مسعى لانتخاب رئيس فور التهدئة في الجنوب | أخبار اليوم

مسعى لانتخاب رئيس فور التهدئة في الجنوب

| الجمعة 10 مايو 2024

مسعى لانتخاب رئيس فور التهدئة في الجنوب
ويجب ان يترافق مع تأليف حكومة... فلا يستطيع لبنان البقاء بتصريف للأعمال


 "النهار"- روزانا بومنصف

حين علق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقاً وليد جنبلاط على الاجتماع الأخير في معراب بقوله إن ما لا تريد معراب الاعتراف به هو أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو المكلف بالتفاوض مع المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، لم يثر ذلك تململاً بمقدار ما ترك إعداد الرد على الورقة الفرنسية لرئيس المجلس أيضاً. والتململ الذي بقي أسير الدوائر السياسية المغلقة ولدى نخب سياسية تمحور على انتقادات شديدة طاولت مجموعة أطراف في مقدّمها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي من منطلق براغماتية معينة ترك ملفاً هو من صلاحيات السلطة التنفيذية لرئيس السلطة التشريعية، علماً بأنه يتشاور في كل صغيرة وكبيرة مع هذا الأخير، فإنه يلام على ذلك لدى أوساط سنّية رأت في ذلك تخلياً عن صلاحيات رئاسة الحكومة وتثبيتاً لغياب التأثير والفاعلية داخل الطائفة السنية.

وطاولت الانتقادات أيضاً رئيس التيار العوني جبران باسيل الذي يصوّب على الحكومة بذريعة تعدّيها على صلاحيات رئيس الجمهورية فيما خاض وهو في السلطة في العهد العوني السابق معارك مع رئاسة الحكومة تحت هذا العنوان وكذلك مع رئاسة مجلس النواب ولا سيما إبان التفاوض على ترسيم الحدود البحرية بذريعة أن التفاوض يحصل في بعبدا لا في أي مكان آخر، ولكن شهر العسل القائم بينه وبين رئيس المجلس يحول دون فتح ملف محرج له في هذه المرحلة، لا بل التسليم الموضوعي بذلك.

كما طاولت الانتقادات الاحزاب المسيحية المعارضة التي لم تسجل أي ملاحظة في هذا الإطار والتي على رغم الجولات التي يقوم بها نواب في المعارضة في اتجاه واشنطن وسواها، فإن هذه الجولات ظلت قاصرة عن التعبير عن وجهة نظر قوية وحازمة للمعارضة. ويعود تخلي المعارضة عن لعب هذا الدور ربما على قاعدة التسليم الضمني بما أرساه الجانب الأميركي منذ البداية والذي يعود الى عقد على الأقل في التحاور مع بري في موضوع الحدود الجنوبية باعتباره محاوراً بالنيابة عن "حزب الله" فيما لا حوار مباشراً أو علنياً مع الأخير من الجانب الأميركي، وعلى قاعدة أن الحاجة راهناً هي الى محاور يؤدي الدور الذي يقوم به بري ولا سيما في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية على رغم أن التنافس كان شديداً بين ميشال عون وبري على حصرية التفاوض في موضوع الحدود البحرية وسلّم الأميركيون لعون بدور في هذا الإطار.

التركيز على الإجابة من جانب بري على الورقة الفرنسية دفع كثراً ليس لتكثيف الانتقادات فحسب، بل الى إثارة مخاوف حقيقية من وجود أهداف مضمرة ببقاء الشغور الرئاسي طويلاً. وهناك من بات يثير هذه المخاوف علناً ولو من دون أي نتيجة ومن دون محاولة المسّ ببري تحديداً في هذا الإطار لاعتبارات مختلفة. يضاف الى ذلك الغياب الكلي للقدرة على بدائل أخرى ولا سيما في ظل إمساك بري بمفاتيح المجلس النيابي وإمساكه راهناً بورقة التفاوض مع الجانب الأميركي ومع الجانب الفرنسي أيضاً وتقريره وحيداً أو بالنيابة عما يريده الحزب، فيما تكريس دور رئاسة المجلس في هذا الإطار يقرأه كثر من ضمن المخاطر المتزايدة على صيغة الحكم في لبنان وطبيعته. ولا يضع أحد بري في السلة الإيرانية كما هي حال شريكه في الثنائي الشيعي.

ولكنه مع إثارة شبه التماثل أو التماهي بينه وبين الحزب إزاء مسائل داخلية كثيرة والتمايز عنه في مسائل أخرى لها طابع إقليمي على غرار المشاركة في الحرب إسناداً لغزة على سبيل المثال وقبلها عدم المشاركة في الحرب السورية أو في انتقاد الدول العربية، فإن هذا لا يمنع البعض من أن يثير تساؤلات من زاوية البحث عن الأبعاد المتصلة بكون الطرف الشيعي في لبنان يطمح لأن يكون هو الشريك للولايات المتحدة في لبنان لا فقط في اتفاق التهدئة ومن ضمنها اتفاق تحديد الحدود البرية لاحقاً في حال استمرار تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية. وتالياً إذا ما كانت هذه الشراكة تشكل امتداداً أو انعكاساً للتلاقي الإيراني الأميركي في العراق في أكثر من مرحلة، وهو ما تريده طهران في الواقع، أقله في اعتقاد أكثر من جهة من خصوم الحزب، بمعنى الإقرار الأميركي بالنفوذ الإيراني في لبنان والإفساح في المجال أمامها للشراكة بين الاثنين على هذا المستوى على الأقل في ظل عدم إمكان الحصول على تسليم أميركي لنفوذ إيران وحدها في لبنان كما حصل مع الوصاية السورية إبان ثلاثة عقود سابقة.

ولكن هذا المسار قد لا يكون بهذه الصورة أو قد ينتهي إليها في رأي مصادر سياسية، إذ تفيد معلومات ديبلوماسية أن جهات دولية من اللجنة الخماسية ولا سيما فرنسا تصرّ على خريطة طريق واقعية تقضي بوقف النار للتهدئة في الجنوب من أجل منع توسع الحرب في المنطقة على أن يلي ذلك فوراً انتخاب رئيس للجمهورية قبل الانتقال الى المرحلة الثالثة في الجنوب المتعلقة بتحديد الحدود البرية من أجل أن تستوي الأمور على مستوى المؤسسات الدستورية فتكون هناك شرعية أقوى في ظل وجود رئيس للجمهورية وحكومة جديدة. ثم لأن هذه المرحلة قد تأخذ وقتاً طويلاً ربما يمتد لأشهر طويلة فيما لبنان لا يستطيع البقاء من دون رئيس للجمهورية ومن دون حكومة فاعلة.

فغالباً ما يصار الى إهمال هذه النقطة الأخيرة أي تأليف حكومة جديدة في الإصرار على انتخاب رئيس للجمهورية ولكن الأمرين لا ينفصلان ولا يستطيع لبنان البقاء بحكومة تصريف للأعمال، وهو أمر تشاركه دول عدة مع فرنسا. يضاف الى ذلك ضرورة اكتمال عقد المؤسسات الدستورية من أجل ضمان جهوزية لبنان للتطورات في المنطقة ولكي يكون حاضراً فيها. وسبق أن تم تمرير هذه الرسالة ديبلوماسياً للبنان من الجانب الفرنسي وسواه ولكن التجاوب المحتمل معها يبقى أمراً مختلفاً.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة