تلاقي واشنطن - باريس من الجنوب إلى بعبدا... ولا حماسة أميركية لفرنجية | أخبار اليوم

تلاقي واشنطن - باريس من الجنوب إلى بعبدا... ولا حماسة أميركية لفرنجية

| الخميس 09 مايو 2024

تلاقي واشنطن - باريس من الجنوب إلى بعبدا... ولا حماسة أميركية لفرنجية
 الايرانيون لا يسعون الى حرب كبرى في المنطقة وخصوصا في الجنوب

"النهار"- رضوان عقيل

لم تعد الملفات اللبنانية العالقة والمعطلة ملك قرار اصحابها من تطورات المواجهات العسكرية في الجنوب الى الشغور المفتوح في سدة الرئاسة الاولى، فضلا عن ازمة النازحين السوريين التي باتت تهدد حال البلد ومستقبله وتتصدر اهتمامات اللبنانيين ومرجعياتهم السياسية. ويجري التعاطي مع هذا الملف من زاوية مصالح كل فريق وتحميل الآخرين مسؤولية كل الاخفاقات مع اتساع مساحة القلق من غياب التسوية المنتظرة في غزة حتى الآن بفعل امعان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في مسلسله القائم على الدم والدمار، مع التوقف عند اخطار تمدد هذه الحلقات الى الجنوب وسط تركيز آلة الحرب الاسرائيلية في الاسابيع الاخيرة على تدمير ممنهج لأحياء ومنازل في اكثر من بلدة وخصوصا في المنطقة الحدودية.

ومن غير المستغرب ان تتجه الانظار الى الخارج وعرض ملفات لبنان على دوائر القرار في العواصم الكبرى وخصوصا الغربية منها، مع التوقف عند لاعبين اقليميين مؤثرين ايضا على مستوى طهران والرياض والدوحة.

وبعد الرد اللبناني على مضمون الورقة الفرنسية وتأكيد باريس عدم مغادرتها مسرح لبنان وتشعباته نظرا الى جملة من العوامل التاريخية، ينقل سياسي لبناني كانت له جولة في واشنطن في الايام الاخيرة ان الادارة الاميركية على تنسيق كبير مع الاليزيه حول كيفية تناول الاحداث العسكرية الدائرة في الجنوب، وان ورقة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه لم تكن بعيدة من التنسيق مع الاميركيين الذين لا يعارضون الحراك الفرنسي الذي ينشط لوقف إطلاق النار بين اسرائيل و"حزب الله"، من دون اخفاء الطرفين اعتراضهما على اداء الاخير وربط ما يقوم به من اسناد لجبهة غزة ونصرة حركة "حماس" ولو لن تعمد واشنطن وباريس الى تبني سياسات نتنياهو أقله في شكل ظاهر على عكس الاسبوع الاول من عملية "حماس" في السابع من تشرين الاول الماضي.

ويدرك الفرنسيون جيدا ان التوصل الى حلول على الحدود في الجنوب ووقف إطلاق النار بناء على اسس مندرجات القرار 1701 الذي يشكل حاجة للجميع لن يتبلور في صورته النهائية في نهاية المطاف إلا ببصمات اميركية. وتستفيد فرنسا من موقعها "حاملة القلم" لهذا القرار في مجلس الامن. ولا يتأخر لبنان هنا في المطالبة بتطبيق متوازن لـ 1701 وهذا ما جاء في حيثيات الرد على الورقة الفرنسية.

وكان مسؤول كبير في الامم المتحدة قد ابلغ نوابا وشخصيات لبنانية بان الامور قد تتجه الى تمدد المواجهات العسكرية وسط تحذيره من توسعتها اذا لم تنجح الاتصالات الاخيرة في شأن غزة اولا. واذا كان المسؤولون في لبنان على مستوى الحكومة ومجلس النواب وصولا الى "حزب الله" لا يعارضون المساعي الفرنسية، الا انهم يعرفون سلفا ان واشنطن تبقى صاحبة الدور الاكبر في اخماد نيران الازمات في المنطقة. ولذلك ينتظر كثيرون قدوم الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت اذا نجح الوسطاء في القاهرة في تثبيت هدنة في غزة وامكان انسحابها على الجنوب. وتتواصل الزيارات المتبادلة بين الفرنسيين والاميركيين لوضع رؤية مشتركة في الجنوب لن تبصر النور وتكون محل قبول المعنيين اذا لم تحظ بمتابعة جدية من الادارة الاميركية المنهمكة بأكثر من ملف في العالم ومحاولة استغلاله في حملة الانتخابات الرئاسية في وجه الحزب الجمهوري. ولا تنقطع خطوط المشاورات بين الموفد الفرنسي جان - ايف لودريان والديبلوماسية آن غريو الخبيرة بملفات لبنان.

ويعود الزائر اللبناني من خلال جلساته مع مسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية باكثر من خلاصة امنية ورئاسية تخص لبنان وربطها بأعضاء المجموعة الخماسية والتي تؤشر من وجهة النظر الاميركية الى ان السعودية ما زالت "غير منغمسة" بالملف اللبناني بما يكفي. ولا يعني ذلك ان الرياض تريد مغادرة الفضاء السياسي في لبنان لمعرفتها ما يمثله في المنطقة رغم الانهيارات التي يشهدها. واذا كان الملف الرئاسي على رأس اجندات اكثر من عاصمة يخلص من يستمع الى ديبلوماسيين اميركيين الى اعترافهم بالحواجز التي تعترض انتخاب المرشح سليمان #فرنجية على مستوى الداخل والخارج. واذا كانت واشنطن لا ترفع "الفيتو" في وجه الرجل، الا انه لا يعبر عن "طموحاتها" هنا وهي تلتقي مع الرياض ايضا التي لا تظهر الحماسة لانتخاب رئيس "تيار المردة" الذي لن يغادر سباق الرئاسة بسهولة حيث يستند الى كتلة نيابية صلبة ما زالت ترفض الرجوع عن ترشيحه مهما تعرض ثنائي حركة "أمل" و"حزب الله" لضغوط اعتراضا على تمسكهما بفرنجية. ومع ذلك يبقى اسمه في مقدم الشخصيات المرشحة الى جانب قائد الجيش العماد جوزف عون ولو من دون حصرهما في بورصة المرشحين. ولدى سؤال ديبلوماسي اميركي عن عدم ممارسة دولته الضغوط المطلوبة للمساهمة في انتخاب رئيس للجمهورية على غرار ما فعلته واشنطن وبقوة قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون حيال اتمام ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، يتلقى السائل جوابا "رماديا". ويفهم من هذا الرد ان استحقاق الرئاسة لن يأتي موعد انجازه بعد التعقيدات الداخلية اولا التي ستؤدي الى مزيد من مناخات انعدام الثقة بين الافرقاء.

وفي غضون ذلك تكشف الوقائع ان مسار العلاقات بين واشنطن والرياض والدوحة يتجه الى تقدم وسط "تشريح" اوضاع كل المكونات الطائفية في البلد مع التوقف عند احوال السنّة والمشكلات التي تواجه هذا المكون اكثر من سواه نتيجة ما افرزته الانتخابات النيابية الاخيرة وعدم وضوح اكثر توجهات نوابه الـ 27 حيث تختلف عملية تصنيفهم عن المسيحيين والشيعة والدروز، ولو ان كل اللبنانيين يعيشون في مركب واحد من الازمات والتحديات اليومية مع تصاعد التهديدات الامنية في الجنوب وضغوط النازحين السوريين في بيروت والمناطق.
من جهة اخرى، وفي لحظة ترقب الحوار القائم بين واشنطن وطهران لم يعد خافيا ان الاخيرة تعمل على عدم وضع العراقيل في طريق انتخاب الرئيس جو بايدن لقطع الطريق على منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يحظى بمقبولية عند الرياض التي تستمر في ارساء قواعد تفاهمها مع طهران حيث عقد مسؤولون من البلدين اجتماعا في بكين اخيرا في تأكيد على رعاية الصين لما تم من انجاز بين اكبر دولتين اسلاميتين في الاقليم.

ومن هنا لا يمكن فصل موقع طهران عن تأثيرها على الانتخابات الاميركية، مع ملاحظة ان الايرانيين لا يسعون الى حرب كبرى في المنطقة وخصوصا في الجنوب، لان تدحرج الامور نحو مساحة اكبر من النيران يجلب الضرر على بايدن الذي يبقى مطلبا ايرانيا من دون الاصغاء الى كل ما يردده جمهور محور الممانعة من ان المتنافسين في انتخابات اميركا يشكل كل واحد منهما وجها لعملة سياسية واحدة، بل على العكس هناك فرق واضح بين الرجلين حيث ستكون لكل واحد بصمته في المنطقة التي لا تعرف العيش الا على وقع الزلازل والحروب.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة