اللبنانيون «يحاربون طواحين الهواء»... في ملف النازحين | أخبار اليوم

اللبنانيون «يحاربون طواحين الهواء»... في ملف النازحين

| السبت 04 مايو 2024

الراي- فيما كانت المفاوضاتُ حول اتفاق التهدئة بين «حماس» وإسرائيل تقترب من لحظة «أبيض أو أسود»، وسط محاذرةِ الجزم بمآلاتِ «الخمس دقائق الأخيرة» وما قد تحمله من «ألغام»، بدت الجبهةُ الموازية في جنوب لبنان في حال تَرَقُّبٍ لِما سترسو عليه مَساعي استيلاد الهدنة «على مراحل» في غزة وانتزاع تَفاهُم من فم تعقيداتٍ ترتبط بما إذا كان وقف النار الذي «يسلّم» آخَر موْصولٌ بخاتمةٍ صريحة عنوانها(انتهاء الحرب) لمرة واحدة ونهائية، وبضمانة(غير قابلة للرجوع عنها) بأن اجتياح رفح «وُضع على الرف».

«حرب كلامية»

ورغم أن بيروت وجدتْ فسحةً لـ«حربٍ كلامية» على تخوم ملف النزوح السوري والحزمة المالية بمليار دولار (حتى 2027) التي أعلن الاتحاد الأوربي تقديمها للبنان وهل هي «رشوة لإبقاء النازحين على أرضه»أم استفاقة تؤكد احتضان«بلاد الأرز»خارجياً، فإن هذه المعركة «فوق السطوح» والتي جاءت أقرب إلى«محاربة طواحين الهواء» كون «القفل والمفتاح» في هذا الملف يراوح بين يديْ النظام السوري والغرب في مكاسرتهما حول مرتكزات الحلّ للأزمة السورية، لم تَقْوَ على حَجْبِ الانتظار المشوبِ بالقلق بإزاء مفاوضات هدنة غزة بحال تعثّرتْ «الفرصة الأخيرة» أو حتى إذا تَجاوزتْ «ممر الأشواك» الأدقّ.

«رادارات العالم»

وفي حين تركّزتْ «راداراتُ» العواصم العربية والغربية على ديبلوماسية ربع الساعة الأخير المحفوفة بمَخاطر فشلٍ في بلوغ هدنةٍ في غزة وهو ما من شأنه أن يرتّب تداعيات متدحرجةً على أكثر من جبهة، كانت«حصة لبنان» من الرصدِ كبيرةً في ضوء الخشية من ترجماتٍ سريعة لأي انهيار للمفاوضاتِ على جبهة الجنوب، وفي الوقت نفسه عدم انقشاع الرؤية حيال «الناظم» لهذه الجبهة إذا أرسيَ الاتفاق، في ظل استحالةٍ واضحة بأن تعود لِما كانت عليه قبل«طوفان الأقصى» ولا أن تنتقل إلى ضفةِ شروطٍ إسرائيلية، يرى«حزب الله» أنها على طريقة «الحصول في الديبلوماسية على ما لم يؤخَذ في الميدان» ،معتبراً أن تل أبيب ليست في موقع مَن يمكنه فرض«نسختها» في ما خص أي ترتيباتٍ في جنوب لبنان تحت عنوان القرار 1701 أو سواه.

«محور الممانعة»

ولاحظتْ أوساط مطلعة أن الميدان شهد في الساعات الماضية نوعاً من الانكفاء النسبي في المواجهات على المقلبين، اللبناني والإسرائيلي، وهو ما اعتبرتْ دوائر غير بعيدة عن محور الممانعة أن مردّه إلى أمرين: أوّلهما إفساح المجال لمفاوضات الهدنة في غزة لتأخذ مداها، وثانيهما الحرص على عدم «سحْب وهْج» الإعلان المدوّي من الحوثيين عن بدء تنفيذ مرحلة جديدة من التصعيد ضد السفن«حتى البحر الأبيض المتوسط (...) حال اجتياح رفح»، وتالياً الرغبة في ترْك«مَن يعنيهم الأمر يستوعبون الصدمة».

«دفاع هجومي»

ورغم أن هذا الإعلان وُضع في إطار رسم خطوط «دفاع هجومي» من محور الممانعة بإزاء أي فشلٍ للمفاوضات أو إصرار إسرائيلي على الفصل بين مساريْ الهدنة المفترَضة واجتياح رفح، فإنّه عَكَسَ حراجةَ ما قد يكون عليه الوضع في حال انقطاع ما يمكن أن يشكّل «طوق خروجٍ» لمختلف الأفرقاء من مصيدةٍ بات الجميع عالقين فيها، وإن كان تَصَدُّر الحوثيين الواجهة في هذا الإطار يؤشر في جانبه الآخَر إلى«صمود» القرار الإستراتيجي لطهران بعدم الرغبة في «الصِدام الكبير»، الذي لا يكون إلا بـ «زريْ تفجير»: الأول تضغط عليه إيران فتنخرط مباشرة في الحرب، والثاني «حزب الله» عبر زجّه في مواجهة «يا قاتل يا مقتول».

هوكشتاين

وعلى وقع هذا الترقب، يتعمّق الاقتناعُ في بيروت بأن أي إطار لـ «اليوم التالي» لبنانياً، والذي يبقى مدخله «الوحيد» وقف حرب غزة، لن يكون إلا على متن وساطة أميركية يتولاها آموس هوكشتاين الذي يُتوقّع أن يحط في بيروت ما أن يُعلَن بدء المرحلة الأولى من الاتفاق حول غزة وذلك في محاولة لضبْط جبهة الجنوب على إيقاع المستجدات التهْدوية وإطلاق مسارٍ متبادَل من التهدئة على أسسٍ متدرّجة تُلاقي طبيعة التفاهم حول القطاع ومدى «صموده»، وذلك على قاعدة الاتفاق الإطار الذي عمل عليه الموفد الأميركي منذ «طوفان الأقصى» وفتْح «حربٍ المشاغلة»، وذلك بما يسمح بوقف التصعيد والإرساء المتدرّج لخطوات متقابلة على شكل ترتيباتٍ أمنية - عسكرية أو ضمانات تسمح في التوقيت المناسب بعودة النازحين على المقلبين وتعزيز حضور الجيش ومعالجة المظاهر العسكرية وصولاً إلى تَفاهُمٍ على نقاط الخلاف البرية يضمر تنفيذاً ناعماً للـ 1701.

ماكرون

وفي هذا الإطار، ورغم تجديد باريس تظهير رعايتها للوضع اللبناني عبر استقبال الرئيس إيمانويل ماكرون (الجمعة) في قصر الإليزيه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فإن الدوائر غير البعيدة عن «الممانعة» تقلّل من أهمية محاولات فرنسا الاضطلاع بمهمة «إخماد الحريق» على جبهة الجنوب وفق الورقة التي تسلّم لبنان نسختها الثانية قبل أيام وكانت محور لقاءات وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه في كل من بيروت وتل أبيب، وتنص على حلّ من 3 مراحل (نشرت بنوده الحرفية جريدة الأخبار) يبدأ بـ:

* وقف العمليات العسكرية والعدائية من «حزب الله» وإسرائيل مع دور مُراقِب لـ «اليونيفيل».

* ثم يمر (خلال 3 أيام) بتفكيك «حزب الله» كل «المنشآت والمرافق والمراكز القريبة من الخط الأزرق» و«سحب القوات المقاتلة» بما فيها «ميليشيا» الرضوان والقدرات العسكرية، لمسافة لا تقل على 10 كيلومترات شمال الخط الأزرق، على أن «توقف إسرائيل الطلعات الجوية فوق الأراضي اللبنانية»، مع البدء بنشر ما يقارب 15 ألف جندي من القوات المسلحة اللبنانية في جنوب نهر الليطاني.

* وصولاً في المرحلة الثالثة (خلال 10 أيام) إلى «أن يستأنف كل من لبنان وإسرائيل (بدعم من اليونيفل) المفاوضات حول ترسيم حدود لبنان البرية بطريقة تدريجية، مع التركيز أولاً على المناطق التي تمّت مناقشتها بالفعل في إطار الآلية الثلاثية لليونيفل عام 2018. والدخول في مفاوضات حول خريطة طريق لضمان إنشاء منطقة بينَ الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد أو مجموعات مسلحة وأصول وأسلحة، باستثناء تلك التابعة للحكومة اللبنانية واليونيفيل».

وبحسب هذه الدوائر فإنه يتم التعاطي مع فرنسا على أنها صاحبة «الدور المفقود والتي تبحث عن دورِ مَن لا دور له»، معتبرة أن باريس «لا تملك أدوات تأثيرٍ يُعتدّ به على الطرفين المعنيين أي اسرائيل وحزب الله»، ومؤكدة أن «الحزب حاسم في أن لا وقف لحرب المشاغلة قبل وقف حرب غزة وأن (قوة الرضوان) جزء من أهالي الجنوب ولا انسحاب في أي حال إلى 10 او 15 كيلومتراً».

ووفق الدوائر نفسها فإنه «يستحيل على إسرائيل وقف طلعاتها الجوية» ما دام «حزب الله» موجوداً وهي بحاجة لتحديث دائم لبنك أهدافها، وثمة مسيّرات تملكها قادرة على الرصد من دون أن تلتقطها الرادارات (الشبح)، لافتة رغم هذه القراءة إلى أن «حزب الله» يستبعد حرباً إسرائيلية واسعة عليه، إلا أنه يستعدّ لها.

توسيع المواجهة

وكان لافتاً في هذا الإطار، إعلان نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن «حزب الله لا يريد الحرب لكن إن قرّر العدو الإسرائيلي توسيع المواجهة وخوض الحرب فنحن جاهزون لها، وقد أنهينا الاستعدادات».

وقال «بحسب المعطيات العدو غير قادر وليست له مصلحة بالحرب، ونحن لا نرى مصلحة بحرب واسعة»، مؤكداً «لا يوجد لدينا أي موقف يمكن أن نعطيه حول الوضع في الجنوب قبل وقف الحرب على غزة»، مشيراً إلى أنه «في حال حصل وقف إطلاق نار شامل في غزة يحصل وقف إطلاق نار في جنوب لبنان إذا توقف العدو عن اعتداءاته، وهذه قاعدة ثابتة».

ميقاتي يردّ على «الخبث» ويوضح مبررات فتْح باب «الهجرة الموسميّة» للبنانيين

الحكومة اللبنانية في مرمى الاتهام بـ «الرشوة الأوروبية»

بقي ملف النازحين السوريين على توهُّجه في ضوء التفاعلات السياسية لإعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من بيروت يوم الخميس تقديم حزمة مالية بقيمة مليار يورو إلى لبنان (حتى 2027)، دعماً لأمنه واقتصاده المثقل تحت عبء أكثر من مليونيْ نازح سوري.

ومع تقاطُع مواقف سياسية اعتبرتْ موافقة بيروت، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على الحصول على هذه المساعدة بمثابة «القبول برشوة لإبقاء النازحين»، وسط حملة على ميقاتي على خلفية كلامه عن فتْح الاتحاد الأوروبي باب الهجرة الموسميّة للبنانيين «مع انضمام لبنان إلى القانون الذي يشمل الدول المستضيفة للنازحين السوريين»، خَرَجَ الأخير ببيانٍ ردّ فيه على «محاولة استثارة الغرائز والنعرات» و«المزايدات الشعبية».

وذّكر البيان بأنه «بعد سنوات من التجاهل المطلق أوروبياً ودولياً لملف النزوح، بدأت مؤشرات الحركة الحكومية الديبلوماسية تعطي ثمارها ولو بخطوات أولية. وفي كل لقاءاته كان رئيس الحكومة يحذر من أن تداعيات ملف النازحين وخطورته لن تقتصر على لبنان بل ستمتد الى أوروبا لتتحول أزمة إقليمية ودولية».

وأضاف: «أن الكلام عن رشوة أوروبية للبنان لإبقاء النازحين على أرضه غير صحيح مع تأكيد أن هذه الهبة غير مشروطة بتاتاً ويتم إقرارها من جانب اللبناني حسب الأصول المتبعة بقبول الهبات.

وما يحصل هو محاولة خبيثة لإفشال أي حل حكومي، تحت حجج واتهامات باطلة، وما توصل إليه رئيس الحكومة بحصيلة الحملة الديبلوماسية مع مختلف الأطراف الخارجية. وهذا المسعى سيستمر فيه دولة الرئيس خلال انعقاد مؤتمر بروكسيل قبل نهاية الشهر الجاري».

وتابع: «أما في شأن حزمة المليار يورو التي أقرت للبنان من الاتحاد الأوروبي والتي أُعلن عنها خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس القبرصي نيكوس للبنان، يكرر دولة الرئيس ويقول بكل وضوح انها مساعدة غير مشروطة للبنان واللبنانيين حصراً وتشمل القطاعات الصحية والتربوية والحماية الاجتماعية والعائلات الأكثر فقراً إضافة إلى مساعدات الجيش والقوى الأمنية من أمن عام وقوى أمن داخلي لضبط الحدود البرية زيادة العديد والعتاد، وكل ما يقال خلاف ذلك مجرد كلام فارغ واتهامات سياسية غير صحيحة.

كما أن دولة الرئيس كان واضحا في تأكيد عزم الحكومة على تطبيق القوانين على كل الأراضي اللبنانية وكل من يقيم بشكلٍ غير شرعي سيتم ترحيله إلى بلده وهذا الموضوع لا جدال فيه والأوامر أعطيت للأجهزة المختصة لتنفيذ ما يلزم».

وسأل: «هل المصلحة الوطنية تقضي بعزل لبنان في هذا الوقت بالذات عن أصدقائه في أوروبا والعالم والتشكيك بأي خطوة مشكورة لدعم وطننا في هذه الظروف، وبتجاهل الدلالات والمعاني الجادة لكل رسائل الدعم المعنوية والديبلوماسية والمادية للبنان والتسابق إلى المزايدات الشعبوية، أم بالمزيد من العمل لحشد أكبر تأييد وتفهم للموقف اللبناني وللخطوات المطلوبة لحل ملف النازحين بطريقة تحمي سيادة الوطن وواقعه ومصلحة شعبه؟».

وختم: «أما تَناوُل دولة الرئيس قرار الهجرة الموسمية الخاص بدول الجوار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي وضم إليه لبنان على تركيا، والأردن ومصر وتونس، فالقصد منه ليس تشجيع اللبنانيين على الهجرة كما زعم البعض، بل فتح الباب أمام فرص عمل موسمية في الخارج يعلن عنها من الدول الأوروبية في حينه، وبالتالي تكون هذه الهجرة شرعية لمن تنطبق عليه الشروط المحددة عوضاً من أن تكون في مراكب الموت غير الشرعية».

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أعلن أن «عرض المليار يورو الأوروبي مقابل بقاء النازحين بمثابة محاولة لاستئجار لبنان وشعبه»، مشيراً إلى أن «هناك تهجيراً مقنّعاً وتدريجياً للبنانيين تحت مسمّى الهجرة الموسميّة».

ولفت إلى أن «أوروبا تكافح هجرة السوريين لبلدانها وتقول للبنان(بدّك تخلّي السوريين عندك ونحنا منفتح الباب لهجرة شعبك)يعني استبدال الشعب اللبناني بالنازحين السوريين».

وأضاف: «نُريد قراراً سياسياً لبنانياً لإعادة النازحين لا تمويلاً للبقاء فالمال لا ينفع بل الضّرب على الطاولة لإعادة النازحين».

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار