المزعزعة للاستقرار»، ومؤكداً «على جهود فرنسا»، بالتنسيق مع شركائها الدوليين «للعمل على نزع فتيل التصعيد على الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان».

واعتُبرتْ إشارة ماكرون إلى إيران في الاتصال بمثابة نقطة إضافية على «مضبطة الاتهام» غير المعلَنة التي يرتكز عليها محور الممانعة في لبنان لتفادي منْح باريس أي هدايا مجّانية تعطيها دوراً فاعلاً في المنطقة انطلاقاً من الملف اللبناني، وسط ثباتٍ على اعتبار أن «الشريك» الذي لطالما سعت طهران لتتقاسم معه أي حلول في ما خص الاقليم كان وسيبقى واشنطن التي سلّفتْها إيران «إدارة دفة» الضربة على إسرائيل وكيفية اصطياد المسيَّرات والصواريخ بما لا يفجّر الحرب الشاملة كما الردّ الإسرائيلي الذي جاء على طريقة «طرْقٍ ناعم» للباب.

ملف النازحين السوريين

وإذا كانت هذه المقاربةُ تصحّ بالقدر نفسه على الموقف من محاولات «مجموعة الخمس حول لبنان» (تضم الى فرنسا، الولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر) إحداث كوة في جدار الأزمة الرئاسية المستعصية منذ نوفمبر 2022، وقد زار سفراؤها أمس رئيس البرلمان نبيه بري لوضعه في صورة اللقاءات التي عقدوها مع القادة اللبنانيين، من دون أي توقعاتٍ بإمكان اجتراح حلول لأن «زمن المعجزات» لم يحِن بعد ولن يكون من دون تَكامُل بين «عقربي الساعة»، العربي – الدولي والإيراني، فإنّ ملف النازحين السوريين بقي في واجهة الاهتمام مع الاجتماع الوزاري والقضائي والأمني الذي عُقد برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للبحث في إجراءات تسليم السجناء والموقوفين السوريين الى سلطات دمشق كإحدى السبل التي سيتخذها لبنان في ضبط اللجوء السوري.

وخلص الاجتماع إلى وجوب التواصل مع السلطات السورية في هذا السياق حيث تم تكليف المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري بهذه المهمة والبحث في كيفية تنفيذ العمل لحل موضوع السجناء والموقوفين.

وقد أكد وزير العدل هنري خوري «أن هذا الأمر يتطلب بالتأكيد درس كل ملف والوقوف على حجمه، لأن الموضوع لا يتم من خلال عملية واحدة، بل على العكس من ذلك فنحن ننطلق من القوانين اللبنانية، أي نميز بين الذي لديه إقامة شرعية والذي ليس لديه هذه الإقامة، وعلينا تنظيم هذا النزوح وفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء»، موضحاً «أن علينا حل الموضوع من خلال البحث في إمكان تسليم السلطات السورية الموقوفين السوريين داخل لبنان، ونأمل أن ينتهي الموضوع الى ايجابيات»، وكاشفاً أنه «حسب إحصاءات وزارة الداخلية يوجد نحو 2500 محكوم وسجين سوري».

عملية مركّبة

ولم تحجب هذه العناوين الوقائع الساخنة على جبهة الجنوب والتي بدأت مع إعلان الجيش الإسرائيلي قتْل مَن ذكر أنهما قياديان من حزب الله أحدهما مسؤول وحدة الدفاع الجوي (عزقول) وآخَر قيادي بـ «قوة الرضوان» (محمد خليل عطية «ساجد»).

وحتى قبل أن ينعي «حزب الله» عزقول (وهو من بلدة قلاويه وسكان عدلون) الذي أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «تورّط في أنشطة وحدة الدفاع الجوي ولعب دوراً في تخطيط وتنفيذ أنشطة متنوعة»، نفّذ الحزب رداً نوعياً بدأت مؤشراته بالإعلان في إسرائيل عن اعتراض طائرة من دون طيار فوق البحر في المنطقة الواقعة بين نهاريا وشابي تسيو، ثم الكشف عن اعتراض «هدفين جويين مشبوهين فوق المجال البحري شمال إسرائيل».

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه تمّ إجلاء الموجودين على الشاطئ بعد اعتراض مسيّرة للحزب في سماء نهاريا، لتتوالى فيديوات تُظْهِر ما قيل أنه تصاعُد أعمدة الدخان شمال حيفا بعد دويّ صفارات الإنذار في حيفا وعكا ومحيطها.

وبعدما تبنى «حزب الله» العملية المركبة ضد مقر قيادة لواء غولاني ومقر وحدة إيغوز 621 في ثكنة شراغا شمال ‏عكا، نُقل عن إعلام إسرائيلي أن الحزب يتحمّل مسؤولية عمليات الإطلاق إلى عكا، لتبدأ الاستهدافات الإسرائيلية الجوية وبالمدفعية لبلداتٍ عدة في جنوب لبنان ويردّ الحزب بعمليات جديدة بينها «استهداف تجمع لجنود العدو في تلة الكرنتينا بقذائف المدفعية».


أخبار ذات صلة

https://www.alraimedia.com/article/1684927/خارجيات/العرب-والعالم/إسرائيل-وحزب-الله-يتبادلان-الصفعات-ويتجنبان-اليا-قاتل-يا-مقتول

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار