الانباء- زينة طباره
قال النائب د. إلياس جرادي في حديث إلى «الأنباء»: «ان الولايات المتحدة الأميركية تخطت وجودها كلاعب دولي أساسي في المنطقة، وأضحت بفعل المتغيرات الأخيرة اللاعب الدولي الوحيد على الساحة الإقليمية، حيث ترسم بالتوازي مع انحيازها إلى الكيان الإسرائيلي، مستقبل دول المنطقة ودورها في الشرق الأوسط الجديد الذي سبق لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة في إدارة الرئيس الديموقراطي باراك اوباما، كونداليزا رايس، ان وصفت الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو 2006 بـ «الولادة القيصرية والقاسية للشرق الأوسط الجديد».
ولفت طبيب العيون جرادي إلى «ان عامل الوقت كفيل بتحديد صحة السياسة الأميركية من عدمها في المنطقة الشرق أوسطية، الا انه ما يعني اللبنانيين في ظل الرسومات الجيوسياسية الجديدة والمتغيرات الكبيرة المستحدثة على مستوى الانظمة، هو موقع الدولة اللبنانية منها، وكيفية الحفاظ على وحدة اللبنانيين وعلى مستقبل بلدهم ككيان سيد حر ومستقل».
وأضاف جرادي: «على رغم عدم وجود لبنان على قائمة الأولويات للإدارة الأميركية الجديدة، الا ان حفنة من فسحات الأمل تظهر بين الحين والآخر في مواقف الاخيرة، لتشي بأن التعاطف مع لبنان الدولة قائم وغير قابل للاندثار».
وتابع: «المطلوب لبنانيا التعاطي بحكمة وعقلانية مع الدور الأميركي الجديد والمتقدم في المنطقة، أي إمساك العصا من الوسط، بما يثبت تموضع الدولة اللبنانية بين إيجابية المرحلة وسلبياتها، وبمعنى أدق بين عدم الرضوخ للسياسة الأميركية، وعدم استفزازها في الوقت عينه وتجييشها ضد اللبنانيين، وهذا بالتالي الرهان الوحيد للحفاظ على الهوية اللبنانية من جهة وعلى وحدة النسيج اللبناني من جهة ثانية. من هنا نشد على يد العهد رئاسة وحكومة في تعاطيه بحكمة موصوفة مع المتغيرات والمستجدات، وبالتالي على سائر القوى السياسية من دون استثناء مواكبة هذه الحكمة، لأن البديل عنها هو الانزلاق إلى عمق المعركة كوقود لها لا كفاعلين فيها».
وبناء على ما تقدم، قال جرادي: «نزع سلاح حزب الله في هذا الوقت بالذات وفي ظل وحشية الممارسات الإسرائيلية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، ينطوي على كثير من الحذر، ويتطلب التعاطي معه بدقة وتعقل، لا بل تستدعي حساسية هذا الملف كيل المواقف منه في ميزان الجواهرجي لمنعه من الانزلاق إلى مساحة قاتمة لا تحمد عقباها، مع الأخذ في الاعتبار تحول اتفاق وقف إطلاق النار إلى أحجية نتيجة التضارب والتناقض في قراءته وتفسير مضمونه، خصوصا لجهة سحب السلاح في منطقة شمال الليطاني.
والجميع بمن فيهم حزب الله يستعجلون تطبيق القرار الأممي 1701 وملحقاته، الا ان السياسة الدولية المتبعة في لبنان والمنطقة بالتوازي مع التسويف الإسرائيلي وإمعانه في التعدي جوا وبرا على السيادة اللبنانية، وإصراره على البقاء في جنوب لبنان يحول دون تطبيقه والانطلاق باتجاه إعادة الإعمار».
وختم جرادي مؤكدا ان «الدولة وحدها تحمي وتبني. لكن المطلوب ازاء هذه المعادلة الصحيحة، ليس الوقوف على فوهة البركان جنوبا وبقاعا وشمالا، بل علينا قبل أي شيء آخر تأمين تكاتف اللبنانيين وتعاضدهم في إعادة بناء المؤسسات، بما يضمن تلقائيا بسط نفوذ الدولة على كل الاراضي اللبنانية، بالتوازي مع تفعيل القطاعات الانتاجية للدولة وفي طليعتها القطاعان المصرفي والصناعي، ويؤمن على مراحل متقاربة زمنيا إعادة الإعمار والنهوض بالبلاد، الامر الذي سيفرض على العالم اجمع الدولة اللبنانية كشخصية معنوية حقيقية كاملة متكاملة، والذي سيأتي حتما وتلقائيا بالاستثمارات من كل حدب وصوب، خصوصا ان حكومة الرئيس نواف سلام قادرة من حيث النوعية والإرادة والأداء السليم على خوض معركة بناء الدولة وإعادتها إلى الخارطة الدولية».