موريس متى -"النهار"
خرج تقرير صندوق النقد الدولي النصف سنوي عن آفاق الاقتصاد العالمي للعام 2020 ولحظ فيه توقع انكماش قياسي للناتج المحلي اللبناني بنسبة تقارب 25%، فبحسب المؤسسة الدولي، من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في لبنان 18.7 مليار دولار في العام 2020 مقابل 52.5 مليار دولار في العام 2019، بعدما سجل الاقتصاد نسبة إنكماش قاربت (-6.9%).
أسباب عدة ساهمت في توقع هذه النسبة القياسية من الانكماش الاقتصادي للعام الحالي، من أبرزها استمرار الازمة الاقتصادية والنقدية التي اندلعت في الربع الأخير من العام 2019 بالإضافة الى تبعات تعثر لبنان في تسديد ديونه وتعليق المدفوعات من دون خطة واضحة لإعادة هيكلة الدين ومفاوضة الدائنين، كما تضاف اليها تبعات انتشار فيروس كورونا وما ترافق معه من إقفال للبلاد وتعطل عمل قطاعات عديدة، مما وجه ضربة قاضية للقطاع الخاص. ومن ابرز الاسباب التي عززت هذا الانكماش وزادت من حدته للعام الحالي انفجار مرفأ بيروت وتبعاته على الاقتصاد، والاهم تبقى الازمة السياسية والانقسامات الداخلية، وهذا ما أشارت إليه مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا عند تأكيدها على استعداد الصندوق لمساعدة لبنان لكنه بحاجة إلى شريك في الحكومة اللبنانية، مؤكدة ان الانقسام المستمر في لبنان يعيق البلاد ويمنع التقدم في خطة اقتصادية جديدة ويجر لبنان إلى الأسفل. كما توقع تقرير صندوق النقد الدولي أن يترافق الركود الاقتصادي في البلاد بالتوازي مع توقعات بارتفاع في نسب تضخم الأسعار من 7% في العام 2019 إلى 145% في العام 2020، مع استمرار تردّي الأوضاع النقدية نتيجة التفاوت الملحوظ بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف السائد في السوق الموازية. أما بالنسبة إلى أداء المالية العامة، فتشير توقعات صندوق النقد الى ارتفاع مرتقب لنسبة العجز المالي العام إلى الناتج من نسبة تقارب 10.5% في العام 2019 إلى نسبة 16.5% في العام 2020 توازياً مع التراجع الملحوظ في الإيرادات العامة هذا العام.
بالفعل، تستمر الايرادات العامة لخزينة الدولة بالتراجع مع تراجع مستمرة بالإيرادات الضريبية وإيرادات الضريبة على القيمة المضافة توازياً أيضاً مع تراجع للإيرادات غير الضريبية بالمقارنة، وبشكل كبير جداً، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الفائت.
اللافت في الارقام المالية الصادرة عن وزارة المال والتي حصلت "النهار" على نسخة وتتضمن الأرقام المالية المحققة حتى نهاية شهر ايلول 2020 مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019، ما يتعلق بأداء القطاع العقاري في لبنان والعمليات العقارية وإيرداتها على الدولة اللبنانية التي ارتفعت بشكل قياسي في اول 9 أشهر من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019. وفي التفاصيل، ارتفاع الحجم الاجمالي للرسوم العقارية المستوفاة من القطاع العقاري بنسبة 150.56% خلال شهر ايلول الفائت وحده مقارنة بالشهر ذاته من العام 2019، بعدما ارتفع حجم تحصيل هذه الرسوم بنسبة تخطت 84% في شهر تموز 2020 حيث زادت بنسبة 332.94% مقارنة بشهر آب 2019. وفي المحصلة، سجل مجموع الرسوم المستوفاة عن العام 2020 الى 756 ملياراً و 404 ملايين و 151 الفاً و 500 ليرة في أول 9 أشهر من العام 2020 مقارنة بأمانات السجل العقاري والمحاكم العقارية في لبنان. أما بالنسبة إلى مجموع المعاملات والعقود التي أنجزت خلال أول 9 اشهر من العام 2020 فقد وصل عددها الى 110435 عقدا ومعاملة بالمقارنة مع 107.42 عقد ومعاملة في الفترة ذاتها من العام 2019، فيما وصلت نسبة الزيادة في مجموع العقود والمعاملات العقارية بين آب 2020 و أيلول 2020 ما يقارب 64.22%.
تبرر مصادر وزارة المال هذا الارتفاع الكبير بالطلب المرتفع على العقارات والشقق كاستثمارات بديلة من الودائع في المصارف، وبعد إجراء الكم الاكبر من هذه العمليات عبر شيكات مصرفية وهي وسيلة اعتمدها عدد من المودعين للإستفادة من اموالهم في ظل الأزمة المصرفية والنقدية الحالية والقيود المصرفية المفروضة، كما تؤكد المصادر ان ما رفع من حجم الرسوم العقارية المستوفاة من وزارة المال تهافت العديد من المواطنين لتسوية بعض المخالفات والاستفادة من بعض الاعفاءات والاهم الاستفادة من تدهور سعر صرف الليرة في السوق، مما جعل من القيمة الحقيقية المستحقة على متأخراتهم أو تسوية مخالفاتهم، أقل بكثير من قيمتها منذ العام 2019 وما قبل. بالفعل، هذا ما تؤكده المصادر في الدوائر العقاري، حيث تشهد تقدم العديد من المخالفين بطلبات لتسوية مخالفاتهم أو إنجاز عمليات التسوية أو إتمام عمليات الفرز لمبان وعقارات، والاستفادة من الاعفاءات والتهسيلات والاهم الاستفادة من تدهور سعر صرف الليرة في السوق الموازية.