وراء المشروع المخرج شادي حنا
ميشال نجيم – "أخبار اليوم"
اعتباراً من ١٩ تشرين الاول الجاري، صار بإمكان أكثر من ١٩٥ مليون مشترك في منصة نتفليكس في مختلف دول العالم، مشاهدة مجموعة من الأفلام اللبنانية من بينها الفيلم الكوميدي "خبصة" (عنوانه بالإنكليزية What did I mess) وذلك بعد نحو عامين على اطلاقه في الصالات اللبنانية حيث حقق ارقاماً عالية على شباك التذاكر. بلغت تكلفة الفيلم ٤٥٠ ألف دولار أميركي بحسب موقع IMDB، وقد شارك في أكثر من مهرجان دولي وعُرض تجارياً في دبي عام ٢٠١٩.
الفيلم وهو من إخراج شادي حنا، يعالج على مدى ساعة وأربعين دقيقة من الوقت، بحوارات سلسة فيها الكثير من خفة الدم، مشاكل المجتمع اللبناني الذي لا يزال معظم افراده يخاف من مواجهة الامور كما هي من دون تجميل او نفاق.
نتابع في الفيلم قصة فارس ونايلة (جنيد زين الدين ورولا بقسماتي) اللذين ينفصلان عن بعضهما البعض بعد علاقة قوية استمرت أربع سنوات وذلك بسبب الظروف المادية لفارس التي لا تسمح له بالزواج. تقرر نايلة دفع حبيبها لطلب يدها من خلال خطة محكمة تحيكها مع أصدقائها خلال عشاء في بيتها. وتختلط الأمور لتتحول تدريجياً الى "خبصة" بعد تداخل الأحداث ببعضها البعض تماماً كما يشير عنوان الفيلم. ويتناول الشريط مشكلات الزواج والحب والمساكنة والطبقية والعمر الثالث وسواها، ضمن قالب جدّي وساخر في آن، انما بعيداً عن طابع الدراما والمعاناة.
أداء رولا بقسماتي في الفيلم اتى طبيعياً وعفوياً فلفت الأنظار اليها وأشاد عدد من النقاد به، بعد أشهر من تجربتها التمثيلية الاولى في المسلسل اللبناني "أصحاب تلاتي" التي لم تقدّم لها الكثير، هي التي عرفها الجمهور لسنوات مقدمة برامج على شاشة المستقبل (غادرتها عام ٢٠١٧). اما جنيد زين الدين فقدّم على أكمل وجه دور الشاب اللبناني الذي يعيش صراعاً ما بين الانفتاح والتقليدية فبرع في اللعبة السينمائية في تجربته الاولى (يؤدي زين الدين ايضاً دوراً جميلاً في الفيلم القصير "بترون" للمخرجة انغريد بواب ضمن سلسلة Beirut 6:07).
يشارك في "خبصة" ايضاً مغني الاوبرا ماتيو الخضر الذي اشترك العام الماضي في النسخة الفرنسية من برنامج المواهب The voice مقدماً اداءً مبهراً من دون أن يوفّق، وهو في الفيلم لعب دوراً جريئاً (بالمعايير اللبنانية) هو دور أليكس المثلي، وقد تردد قبل الموافقة على القيام به الا انه تمكن من تقديمه بنجاح.
ولا يمكن بطبيعة الحال الحديث عن "خبصة" من دون التوقف عند صانعها شادي حنا (يطل كضيف شرف في الفيلم) الذي عرفه مشاهدو التلفزيون منذ أكثر من خمس وعشرين سنة مخرجاً للبرنامج الكوميدي الأشهر في لبنان SLCHI (والفيلم السينمائي الطريف الذي ولد من رحم البرنامج) وصولاً الى لمساته على البرنامج الترفيهي الساخر "لهون وبس" العائد الى شاشة LBCI بعد استراحة صيفية. حنا الذي اخرج الفيلم وكتبه ايضاً (شارك في الكتابة عبودي ملاح، أحد ابطال العمل) وفّر كل مقومات النجاح للعمل، فالفريق التمثيلي كان متجانساً والكاميرا محترفة والديكورات حديثة وزاهية رغم مواقع التصوير القليلة التي استعملها.
بيقى ان نشير الى ان الموسيقى التّصويرية الكاملة للفيلم حملت توقيع الفنان مايك ماسي في تجربة لم تكن الاولى له في هذا المجال (نذكر الموسيقى التصويرية التي قدّمها عام ٢٠١٢ لفيلم تنورة ماكسي) لكنها اضفت رونقاً جميلاً على العمل.
فيلم "خبصة" يستحق المشاهدة (او إعادة المشاهدة) في هذه الاوقات المليئة بالسواد اذ يحقّ لنا بجرعة من الكوميديا البسيطة غير المبتذلة لنرفّه عن أنفسنا قليلاً، لعلّ الابتسامة التي سيرسمها على وجوهنا تنسينا لدقائق ما نحن فيه وما نحن مقبلون عليه (للأسف الشديد) في بلد بات حاله اشبه بأفلام الرعب المملة.