رقص سياسيّ على حافة رفع الدعم والحلّ برنامج إصلاحيّ حكوميّ | أخبار اليوم

رقص سياسيّ على حافة رفع الدعم والحلّ برنامج إصلاحيّ حكوميّ

| الثلاثاء 13 أكتوبر 2020

استمرار الدعم أو توقيفه يؤدي الى نتيجة واحدة عنوانها استنزاف العملة الصعبة من الاحتياط أو من السوق

مجد بو مجاهد -"النهار"
سباق مع الوقت يعيشه لبنان لانقاذ أعضائه الاقتصادية الحيوية من الموت المحتّم، بعدما تقدّمت مؤشرات المرض في غياب الإصلاحات التي كان لها أن تضمن أداءً طبيعيّاً لوظائف البلاد الحياتيّة، بدل الاعتماد على احتياطي المصرف المركزي والإفراط في تناول المسكّنات إلى أن ظهرت آثارها الجانبية الخطيرة في نتائج فحوصات ما تبقى من احتياطيّ مصرف لبنان الذي يقترب من معدّل 17.5 مليار دولار. ويعني الاقتطاع من هذا المبلغ - إذا حصل - إحداث عطبٍ غير قابل للشفاء في الجسد الاقتصاديّ واقتلاع البذرة من تربة أموال المودعين التي لا تزال تنتظر انتهاء فصل اليباس وحلول موسم خروج النبات الذي يحتاج إلى تفعيل مشروع إصلاحيّ يساهم في إعادة بعض الثقة - وإن بايقاع غير سريع - إلى القطاع المصرفي اللبناني.

لا يشير الاتجاه الذي يسلكه لبنان الآن حتى اللحظة إلا الى مزيد من الاستنزاف في جسد المريض وحضّه على الاستمرار في تناول الوصفات الشعبويّة الضارّة التي حملت شعارات التحذير من رفع الدعم وزيادة محاولات الضغط المستمرّة على مصرف لبنان التي بدأت تتّخذ أبعاداً سياسيّة، توقّف عندها خبراء ماليون خصوصاً لجهة الخطاب الذي تلاه رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب بعد غياب طويل عن الظهور الاعلامي، ما رسم علامات استفهام حول الغاية والمراد الخفي من هذا الظهور المفاجئ بعد صمت تام والجهة التي يمكن أن تقف خلف هذا الموقف.

ويؤكّد مرجع مصرفي مواكب لـ"النهار" أنّ خطورة التفكير في الانفاق من مبلغ 17.5 مليار، لا تنعكس فقط على القطاع المالي والمصرفي في لبنان، باعتبار أن وضع هذا القطاع ليس أبداً على أحسن ما يرام؛ لكن المعطى الأكثر خطورة يتمثّل في أن المسّ بهذا المبلغ يعني الاتجاه نحو انحلال كليّ للدولة واستنزاف ما تبقى من عملة صعبة. ويشكّك المرجع في مدى معرفة المطالبين باستمرار الدعم على هذا النحو لانعكاسات هذه المطالبة التي ربّما تنمّ عن قلّة ادراك ودراية في انعكاسات استمرار الوتيرة نفسها التي تعني استنزاف ما تبقى مقوّمات وجود. وتشير المعلومات في هذا الاطار الى أن مصرف لبنان يعمل على طرق للتخفيف من وطأة رفع الدعم أو مخاطر الابقاء عليه على حدّ سواء. ويكمن الاتجاه الأقرب الى الاعتماد على اجتزاء الدعم الكليّ والاستعاضة عنه بالدعم النصفيّ، ما يعني شراء مزيد من الوقت وتقسيم المبلغ المتبقي من الاحتياطي الذي يزيد عن مبلغ 17.5 مليار على أسابيع إضافية. بعبارة أكثر وضوحاً، يترجم هذا الخيار في التوجه الى انفاق نصف مليار شهريا على سبيل المثال بدلاً من مليار واحد.

استمرار الدعم أو توقيفه يؤدي الى نتيجة واحدة عنوانها استنزاف العملة الصعبة من الاحتياط أو من السوق، ما يؤدي الى ارتفاع سعر الصرف. أما وجهة الحلّ الواضحة والمعروفة، فتكمن في الاسراع بتشكيل حكومة قادرة من كفايات متخصّصة، تنفّذ الاصلاحات وتتعاون مع صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج يضخّ العملة الصعبة في الشرايين الاقتصادية.

ماذا في جديد الملف الحكومي بعد تشغيل المحرّكات والاتصالات والزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري إلى قصر بعبدا أمس؟ تفيد معلومات "النهار" أن الزيارة اتّسمت بايجابية ووصفت بالجيّدة. واتُّفق على زيارة ثانية سيقوم بها الحريري الى بعبدا في الساعات المقبلة، ويرجّح أن تحصل في موعد سريع قبل خميس الاستشارات. واستعرضت الزيارة التي حصلت أمس جولة أفق تناولت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والحياتية، حيث توسّع النقاش مع رئيس الجمهورية ميشال عون في تناول هذه المواضيع. وشرح الحريري وجهة نظره من الموضوع الحكومي واستفاض في الحديث عن المبادرة الفرنسية وأشار إلى زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري واعتزامه إرسال موفدين الى الكتل النيابية للتشاور في الموضوع الحكومي والتوقف عند مقاربتهم ومدى تمسّكهم بالمبادرة الفرنسية. ومن جهته، أكّد عون للحريري تمسّكّه بكامل بنود المبادرة الفرنسية ومندرجاتها والنقاط الواردة فيها، وحصل اتفاق بين الطرفين على ضرورة استعجال تشكيل الحكومة الجديدة باعتبار أن الوضع الاقتصادي لا يحتمل أيّ تأجيل. ولم يدخل المكوّنان بعمق في التفاصيل الحكومية لكنّ المسألة التي تأكّدت في الحديث الذي دار بينهما أنّها ستكون حكومة مشكّلة من اختصاصيين ولا تشمل تمثيلاً سياسيّا، فيما دعا عون الى التعامل بسلاسة مع الكتل في مسألة المشاورات الحكومية.

وإذا كان موعد الاستشارات النيابية الملزمة لا يزال قائماً يوم الخميس المقبل ولم يستجدّ أي تعديل في التوقيت والبرنامج حتى اللحظة، إلا أنّ الموضوع الأهم الذي يُخشى أن يشكّل عقدة في الساعات المقبلة، هو بروز عراقيل على شكل مطالبة عدد من القوى بتسمية وزراء اختصاصيين، فيما تسميتهم من قبل الأحزاب تعني الدوران في حلقة مفرغة والعودة الى صيغ قديمة مبطّنة وافتقاد جوهر التسمية ومضمونها، التي لا بدّ أن تتمحور حول الاختصاص والاستقلالية في اتّخاذ القرار انطلاقاً من أبعاد علميّة غير سياسية. فهل يتلقّف الذين يلوّحون بحصرية حقائب وزارية ويتشبّثون بتسمية الوزراء لاعتبارات سياسية وطائفية خطورة الوضع الاقتصادي؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة