الخارجية أيضاً من الاولويات الاصلاحية | أخبار اليوم

الخارجية أيضاً من الاولويات الاصلاحية

| الجمعة 23 أكتوبر 2020

ما يحتاج اليه لبنان راهنا هو استنساخ دور ابرهيم ديبلوماسيا في الحكومة الجديدة

روزانا بومنصف -"النهار"


طرح الهامش الكبير الذي يتمتع به المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم من خلال زيارة لواشنطن ولقائه مسؤولين في الادارة الاميركية سؤالا كبيرا لا يتعلق بصفات الرجل او قدرته على تنمية علاقات امنية وربما ايضا سياسية متعددة فحسب بل يتعلق بواقع مدى حاجة لبنان الى ديبلوماسية تتمتع بهامش مماثل لا بل ايضا بسياسة خارجية يمكن ان تعيد الى لبنان دوره. ولا يخفى ان التعاطي الامني يختلف ولا ينضبط ضرورة من ضمن الاعتبارات السياسية بل يخرج عنها كما هي الحال في النموذج الاكثر حداثة على هذا الصعيد من كشف زيارة مسؤول كبير في الادارة الاميركية الى دمشق للبحث في اطلاق الاميركي اوستن تايس وسواه فيما تستمر الادارة الاميركية في فرض العقوبات على النظام. ويلقى تحرك ابرهيم مقبولية واسعة نتيجة اضطلاعه بهذا الدور الذي لا ينحصر بلبنان بل يشمل دول المنطقة على غرار مساهمته في اطلاق نزار زكا من ايران وزيارته الاخيرة الى واشنطن ترتبط بتكريمه تحت هذا العنوان لكن ابرهيم اولي مهاما سياسيا على غرار تكليفه زيارة الكويت قبل اشهر ايضا نتيجة علاقاته الجيدة والوثيقة مع جهات عربية متعددة فيما لم يول انذاك وزير الخارجية ناصيف حتي هذه المهمة على رغم علاقاته الجيدة مع الدول العربية . ومعلوم ان بعض الدول لا سيما العربية في شكل خاص لا تتطلع الى التعاطي الامني من جانب لبنان بل تتطلع الى التعاطي الديبلوماسي والسياسي الذي يفرض عليه حظر غير مفهوم يحجره في اطار مغلق منذ تسلم التيار العوني وزارة الخارجية وابقاء فريقها حكرا عليه فيما ان العهد تجاهل ذلك في اطار تمحوره في محور سياسي اقليمي ما ساهم في انهاك عهده وافشاله لكن الاهم متسببا بعزلة لبنان وقطيعة الدول العربية معه . فالنجاح والقبول اللذان يحققهما ابرهيم على صعيد غالبية المهمات التي يتولاها يثيران التساؤل المنطقي اذا كانت المرحلة المقبلة مع حكومة جديدة لا تتطلب اخراجا لسياسة خارجية مختلفة يمكن ان يلعبها لبنان في اعادة ترميم العلاقات المدمرة مع دول الخليج العربي في شكل خاص او ان اهل السلطة الممسكين بها واقعا كانوا يرغبون ولا يزالون بحصر هذه العلاقات بالجانب الامني فيما لا يرضى الخارج بذلك لا سيما الدول الخليجية.فاعتماد او تبني اسلوب اللواء ابرهيم في السياسة الخارجية من شأنه ان يبقي دور لبنان محوريا وحياديا بالمقدار الذي يسمح له التمتع بموقع مميز كصلة وصل بين الجميع وعاملا على حل المشكلات العالقة في ما بين المحاور المتنازعة. ينكشف بدور ابرهيم دور العهد في هذا الاطار وانفصام رسمي لبنان لم ينجح اعتماده على قاعدة ان ابرهيم يمكن ان يكون جوكر لكل المحطات وفي كل الاوقات الصعبة والبديل من سياسة خارجية مرفوضة او ممنوعة او تحت الضغط او لمصالح شخصية.

ما يحتاج اليه لبنان راهنا هو استنساخ دور ابرهيم ديبلوماسيا في الحكومة الجديدة الى جانب تصويب الحقائب الاساسية المطلوبة في المبادرة الفرنسية للاصلاح والتي تتصل في شكل خاص بالكهرباء والاتصالات والعدلية . فهذه وزارات يتعين الا تخضع اطلاقا للسياسة التي ادراتها في الاعوام الماضية فيما تركز المبادرة الفرنسية على التصحيح الجذري وكذلك صندوق النقد الدولي الذي يرى ثغرا كبيرا في هذه الوزارات ومؤسسات اخرى. الا ان السياسة الخارجية تشكل احداها وعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة يجب ان تكون عنوانا اخر لذلك من منظار ان الدعم الخارجي ايا يكن لا يمكن ان يكتفي منه لبنان من دون الدعم العربي والخليجي تحديدا. فابرهيم لم يستطع ربما استثمار علاقاته الوثيقة في بعض الدول العربية في اتجاه ملفات سياسية في ظل قرار سياسي عدائي في جوهره ولا يؤمن التغطية السياسية العلنية اللازمة . وهذا الموضوع اثاره البعض ابان تكليف ابرهيم زيارة الكويت قبل اشهر من اجل تأمين دعمها ومساعدتها فيما ان جوهر المشكلة في مكان اخر.

مع اعادة تكليف الحريري يخشى البعض ان يكون الوضع اكثر صعوبة فيما يرى اخرون ان عدم تسميته من الجميع يحرره من ضغوط قوى معينة كانت تسعى الى فرض شروطها وسياستها عليه. ففي الافق القريب جدا هناك المؤتمر الذي تعده فرنسا من اجل مساعدة لبنان وسيضطر لبنان ان يقبل بمشاركة رمزية من الدول الخليجية فحسب في انتظار خطوات لاحقة تبرز تعديلا في سياسته الخارجية لان التغيير المنتظر ليس في الاقوال بل في الافعال ايضا. والتسوية حول ترسيم الحدود مع اسرائيل الذي افتتحها الثنائي الشيعي يفترض ان تحل بعض العقد من زاوية العداء الذي كان يرفعه الحزب في وجه الولايات المتحدة فيما قبل بوساطتها في الحدود وفيما لا يحتج على تكريم اللواء ابرهيم في واشنطن واستقباله من مسؤولين اميركيين كبار علما انها ليست المرة الاولى له. كما ان هناك مؤتمر برشلونة لمنتدى دول المتوسط في تشرين الثاني المقبل ويحتاج لبنان الى كل الدعم الخارجي فيما سيبدو فادحا اعتماده وانفتاحه على الدول الغربية مع استمرار العداء للدول الخليجية.

ليس هناك من ضمان لان يتمكن سعد الحريري من تأليف الحكومة ومن المرجح في حال تعطيل مهمته ان يخرج تشكيلته المرفوضة الى الرأي العام ويكشف الدور المعرقل لتأليف حكومة جديدة. وفيما لا يملك هو عصا سحرية وبات يمتلك اوراقا لا بأس بها قياسا الى عام صعب جدا وقياسا الى عدم تلبية الكتل النيابية والنواب تلبية طلب رئيس الجمهورية ب" تحكيم ضمائرهم " برفض تكليفه . هذه الاوراق عززت وضعه عما كان عليه خلال العام المنصرم وحتى في الحكومة الاولى من عهد الرئيس ميشال عون ، ما يفرض عليه توظيف هذه الفرصة لتعديل مهم اولا على وقع وضع يحتاج الى انقاذ وكل دعم خارجي ممكن وعلى وقع تبلور حالة دافعة في اتجاه حياد ايجابي للبنان ولو اختلف الافرقاء حول توصيفه لكن يعتقد كثر ان التحولات التي حصلت ربما تساعد في ذلك اذا تألفت الحكومة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة