سؤال "المعادلة الصعبة" بين التكليف والتأليف | أخبار اليوم

سؤال "المعادلة الصعبة" بين التكليف والتأليف

| الجمعة 16 أكتوبر 2020

الدستور اللبناني هو أفضل دستور مدني في المنطقة منذ سنة 1926... والازمة في الممارسة

مجد بو مجاهد -"النهار"

إذا كانت الإجابة عن سؤال الجولة الأولى من مشوار الألف ميل نحو تشكيل حكومة جديدة، تنحصر في احتمالين اثنين على طريقة إمّا إجراء الاستشارات النيابية الملزمة وانبثاق اسم رئيس مكلف عنها وإما تأجيلها؛ إلا أن سؤال "الجائزة الكبرى" كان ليتمحور حول معادلة التأليف وما سيعتريها من عثرات تضاعف مستوى الصعوبة في حلّ الأحجية وتستدعي التمهّل في كتابة المسوّدة خلال عملية التأليف واختيار إجابات صحيحة انطلاقاً من المبدأ العلمي لمنهج المعادلة الصوابية القائمة على تشكيل حكومة اختصاص إصلاحية من خارج الأحزاب.

لا تبدو أوساط سياسية مواكبة من كثب لحركة المشاورات الحكومية، مطمئنة لتأجيل استحقاق الاستشارات النيابية الملزمة، وما تلاه من إشارات تناقلت بعد ذلك تُنذر بانسداد الأفق أمام إمكان تمرير استحقاق التكليف في الأسابيع القليلة المقبلة مع تلقّف اتجاه إلى إرجاء ما بعده إرجاء، في حال لم يستجدّ أي معطى سياسي يمهّد إلى تحريك الصورة الراكدة؛ إذ بدا واضحا لدى الأوساط أن المطلوب هو التواصل المباشر والتشاور الكامل مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في استحقاق التأليف، وهذا ما لم يحصل حتى الساعة ولا مؤشرات دالة حول امكان رفع سماعة الهاتف، وضبابية حول ما ستحمله الأيام المقبلة لجهة تحرّك الحريري، مع اشارة الأوساط الى أن التواصل مع باسيل كان يمكن أن يحصل بعد الاستشارات وليس قبلها.

وتفيد الأجواء بأن مهمة التأليف قد أحيلت إلى اهتمام مؤجّل الآن، في وقت تحوّل استحقاق التكليف إلى سؤال "المعادلة الصعبة" فضلاً عن أحجية لم يظهر جوابها بعد حول الصيغة التي ستعتمد في عملية اختيار الوزراء وكيفية التسمية، فيما لا يزال رسم هذه النقطة في حكم المؤجل أيضاً، مع إشارة الى انخفاض في مؤشرات القدرة على تسمية الوزراء من قبل الرئيس المكلّف بنفسه ما يعني بروز علامات استفهام حول امكان تشكيل حكومة اختصاص حقيقية ومتجانسة، وهذا ما يبدو جليّاً في مقاربة الأوساط التي تشير إلى أن التساؤل الأهم اليوم يبقى حول ما إذا أحيل استحقاق تكليف رئيس جديد إلى إشعار آخر.

لم تتّصف الساعات الماضية التي سبقت إرجاء التكليف بالسلبية وسط معطيات ايجابية طفت على السطح، ويعبّر عنها بوضوح لـ"النهار" عضو كتلة "المستقبل" النائب هادي حبيش الذي رافق موفد "التيار الأزرق" الى القوى السياسية، في قوله إنّ "الجولة خُصّصت لقياس مدى التزام الكتل بالمبادرة الفرنسية ليكّون الرئيس الحريري فكرة حول الأوضاع العامة. ولم يضع الحريري شروطاً خاصة ولم يبحث ملف التأليف، لكن الهدف الأساسي من الجولة تمحور حول قياس مدى الالتزام بالمبادرة".

في الموازاة، شكّك مراقبون في القدرة على االتأليف باعتبار أنّ مطبات الشروط الحزبية واعتباراتها باتت واضحة في وجه أي رئيس مكلّف، وسط معلومات تؤكّد عدم موافقة "حزب الله" على عدم المشاركة واشتراطه خروج أسماء الوزراء من جعبته من خلال تقديم 10 أسماء يختار الرئيس المكلّف من بينها. ويبدو أن هذا الشرط انتقل أيضاً الى أحزاب أخرى وفق ما كام متوقّعاً، ما يعني عملياً - في حال التسليم بهذه الصيغة وعدم قطع الطريق أمامها - الاتجاه الى تأليف حكومة محاصصية مقنّعة. ويتمحور المقترح الأكثر منطقية الذي بدأ يروّج في مجالس سياسية للخروج من هذه الدوامة، حول اختيار الرئيس المكلّف أسماء الوزراء بنفسه واتصاله بالقوى السياسية للوقوف عند رأيها في الأسماء التي يختارها من دون أن يعني ذلك مشاركتها في تحديد الأسماء؛ لكن هذا التوجّه لم يسبق أن سلك طريقه بعد العثرات التي واجهت السفير مصطفى أديب ودفعته الى الاستقالة.

إلى ذلك، برز في الساعات الماضية مصطلح "الميثاقية" لجهة عدد النواب الذين كانوا ليسموا الحريري وتوزّعهم بين مسلمين ومسيحيين، إلا أنّ المحامي الدكتور أنطوان صفير يرى عبر "النهار" أن "الدستور لم يتحدّث في موضوع الميثاقية من زاوية تقنية ولم يحدّد أعداداً في هذا الموضوع؛ فيما تعني الميثاقية تمثيل الطوائف في الوزارات والادارات". ويقول إنّ "الموضوع الحكومي يتعلّق بأصول التشكيل تكليفاً وتأليفاً. لا بدّ بطبيعة الحال من حدّ أدنى من التأييد من الطوائف المختلفة، وإذا نال الرئيس المكلّف 20 نائباً مسيحيّاً مثلاً، فذلك لا يمسّ بالميثاقية". ويشير صفير الى أنّ "الميثاقية تتعلّق بقضايا وطنية كبرى بين المسيحيين والمسلمين لكن ليس في تشكيل الحكومات"، مضيفاً أنّ "الأزمة ليست أزمة نظام بل في ممارسة النظام، فالدستور اللبناني هو أفضل دستور مدني في المنطقة منذ سنة 1926. وقد وصلت البلاد الى مرحلة أفسد فيها كلّ شيء وأصبح الدستور فيها وجهة نظر".

أطفأ إرجاء الاستشارات الأضواء عن "بوانتاج" التكليف الذي شكّل محطّ أنظارٍ في الأيام الماضية، وكان ليكون على الشكل الآتي: يتجه نواب كتل "المستقبل" و"اللقاء الديموقراطي" و"الوسط المستقلّ" و"التنمية والتحرير" ونواب "المرده" و"الطاشناق" الى تسمية الحريري... أضواء الأسبوع المقبل ستتجه نحو سؤال "المعادلة الصعبة": تكليف أم تأجيل؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار