الحكومة اليوم استباقا لتوظيف التطورات ! | أخبار اليوم

الحكومة اليوم استباقا لتوظيف التطورات !

| السبت 31 أكتوبر 2020

اذا تأخرت الولادة حتى يوم الاثنين او ما بعده فان الزخم الذي اكتسبه تكليف الحريري سيبخبو

روزانا بومنصف -"النهار"


لا يتعاطى الافرقاء السياسيون مع عملية تأليف الحكومة العتيدة على انها حكومة مهمة بحيث تكون حكومة اسعاف للواقع اللبناني النازف كما يرغب فيها الفرنسيون او كما انتدب الرئيس سعد الحريري نفسه من اجل تأليفها من اجل ان تكون لستة اشهر فحسب تجمد الوضع الانهياري بداية وتضع لبنان على مسار تفاوض جدي مع صندوق النقد الدولي. هم يتعاطون معها على انها حكومة يرجح انها ستبقى الى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون فيما يدخل ثلثها الاخير اليوم وربما الى ما بعد نهاية هذه الولاية في حال شاء المعطلون التقليديون تعطيل الانتخابات الرئاسية كما فعلوا في نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان من اجل فرض انتخاب عون بعد سنتين ونصف السنة من تعطيل البلد ومنع توفير النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية. حكومة الرئيس تمام سلام التي تولت المرحلة الانتقالية بين نهاية عهد سليمان وبداية عهد عون كانت حكومة وزراء تصرف كل منهم بمثابة رئيس للجمهورية. هناك شكوك كبيرة حول ولادة الحكومة مبنية في شكل خاص على الكلمة التي ادلى بها رئيس الجمهورية قبل 24 ساعة من موعد الاستشارات النيابية الملزمة تاركا انطباعات قوية ومستغربة جدا حتى الان لصدور موقف مماثل عن رئيس للجمهورية ، ان تأليف الحكومة لن يكون سهلا او هو لن يسهله اذا لم يحتكم النواب الى ضمائرهم كما قال في كلمته في موضوع تسمية الرئيس الحريري .
كما ان هذه الشكوك مبنية على التسريبات الاعلامية والتي كشف قصر بعبدا صدورها من المحيطين برئيس الجمهورية في بيانين منفصلين متتاليين يتحدثون عن مواصفات ومعايير وتشكيلة وزارية فهمت غالبية الاوساط منها الحرتقة على تأليف الحكومة. هذه الشكوك تطغى على رغم بعض التأكيدات التي تفيد بامكان ولادة الحكومة في الساعات المقبلة لئلا يدخل عون السنة الخامسة من ولايته فيما يئن البنانيون من الانهيار الذي ضربهم على كل المستويات ، وهو امر يخشى في حال عدم حصوله ان يعطي مؤشرات قوية الى ان ما بقي من العهد لن يختلف اطلاقا عما قبله.
المؤشرات التفاؤلية مبنية على جملة معطيات ابرزها ان الضغط الخارجي لا يزال قويا جدا من اجل الاسراع في تأليف الحكومة وضرورة تسهيلها حتى لو كانت الدول المنخرطة في هذا الضغط تتحرك بعيدا من الاعلام لكن الضغط يطاول غالبية الافرقاء المعنيين بمن فيهم رئيس الجمهورية وفريقه. يضاف الى ذلك ان المعلومات تتحدث عن مساعي الرئيس المكلف الى اقفال كل الثغر المحتملة بعيدا من الاعلام مع اصرار على تلبية المعايير الخارجية مقدار الممكن لضمان الثقة بان الحكومة هي لتنفيذ المهام التي ستناط بها وفقا للخطة الفرنسية للانقاذ وكذلك مع الاصرار ايضا على ان كل التسريبات عن التشكيلة المرتقبة او عن اجتماعات خارج اجتماعه مع رئيس الجمهورية بالذات كما يروج البعض ليست صحيحة. وذلك فيما حرص الحريري في المقابل على الوقوف على خاطر البطريرك الماروني بشارة الراعي اثر موقفه الاخير يوم الاحد الماضي متمنيا على الرئيس المكلف عدم وضع المسيحيين وراءه كما قال الراعي. وهذا الموقف استدرج اتصالات في اتجاهات متعددة لكن ابرزها كان ايفاد الحريري مستشاره الدكتور غطاس خوري للقاء البطريرك واتصاله به هو شخصيا مطمئنا اياه الى انه لن يضع لا المسيحيين ولا اي من الطوائف وراءه بل هو يتمسك بكل ما ورد في موقف البطريرك عن حكومة فاعلة لانقاذ البلد. وهذه المبادرة كانت مهمة لانها التفت على محاولات توظيف لموقف البطريرك في ظل تسعير للمواقف الرافضة من افرقاء مسيحيين لاعتبارات مختلفة ومتناقضة لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة لاقتناع خاطىء او صحيح لدى اصحابه بان التسوية الرئاسية يمكن ان تعود الى الحياة في شكل او في اخر.

لكن اذا تأخرت الحكومة عن الولادة حتى يوم الاثنين او ما بعده ، فان الزخم الذي اكتسبه تكليف الحريري وفقا لما ظهر على الاقل في تراجع سعر الدولار الاميركي في اليومين التاليين لتكليفه رئاسة الحكومة سيبخبو ولو نسبيا لمصلحة تأكيد المخاوف ان الافرقاء السياسيين يمارسون الاعيبهم كما في السابق غير ابهين لا بانفجار 4 آب او بتداعياته ولا بتداعيات الانهيار الذي يعبر عن نفسه اكثر فاكثر في فقدان الدواء واستنزاف المستشفيات او باستمرار وجود رغبة خارجية لمساعدة لبنان في هذه المرحلة اذا احسن اختيار حكومة تتولى اجراءات اصلاحية سريعا. ثمة مخاوف ينقلها البعض عن متصلين بديبلوماسيين غربيين من ان عدم انجاز الحكومة سريعا قد يسمح للبعض بتوظيف تطورات او احداث على غرار الاهمية الكبرى التي يعلقها البعض على نتائج الانتخابات الاميركية من اجل رفع سقف الشروط وتاليا عرقلة تأليف الحكومة .
وهو امر قد يجد افرقاء اقليميون مصلحة لهم في ذلك فيما ان التداعيات ستغدو كارثية اكثر على اللبنانيين. فالافرقاء السياسيون الذين يحرصون على تأكيد حصولهم على حصة وزارية في الحكومة العتيدة يعتقدون ان هذه الحكومة اذا نجحت في الاشهر المقبلة فهي ستبقى اكثر من ذلك ما لم يطرا ما يطيحها نسبة الى تجارب مماثلة سابقا وستتمكن من الاشراف على الانتخابات النيابية في حال لم ترجىء هذه الانتخابات من اجل تمكين المجلس النيابي الحالي من انتخاب الرئيس المقبل للجمهورية نظرا لمخاوف من تغييرات ملموسة تقلب بعض الموازين السياسية في المجلس النيابي. وهؤلاء لا يعلقون اي اهمية على معاناة اللبنانيين في ظل حساباتهم الخاصة ومصالحهم المباشرة بحيث ان تأخير الحكومة او تعطيلها يجب ان يكون مناسبة لكشف هؤلاء امام الرأي العام اللبناني والخارجي كما هي عليه الامور واقعا. اذاك يكونون على الاقل في مواجهة مباشرة مع الرأي العام وهو ما يفترض ان يحصل في المرحلة المقبلة وعند اي خطوة معرقلة موضوعيا للمسار الاسعافي للوضع الكارثي.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار