بين المتوقع والموعود والمستحيل ... اي حكومة لشراء الوقت محكوم عليها قبل ولادتها | أخبار اليوم

بين المتوقع والموعود والمستحيل ... اي حكومة لشراء الوقت محكوم عليها قبل ولادتها

| الإثنين 26 أكتوبر 2020

لا تمويل في العام ٢٠٢١ الا اذا برهنت الحكومة استقلاليتها عن التسييس... فهل تنجح؟!
حذاري التصرف بالذهب للاستمرار بسياسية شراء الوقت لحين انتخابات 2022


حاصباني لـ"أخبار اليوم": كي تصدق الوعود... هذا هو المطلوب!

خاص "أخبار اليوم"
وعود كثيرة بالإصلاحات قطعت من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري لا جديد فيها مقارنة بما وعد خلال مؤتمر سيدر وقبله وبعده. منها إصلاح الكهرباء والهيئات الناظمة وإعادة النظر بالقطاع العام وإطلاق لجنة لمتابعة مشاريع "سيدر" وتشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء واقرار قوانين بعنوانين اصلاحية رنانة وإصلاح الجمارك والحدود وغيرها. اضافة الى الوعود بالحلول المالية والنقدية القصيرة المدى عبر التفاوض مع صندوق النقد الدولي.


الاصلاحات لم تعد كافية
وقد اشار نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني الى ان الإصلاحات لم تعد كافية بعدما تأزم الوضع، بالرغم من ضرورة القيام بها، منها اعادة إعمار المرفأ وبيروت وتصويب الوضع الصحي والاجتماعي المنهار، وهناك خطوات إضافية مطلوبة لتأمين السيولة على المدى القصير، مما يتطلب مجهودا سياسيًا مضاعفا وثقة محلية ودولية بالحكومة والحكم. كما ان هيكلية حوكمة الدولة أصبحت بحاجة لإعادة نظر شاملة، تؤمن تلك الثقة. فالإصلاحات الآنية تتطلب ضخ حجم كبير من السيولة عبر ودائع كبيرة في مصرف لبنان من الخارج وتمويل خارجي مباشر للخزينة وزيادة في تحاويل المغتربين لن يأتي من أحد الا إذا تبدلت التصرفات السياسية، وجرت إصلاحات جدية، وأعيدت الثقة بالقطاع المصرفي.
في حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، قال حاصباني: كي تصدق الوعود، أول ما هو مطلوب ان تشكل حكومة مستقلة تماما عن المحسوبيات والحسابات السياسية، وإذا أتت تسميات الأشخاص من أفرقاء سياسيين، فسيخضع هؤلاء حكما إلى التجاذبات السياسية عاجلا ام آجلا وإلا فيستقيلون من دون احراز تقدم في الإصلاحات، الامر الذ يجعل من أي عملية إصلاح حقيقية غير قابلة للتطبيق.


واضاف: إن اعتمدنا على نجاح التسوية الحالية، فأي حل يتطلب التفاوض مع صندوق النقد والاتفاق على خارطة طريق، وذلك يحتاج إلى ٤ أشهر على الأقل، واذا تم الاتفاق يحصل بعدها لبنان على دفعة أولى لا تتعدى ٤٠٠ مليون دولار.
واشار الى ان المطلوب قبل الحصول على الدفعة الثانية من قبل الصندوق، إجراءات عملية قد تتضمن رفع الدعم وزيادة الضريبة على القيمة المضافة وزيادة تعرفة الكهرباء وغيرها من الخطوات غير الشعبية، التي لن تجرؤ حكومة رئيسها زعيم سياسي ووزراؤها مرتبطون بجهات سياسية على اتخاذها، كما ان هذه الاجراءات تستغرق وقتا طويلا قد يمتد إلى ما بعد نهاية ٢٠٢١ في أحسن الأحوال.
وماذا عن مصادر التمويل السريعة الأخرى، اجاب حاصباني: هي تأتي بشكل ودائع من الدول الصديقة التي على الأرجح لن تتحرك قبل الجزم بأن لبنان لن يُستعمل كقاعدة لشن اعتداءات معنوية وسياسية وأمنية على مصالحها، أي ليس قبل إنجاز الحياد التام للبنان من قبل كل أفرقائه. وذكر ان الجميع يعلم المواقف الرافضة لذلك من البعض، مما يعني ان هذا الدعم لن يأتي على المدى المنظور.

وعلى ماذا يعولون؟
وانطلاقا مما تقدم رأى حاصباني ان كل هذا يعني أن لا تمويل في العام ٢٠٢١ الا اذا برهنت الحكومة استقلاليتها عن التسييس، وقدرتها على اجراء الإصلاحات، والحياد. وقال: كل هذه الشروط كانت قائمة منذ أكثر من أربع سنوات ولم يحقق منها شيء، فماذا تغير الآن لكي تحقق بسحر ساحر؟ اللاعبون أنفسهم، مقاربة التشكيل عينها، الوعود ثابتة وآليات تطبيقها غير واضحة. فماذا يتوقع اللاعبون السياسيون الأساسيون في الحكم بأن يتغير وعلى ماذا يعولون؟
وتابع: حتى الآن يبدو أن التعويل هو على شراء الوقت ريثما يحدث تبدل ما في الوضع الدولي والإقليمي يتيح لبعض الدول ان تقدم المساعدات وتغض النظر عن عدم تحقيق اصلاحات فعلية مقابل تسويات سياسية، آملين بدل ان يدفع ثمن الدعم بخطوات اصلاحية، قد يدفع بتسويات سياسية، ويبقى اللاعبون بعد ذلك في لعبة تقاسم الغنائم.


بعد التهويل برفع الدعم
واعتبر حاصباني ان ما يحدث اليوم هو نوع من تخدير للرأي العام وشراء الوقت مع المجتمع الدولي والشعب اللبناني. فبعد التهويل برفع الدعم، نرى ان إبقاءه جعل من الناس يتنفسون الصعداء ويعتقدون ان ابقاء الدعم بحد ذاته هو إنجاز بدل الإصلاحات. والأموال المتاحة للدعم قد تكفي إلى شباط أو آذار ٢٠٢١ اذا تم ترشيده، بعد ذلك سيضطر مصرف لبنان بدعم من السلطة ان يلجأ إلى التصرف باحتياطات المصارف أو الذهب لأن لا خيارات بديلة.
واشار الى ان الحل الأول سيلقى اعتراضا عارما من قبل المصارف، أما الثاني فقد يمر تحت تسميات يمكن تسويقها لدى الرأي العام مثل التأمين أو التأجير أو خليط من الاثنين. حيث يتم رهن جزء من الذهب يساعد على الاستمرار بسياسة الدعم المقننة لمدة سنة ونيف توصل السلطة إلى موعد لإنتخابات النيابية في ٢٠٢٢ بأمان، إضافة إلى تأجير الجزء الأكبر من الذهب بما يكفي لتسديد فوائد رهن الجزء الآخر منه. بذلك يمكن للسلطة أن تمرر الوقت في حين توهم الناس بأنها تقوم بالإصلاحات كما كانت تحاول في السابق.

من الكهرباء الى القوانين المستحدثة
وفي هذا السياق، قال حاصباني: نسمع كلامًا عن حلول للكهرباء بالتفاوض المباشر مع الشركات، أي من دون إدارة المناقصات، وتلزيم المعامل لكن لا حلول عملية لتمويل هذه المعامل في ظل هبوط التصنيف الائتماني للبنان بعد التمنع عن سداد الديون من دون حلول أخرى في الأفق أو خطط. أضف الى ذلك عدم التطرق الى الإصلاحات في الشبكة ونظم الفوترة والتحصيل لايقاف الهدر قبل زيادة الإنتاج.
وتابع: كما نسمع وعودًا حول ضبط الجمارك وإقفال المعابر غير الشرعية لمنع تهريب المحروقات والأدوية والسلع الى سوريا من دون ان نلمس أي تقدم يذكر في السنوات الثلاث الفائتة، سائلا: ماذا سيتغير الآن؟
واستطرد حاصباني للقول: أما بالنسبة الى فائض الموظفين في الإدارة العامة، فمن سيتخذ القرار بإعادة النظر بأكثر من ٣٤ ألف وظيفة تم التعاقد عليها خارج الأصول، وقد يكون بعضها ضروريا لكن حكما بغالبيتها يمكن ان يتم الاستغناء عنها لصالح الموظفين والوظائف الحقيقية في القطاع العام، ولتخفيض الكلفة. وسأل: هل يكفي الكلام عن اجراء دراسة حول الصناديق والمؤسسات العامة؟ علمًا ان لجنة المال والموازنة قد قامت بتدقيق مفصل في هذه الوظائف ولدى مجلس الخدمة المدنية صورة كاملة عنها، ولم يبق الا اتخاذ القرار!


كما تطرق حاصباني الى القوانين الاصلاحية المستحدثة مثل قانون الشراء العام الذي يطيح بدور ادارة المناقصات بتقليصهه ووضع السلطة بيد الوزير، مع بعض الإجراءات التي توحي شكلًا بالشفافية، مشددا على ان هذا القانون يتطلب تعديلات عديدة قبل ان يصبح إصلاحيا بالفعل، ولكن إلى ذلك الحين لماذا لا يطبق قانون المحاسبة العمومية الحالي في الصفقات العمومية؟ هل لأن نقاش قانون جديد يساعد على شراء الوقت ويعطي حجة لعدم تطبيق القانون الحالي كي تجري الصفقات تحت ذريعة العجلة والإنقاذ؟
وسأل ايضا: أين أصبح قطاع الاتصالات الذي يتجه بسرعة نحو موقع قطاع الكهرباء بعد ما كان مصدرا تمويليا أساسياً للدولة؟ وحذر من انه بعد التأخر في تطبيق القوانين القائمة منذ ٢٠٢٠، أصبح من الأصعب اليوم تحقيق الإصلاح مع نتائج سريعة الذي يتطلب سنوات من الوقت.


أكثر من ٧٠٪؜ من اللبنانيين فقراء
واستنتاجًا من كل ما سبق، ختم حاصباني: ان مفاعيل أي إصلاحات إذا بدأت لن تظهر قبل سنوات، وان الأزمات المتراكمة لن تجد حلًا سريعًا خاصة في قطاع الصحة المنهار والتعليم المتدهور والأمان الاجتماعي المطلوب بعد ما أصبح أكثر من ٧٠٪؜ من اللبنانيين فقراء. فأي حكومة يمكنها القيام بكل ذلك وهي تخضع للتجاذبات السياسية والمحاصصة تحت سيطرة قوى سياسية تلعب لعبة شراء الوقت من دون التمكن من اجراء إصلاح حقيقي؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار