لا يمكن الاستهانة بأي من العوارض الشديدة
ليلي جرجس -"النهار"
في وقت يتسابق العلماء وشركات الأدوية على إيجاد اللقاح المنتظر لـ"كورونا"، تنكشف يوماً بعد يوم دلائل أخرى ودراسات تشير إلى حجم الآثار والمضاعفات التي قد يُخلّفها الفيروس أثناء الإصابة أو حتى بعد شفاء المريض.
يبدو أن مرض "كوفيد-19" لا يتوقف على تلف الرئة، بل يطال القلب أيضاً. فما يُحدثه هذا الفيروس من تدمير لخلايا القلب التي تؤدي إلى التهاب في العضلة يُقلق أيضاً الأطباء ويجعلنا نتعامل معه بحذر أكبر خصوصاً بعد رصد ارتفاع وزيادة في مستويات التروبونين troponin التي تكشف تعرض القلب للضرر.
وفي هذا الإطار، يشرح مدير وحدة العناية القلبية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية الدكتور هادي سكوري في حديثه لـ"النهار"، أن "مرض كوفيد-19 الناتج من فيروس كورونا المستجد يحتوي على مواد وراثية يمكن أن تُصيب الخلايا البشرية التي ستتضاعف بعد ذلك، وتُنتج المزيد من الفيروسات".
وتكشف الدراسات والتجارب أن الفيروس يُصيب الرئة والقلب والدماغ والكلى، وعليه لا يمكن الاستهانة بأي من العوارض الشديدة خصوصاً عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو مشكلات صحية أخرى.
مما لا شك فيه أن مضاعفات الفيروس وخطورته تزدادان كلما تقدم المريض بالسن (أكثر من 70عاماً) إضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية أخرى تؤثر على القلب مثل السكري وارتفاع الضغط والكولسترول والتدخين...
كما يعاني المرضى الذين يعانون من مشكلات في الجهاز التنفسي من مضاعفات الفيروس، إضافة إلى أمراض القلب أو الذين خضعوا لجراحات في القلب كعملية القلب المفتوح، او روسورات، او انسداد في الشرايين، او قصور في عضلة القلب، أو عانى من نوبة قلبية سابقة... من دون أن ننسى مرضى السرطان او الذين يعانون من ضعف في المناعة، وجميعهم هم عرضة أكثر لمضاعفات الفيروس على صحتهم مقارنة بالأشخاص العاديين.
وفق سكوري "ما يقلقنا الإصابة بإلتهابات رئوية حادة تستدعي وضع المريض على الجهاز التنفسي وقد تتطور حالته أكثر وتؤدي إلى الوفاة. ولكن نعرف أيضاً أن الفيروس لا يُصيب فقط الجهاز الرئوي بل أيضاً الدماغ والكلى والقلب. وقد يُصاب القلب والشرايين بطرق مختلفة، إذ أظهرت الدراسات الأخيرة أن حوالى 28% من المرضى المصابين بالفيروس يرتفع عندهم الـtroponin الذي يشير إلى إصابة خلايا في عضلة القلب.
وأكثر المرضى الذين يرتفع عندهم التروبونين هم مرضى القلب او خضعوا لجراحة في القلب ومرضى السكري، الضغط، البدانة وتقدم العمر، وبالتالي هم معرضون أكثر لمضاعفات نتيجة الفيروس وحاجتهم إلى دخول المستشفى".
وعند الإصابة بالفيروس، قد يُصاب القلب بطريقة مباشرة عبر إصابة خلايا القلب التي تُصاب بخلل وتؤدي إلى موت هذه الخلايا والتي نُطلق عيها تسمية Myocarditis أو التهاب عضلة القلب، أو إصابة القلب من خلال الإلتهابات القوية في الجسم بعد يومين إلى أسبوعين من إصابة المريض بالفيروس والتي تؤثر بطريقة غير مباشرة على القلب.
يؤدي الفيروس إلى التهاب شرايين القلب بذاتها التي تُسبب انسداداً وتؤدي بالتالي إلى تخثر الدم أو جلطات قلب. وأحياناً تُسبب بعض الأدوية المعالجة لفيروس كورونا مضاعفات في كهرباء القلب أو في القلب مباشرة. كذلك يؤدي نقص البوتاسيوم الزائد إلى كهرباء قلب مميتة.
ويوضح سكوري أنه "عند حدوث مشكلات في القلب ويفرز الـtroponin فهذا يشير إلى أن المريض مُعرّض أكثر من غيره لمشكلات صحية خلال وجوده في المستشفى أو بعد تماثله للشفاء من الفيروس.
وقد كشفت الدراسات أن الصورة المغناطيسية للقلب تكشف لنا مدى إصابة القلب بالتليف الناتجة من إلتهابات كورونا. ومن المهم أن نشير إلى أنه أحيانا تكون نسبة التروبونين طبيعية عند المريض ومع ذلك يعاني من التهابات في عضلة القلب بسبب الفيروس.
إذاً من المهم جداً لمريض كورونا مراقبة قلبه ليس فقط خلال علاجه او إصابته بالفيروس بل أيضاً متابعته في مرحلة ما بعد الشفاء. لذلك على كل مريض كورونا عانى من عوارض أن يراقب قلبه وأي خلل في تسرع كهرباء القلب، عدم انتظام في دقات القلب، دوخة، ضيق تنفس أو آلام في الصدر وعدم إهمالها لأنه معرّض لمضاعفات الفيروس مثل تجلطات رئوية أو قلبية أو تخثر في الدم، أو جلطات في شرايين القلب أو ضعف في عضلة القلب.
ويستند سكوري إلى الدراسات التي "أظهرت أن نسبة الوفيات في بعض الدول ارتفعت أكثر من المتوقع مقارنة بعام 2019 عند ظهور الجائحة في العالم. ويعود أسباب ذلك إلى:
مشكلات في القلب الناتجة من الإصابة بالفيروس بطريقة مباشرة على القلب او غير مباشرة من خلال الالتهابات القوية في الجسم. مرضى قلب يعانون من عوارض وتوقف القلب أحياناً. وقد كشفت الدراسات أن الجطات القلبية تزيد نتيجة الإصابة بالفيروس، لذلك في حال شعر المريض خلال فترة إصابته أو بعد شفائه أي ألم في الصدر وهو يعاني من مشكلات صحية أخرى عدم إهمال العارض واستشارة الطبيب".