المشكلة أكبر من مطعم غير مُرخَّص والحلّ بـ "سوبرمان" يُقفِل 90% من مطاعم لبنان... | أخبار اليوم

المشكلة أكبر من مطعم غير مُرخَّص والحلّ بـ "سوبرمان" يُقفِل 90% من مطاعم لبنان...

انطون الفتى | الخميس 02 مايو 2024

نجاة عون: تحقيق التوازن صعب جدّاً بسبب وضعنا الاقتصادي الحالي

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

المشكلة في لبنان ليست بمطعم غير مُرخَّص في بيروت أو في أي مدينة ومنطقة لبنانية أخرى، قد يتعرّض لانفجار أو لحادثة مُؤسِفَة، بل ببلد يتوجّب إقفال أكثر من 95 في المئة من المطاعم، والحانات، والدكاكين، وما تُسمّى مراكز سهر، وما يُقال إنها أماكن تحرّك العجلة الاقتصادية والسياحية فيه.

 

تعلّموا من إيطاليا

فمساحات هذا البلد صغيرة أصلاً، وليس مقبولاً أبداً أن تُصبح المطاعم، و"السناكات"، ومحال بَيْع الخضار والفاكهة، ومحال الترفيه... وضجيجها، وما تسبّبه من زحمات سير، وزحمة مواقف سيارات، ومن ضجيج ومشاكل... منتشرة بنِسَب كبيرة جدّاً في معظم الأحياء السكنية. هذا مع العلم أنه لا يتوجّب السماح بهذا النوع من الأنشطة في الأماكن السكنية، بشكل كثيف أصلاً.

فهذا "تلوّث بالضّجيج" وليس نشاطاً اقتصادياً. وهو مرض صامت وقاتل، يفتك بصحة الإنسان سواء كان كبيراً أو صغيراً، إذ يحرمه الهدوء والراحة في منزله، أي في المكان الذي يتوجب أن يكون لاستجماع الأنفاس والطاقة. وأما بالنّسبة الى من يقولون إننا "أعداء الاقتصاد" بكلامنا هذا، فلينظروا الى ما تفعله إيطاليا مثلاً، التي لا نعتقد أن سياحتنا المحلّية أهمّ من السياحة فيها. طبعاً، مع احترامنا لبلدنا الذي نحبّه كثيراً.

 

ميلانو...

فرغم أن مدينة ميلانو الإيطالية تشتهر بقوّتها العاملة، وبأنها موطن مهمّ للمصارف وقطاع التكنولوجيا في إيطاليا، إلا أن بلديتها طرحت مشروع قانون يمنع بَيْع المشروبات والأطعمة الجاهزة، بما في ذلك البيتزا والآيس كريم والمشروبات، في 12 منطقة من أكثر مناطقها (ميلانو) حيوية، بعد الساعة 12 ليلاً، بسبب الضوضاء التي يتسبّب بها الساهرون في شوارع المدينة بعد منتصف الليل.

وأكد المسؤولون أن الإجراءات التي قد يبدأ تطبيقها في 7 الجاري، والتي ستستمرّ حتى أوائل تشرين الثاني القادم (أي انها تشمل عزّ الموسم السياحي)، تهدف الى تحقيق التوازن بين النشاط الاقتصادي الحرّ للتجار ورجال الأعمال والترفيه من جهة، وبين السلام والصحة للسكان، من جهة أخرى، خصوصاً أن شريحة كبيرة من سكان ميلانو تشكو من الضوضاء.

 

"سوبرمان"؟

نذكر هنا أن التلوّث بالضّجيج يتسبّب بتقليل عمر الإنسان، وبزيادة احتمالات إصابته بعدد من الأمراض النفسية والجسدية، وبالاضطرابات والحالات النفس - جسدية. كما يؤثر على كل أنواع المخلوقات، وعلى الانتظام البيئي والطبيعي.

فمن هو "سوبرمان" اللبناني القادر على إيجاد حلّ لهذا النوع من المشاكل في كل المناطق والبلدات والمدن اللبنانية، حيث بات الكثير من الأحياء بحالة من الازدحام والضجيج الشديد، لفترات طويلة في يوم واحد. وهذا لا يجوز أبداً، خصوصاً أن حجة النّشاط الاقتصادي في لبنان باتت ذريعة للقيام بكل أنواع الأنشطة في أحياء سكنية، ومن دون الأخذ في الاعتبار أن من يقطنون في تلك الأماكن هم بشر يحتاجون الى الراحة والسكينة، وليسوا مادّة مُسخَّرَة لجيوب ومصالح وأرباح الآخرين.

 

في لبنان...

أوضحت النائبة نجاة عون أن "خلق مربّعات ومناطق تُبعِد أماكن النشاط الاقتصادي عن منازل الناس، يسمح لهم بأن يرتاحوا في منازلهم. فعندما يكون المصنع أو المطعم أو أي نشاط آخر تحت البناية أو المنزل أو غرف النوم، تختلط الأمور، ويتعذّر على الإنسان أن يجد منزله كملجأ يريحه في نهاية يومه".

وأشارت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الأمور تختلط ببعضها في لبنان، بما أننا نعيش هنا حالة المريض الذي يتمّ إنعاشه وضخّه بالأوكسيجين. فعلى سبيل المثال، يصبّ الجميع اهتمامهم حول كيفية تمكين منطقة الجميزة ومار مخايل من استجماع أنفاسها واستعادة مظاهر الحياة بعد انفجار مرفأ بيروت. ولكن لا يجب أن يغفل عن بال أحد في الوقت نفسه، أن هناك بشراً يقطنون تلك المنطقة، وأنه لا يجب سَلْب الخصوصية التي يحقّ لهم بها في عيشهم اليومي وراحتهم أيضاً".

 

الهمّ المعيشي

ولفتت عون الى أن "تحقيق التوازن بين الأمرَيْن مسألة صعبة جدّاً بسبب وضعنا الاقتصادي الحالي في البلد. ولكن إذا نظرنا الى البلدان المتقدّمة، فسنجد أنها تهتمّ بتلك التفاصيل، لأن الهدف في النهاية هو أن يتمكّن الإنسان المُنتِج اقتصادياً من أن يرتاح، ومن أن لا يمرض حتى يبقى قادراً على الإنتاج. فالفئة العمرية المُنتِجة والقادرة على إنعاش الاقتصاد، والتي تمتلك طاقة مهمّة تقدّمها للاقتصاد، يجب أن ترتاح أيضاً. ولكن مقاربة تلك المسألة محلياً لا يمكن عزلها عن الوضع الاقتصادي الذي نعيشه في البلد".

وختمت:"إذا تركّزت الجهود على توفير الراحة للناس فقط، فسيُصبح الهمّ المعيشي أقوى من الراحة في النهاية. وإذا أُهمِلَت الحاجة الى الراحة، سيتعب الإنسان وقد يمرض ربما، وهو ما سيجعله غير قادر على العمل والإنتاج. ولذلك، هناك عوامل كثيرة يجب أن تكون مُتكامِلَة ضمن هذا الإطار، حتى تتمكن الجهات الرسمية من اتّخاذ القرارات المُناسِبَة".

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار