حلّ داخلي يبدأ بتوسيع مروحة المرشّحين لرئاسة الجمهورية
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
يبدو أن لا أحد قادراً على أن يُحسن الكلام والوعود أكثر من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. والمفارقة هي أن لا ضرورة لأن يكون لكلامه معنى، ولا أن يكون ذات مفعول بالضرورة، ولكن فرنسا تتكلّم وهذا هو المهمّ حتى ولو كانت وعودها وهماً.
الطبخة الفرنسية
ويبدو أيضاً أنه بعدما أُتخمنا نحن في لبنان من الكلام الفرنسي الذي لا يُشبِع، منذ عام 2020 وحتى اليوم، بات هناك شعباً آخر مرشّحاً لأن ينضمّ الى لائحة "الآكلين" من الطبخة الفرنسية المُسبِّبَة لجوع مزمن، وهو الشعب الفلسطيني.
ففي غمرة التسابُق الأوروبي على إعلان الاعتراف بدولة فلسطينية، دعا ماكرون الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى البَدْء بإصلاحات حيوية في السلطة الفلسطينية، تمهيداً لاعتراف فرنسي بدولة فلسطينية.
كما أكد الرئيس الفرنسي التزام فرنسا العمل مع شركائها الأوروبيين والعرب على بناء رؤية مشتركة للسلام توفر الضمانات الأمنية للفلسطينيين والإسرائيليين، ولإدراج مسار الاعتراف بدولة فلسطين في دينامية فعالة، لافتاً الى رغبة باريس بسلطة فلسطينية يتم إصلاحها وتعزيزها، بشكل يجعلها قادرة على ممارسة مسؤولياتها على كل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك قطاع غزة، وبشكل يصبّ في مصلحة الفلسطينيين.
تحذير... تخدير...
في المحصّلة، يُبدي ماكرون استعداده للاعتراف بدولة فلسطينية في الوقت المناسب، ومن خارج "التأثُّر العاطفي". وهذا ممتاز من حيث الشكل. وأما في المضمون، فما نفع الحديث عن إصلاحات وعن كل تلك العناوين الطنّانة في عزّ حرب مدمّرة؟
هنا، لا بدّ لنا من العودة قليلاً الى تحذيرات الرئيس الفرنسي، ومن "الحركة بلا بركة" التي قام بها في الملف اللبناني منذ أربع سنوات، والتي لم تُسفر لا عن "حكومة مهمّة"، ولا عن "حكومة إنقاذ"، ولا عن "حكومة تكنوقراط"، ولا عن حوار لبناني - فرنسي فعّال، ولا عن حوار لبناني - لبناني، ولا عن منع الفراغات الرئاسية والحكومية في لبنان، ولا عن إصلاحات، ولا عن حلول اقتصادية ومالية، ولا عن حلول لأزمة النزوح السوري، ولا عن شيء، سوى بعض اللجان الرباعية، والخماسية، والسداسية، والسباعية... التي تُطالعنا من حين الى آخر، الى جانب زيارات بعض المسؤولين والمبعوثين الفرنسيين، الذين يمارسون التحذير كما لو كان تخديراً، لا أكثر ولا أقلّ.
المستنقع الكارثي
أسفت مصادر مُطَّلِعَة "لظهور فرنسا بتلك الصورة الضّعيفة جدّاً. ولكن المسألة لا تتعلّق بها وحدها، إذ إن أوروبا عموماً بدولها كافّة، أظهرت تشرذماً كبيراً في المواقف من أزمات وملفات عدّة، خصوصاً بالنّسبة الى الحرب في قطاع غزة. فالمواقف والسياسات الأوروبية غير واضحة المعالم في أي شيء".
وشدّدت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "فرنسا ليست راعية للبنان أصلاً، ولا حتى منذ عام 2020، ولا أحد يقوم بهذا الدور أيضاً. فلبنان متروك لقدره، ويتوجّب على اللبنانيين أن يأخذوا المسؤوليات على عاتقهم، إذ لا يمكنهم أن يتّكلوا على راعٍ خارجي يقول لهم ما يجب عليهم أن يفعلوه أو لا".
وختمت:"الأزمة اللبنانية حلّها داخلي محلّي، يبدأ بتوسيع مروحة المرشّحين لرئاسة الجمهورية، لتشمل شخصيات قادرة على انتشال البلد من المستنقع الاقتصادي الكارثي الذي سقط فيه. وأما من دون ذلك، فلن تستقيم الأوضاع".